اصرار وزارة المالية بالسطو على ضريبة القات .. هل يفضح مشروع "العليمي" و"باسلمه" لتميكن السلطة المحلية ؟؟
الاحد 26 يناير 2025 - الساعة 01:46 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - خاص
من جديد ، عاود الصراع القانوني بين وزارتي المالية والإدارة المحلية حول تحصيل ضريبة القات بالمحافظات المحررة دون أي تدخل من قبل رئاسة الحكومة او مجلس القيادة الرئاسي وتحديداً رئيسه رشاد العليمي.
الصراع الذي كشف عنه "الرصيف برس" أواخر شهر ديسمبر الماضي ، يعود الى خلاف قانوني بين من وزير المالية ووزير الإدارة المحلية حول الجهة المخولة بتحصيل ضريبة القات.
> للمزيد اقرأ :ضريبة القات تفجر خلافاً قانونياً بين وزارتي المالية والإدارة المحلية حول الجهة المخولة بالإشراف والتحصيل عليها – وثائق
ففي حين يشدد وزير المالية على مسئولية مصلحة الضراب في تحصيلها مستنداً الى نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات النافذ، يؤكد وزير الإدارة المحلية على أحقية السلطات المحلية على الإشراف والرقابة على تقدير وتحصيل وتوريد ضريبة القات.
ويستند وزير الإدارة المحلية على اعتبار ضريبة القات مورداً محلياً وفقاً لنصوص قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م ، واللائحة التنفيذية للقانون.
وفي جولة جديدة من هذا الصراع ، حصل "الرصيف برس" على وثائق حديثة تكشف استمرار الخلاف بين الوزيرين حول هذا الموضوع ، وتمسك كل منهما بموقفه والاحتجاج بنصوص القوانين المشار اليها سابقاً.
وكان لافتاً مستوى الخطاب في الرسالة التي وجهها وزير المالية الى وزير الإدارة المحلية ، ووصف فيها الخلاف حول الموضوع بأنه "الجدل الذي ليس منه جدوى" ، مجدداً تمسكه بالاستناد على قانون ضريبة المبيعات الصادر بسنة ۲۰۰۱م والمعدل بسنة ٢٠٠٥م.
ساخراً من استناد وزير الإدارة المحلية الى نص قانون السلطة المحلية بإلغاء كل نص في أي قانون آخر يتعارض معه ، حيث أشار الى ان قانون ضريبة المبيعات صدر بعد قانون السلطة المحلية وأن القاعدة القانونية تقول أن "النص اللاحق يلغي النص السابق لا العكس".
كما يحتج وزير المالية في خطابه بـ "كون قانون السلطة المحلية قانون عام وقانون ضريبة المبيعات قانون خاص والمعلوم بأن الخاص يقيد العام" ، حسب قوله.
مختتماً خطابه اعتبر فيها "تعطيل العمل بالقانون والتعدي على صلاحيات المؤسسات والمصالح الإيرادية عواقبه وخيمة على الاقتصاد الوطني، مخاطباً وزير الإدارة المحلية بالقول: "تتحمل وزارتكم وكل من يسعى لتعطيل العمل بالقانون المسؤولية القانونية عن أية أثار تترتب على ذلك".
هذا الخطاب رد عليه وزير الإدارة المحلية بمذكرة مطولة مكونة من 5 صفحات لوزير المالية ، جدد فيها التأكيد على الصلاحيات الدستورية التي مُنحت للسلطات المحلية باعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية كأساس لنظام الإدارة المحلية.
مشيراً الى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (283) لسنة 2001م بشأن تحديد قيم أوعية الرسوم المحلية المنصوص عليها في قانون السلطة المحلية مع ما ورد في اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية وخلصت الى اعتبار ضريبة مبيعات القات ضمن الموارد المشتركة على مستوى المحافظة ، والمعني بالتحصيل هو فرع مكتب الضرائب بالمحافظة باعتباره أحد الأجهزة التنفيذية الواقعة في نطاق الوحدة الإدارية وتحت إشراف ورقابة المجلس المحلي بالمحافظة.
لافتاً الى نصوص قانون السلطة المحلية باعتبار المحافظ هو رئيس المجلس المحلي للمحافظة وهو المسؤول الأول فيها بإعتباره ممثل السلطة التنفيذية ويتولى توجيه أجهزتها التنفيذية ، ويعد مكتب الضرائب أحد تلك الأجهزة التنفيذية التي تمارس نشاطها وفقاً لتوجيهات ورقابة وإشراف محافظ المحافظة.
وحول تعلل وزير المالية بنصوص قانون ضريبة المبيعات ، يرد وزير الإدارة المحلية بالتأكيد على أن "الأهم من ذلك أن المعني بالتنفيذ هو المحافظ كونه رئيس الوحدة الإدارية والمسؤول الأول فيها من قبل رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء".
وكرر وزير الإدارة المحلية التأكيد على أن اعتماد اللامركزية وعموم الإدارية والمالية في الدستور اليمني قد ألزم السلطات المركزية التخلي عن سلطاتها أو الكثير منه وتفويضها إلى القيادات المحلية، باعتبار المحافظ رئيس السلطة التنفيذية وهو من يتولى الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات العامة للدولة في إدارته لشئون المحافظة.
وفيما يتعلق بحجية وزير المالية في القول بأن "قانون السلطة المحلية قانون عام وقانون ضريبة المبيعات قانون خاص والمعلوم أن الخاص يقيد العام" ، اعتبر وزير الإدارة المحلية ذلك بأن "إستدلال مبنى على فهم قاصر للمبادئ الدستورية العليا لدستور الجمهورية اليمنية.
مؤكداً بأن ذلك يخلص معه أن قانون السلطة المحلية يعد بمثابة دستور خاص بالوحدات المحلية ويعد بمثابة مرجعية للتعارض والخلاف بين النصوص العادية المتضمنة القوانين العادية.
مشروع "العليمي" و"باسلمه"
ما يثير الانتباه في خطاب وزير الإدارة المحلية تركيزه الواضح على مبادئ الدستور واعتماد مبدأ اللامركزية بمنح السلطة المحلية صلاحيات واسعة ، في وجه محاولات وزير المالية السطو على أهم مورد مالي تعتمد عليه السلطات المحلية بالمحافظة.
هذا التركيز للوزير يثير التساؤلات حول سبب صمت رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي عن هذا الصراع وعدم الوقوف الى جانب موقف وزير الإدارة المحلية تأكيد لمصداقية المشروع الذي تم الكشف عنه قبل نحو عامين بتوجهه نحو دعم واسع لسلطات المحلية بالمحافظات المحررة.
> واقرأ ايضاً : وزارة الإدارة المحلية توضح حقيقة مشروع "تمكين السلطات المحلية" وتطبيقه في ثلاث محافظات
ففي سبتمبر من عام 2023م ، ظهر وزير النقل الأسبق بدر باسلمه في إحدى الصحف السعودية بصفته المزعومة رئيس اللجنة الفنية لمشروع "تمكين السلطات المحلية" ، وزعم بان المشروع الذي وصفه بأن "أضخم مشروع" لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ، يهدف الى إحداث نقلة نوعية في مختلف المحافظات المحررة، وأن البداية ستكون من محافظات حضرموت وعدن وتعز .
وقبل ذلك بنحو 3 أشهر كان الرجل يصرح من داخل مدينة تعز وعقب لقاءه مع قيادة المحافظة والأمن والجيش للحديث عن ما اسماها "خارطة تمكين السلطات المحلية من التنمية الاقتصادي" ، وقال بأن هدفها تعزيز الحكم المحلي وإزالة كافة العوائق لتقديم تجربة محلية رائدة ، لافتا الى تشكيل لجنة بتوجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي للتحضير للمؤتمر التشاوري للسلطات المحلية والمركزية لتأطير العلاقة بين المحليات والمركزية، وهو مالم تعلم بها الحكومة ولا وزارة الإدارة المحلية المعنية بذلك.
وفي حين لم يرى هذا المؤتمر المزعوم النور طيلة العامين الماضين ، غاب باسلمه وغابت معه خارطته ، ولم يكن له من ظهور سوى لمرة واحدة في مارس 2024م باجتماع مشترك للحكومة وقيادات السلطات المحلية ترأسه العليمي في قصر المعاشيق بالعاصمة عدن، وظهر الى جواره باسمله بصفته "مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون السلطة المحلية" ، بحسب وكالة "سبأ" الرسمية.
هذا القرار الذي يعد واحداً من بين مئات القرارات غير المعلنة للعليمي ، ربما يكشف الهدف الحقيقي لمشروع باسلمه المزعوم ومعه العليمي "لتمكين السلطة المحلية" بكونه لافتة ، فقد غاب المشروع واصحابه في اول امتحان حقيقي له ، تجسد بالصراع القانوني الحالي حول ضريبة القات.