جدية الجنوب وأزمة الشمال في مواجهة الحوثي .. هل تحصد واشنطن خيبة الرياض ؟!

الاثنين 27 يناير 2025 - الساعة 12:02 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


رغم مستوى التفاؤل الكبير الذي احدثه قرار الإدارة الامريكية الجديدة إعادة تصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية ، الا أن استمرار غياب أي تحرك جاد من جانب معسكر الشرعية لاستغلال ذلك ، يُهدد بانتكاسة جديدة لأحلام اليمنيين بالتخلص من المليشيا.

 

فمنذ إعلان البيت الأبيض، إعادة تصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية ، بموجب قرار من قبل الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ، الأربعاء الماضي وبعد يوم واحد من تنصيبه ، الا أن ردود الأفعال من جانب مجلس القيادة الرئاسي وحكومته اكتفت فقط ببيانات الترحيب بالقرار.

 

وعلى عكس المتوقع، لم يصدر عن مجلس القيادة الرئاسي وحكومته أي تحرك ملموس لاستغلال القرار الأمريكي في تشديد الخناق على مليشيا الحوثي وقطع مصادر تموليها وعزلها عن العالم ، كما يهدف اليه قرار الرئيس الأمريكي.

 

بل أن اللافت هو استمرار بقاء تواجد رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة خارج البلاد ، في مشهد يُعيد التذكير بحال الشرعية في عهد الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، خلال سنوات الحرب ، وجرى وصمها حينها بـ"شرعية المنفى"، ومثل ذلك أحد أهم الأسباب لإطاحة بالرجل وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي بديلاً عنه في إبريل 2022م.

 

وجاء تشكيل مجلس القيادة الرئاسي حينها كأحد مخرجات مؤتمر الرياض لمكونات وقوى الشرعية ، وكان من أبرز هذه المخرجات إعلان فشل الحلول العسكرية في الصراع مع جماعة الحوثي، ودعوة مجلس القيادة إلى البدء في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل.

 

ولم يكن هذا الإعلان تجسيداً لقناعة من حضر المشاورات بقدر ما كان إعلاناً عن التوجه الجديد لقيادة السعودية للخروج من ملف الحرب في اليمن ، بعد 7 سنوات من قيادتها لتحالف عسكري تم تدشينه في مارس 2015م لدعم شرعية الرئيس هادي في وجه انقلاب مليشيا الحوثي.

 

7 سنوات من الحرب انتهت بانهيار جبهات الشرعية شمالاً بوجه الحوثي وتبخر كل ما حققه التحالف بقيادة السعودية هناك من تحرير وعودة الموقف شمالاً الى ما قبل اندلاع عاصفة الحزم عام 2015م بصمود مدينتي تعز ومأرب.

 

وكان الاستثناء في مشهد الشمال ما تم تحريره من الساحل الغربي على يد القوات المشتركة التي تضم قوات العمالقة الجنوبية وقوات المقاومة الوطنية، في حين حافظت القوات الجنوبية على الإنجاز الأهم للتحالف بتحرير مناطق الجنوب بالكامل من قبضة مليشيا الحوثي في العام الأول من عاصفة الحزم.

 

حصيلة مؤلمة حصدتها الرياض في ملف الحرب باليمن اوصلتها الى القناعة التي عبرت عنها مخرجات مشاورات الرياض بفشل الخيار العسكري والاتجاه نحو خيار المفاوضات مع مليشيا الحوثي لإنهاء الصراع في اليمن. 

 

الا أن الحقيقة لم تكن فشل الخيار العسكري بل فشل الأدوات التي تم تسليمها لملف الحرب في الشمال من قبل السعودية ، على عكس الحال مع العضو الأخر في التحالف المتمثل بالأمارات التي سجلت نجاحات عسكرية في ملف الحرب في اليمن في كل المعارك التي ادارتها.

 

نحاج اماراتي تجسد بالتحالف المتين مع قوى الجنوب من حراك جنوبي وسلفيين والتي نجحت بوقت قياسي في تحرير جغرافيا الجنوب من قبضة مليشيا الحوثي ، وتكرر الأمر بمعارك تحرير الساحل الغربي وصولاً الى مدينة الحديدة قبل ان يتم وقف المعركة باتفاق السويد أواخر 2018م.

 

حقائق ونتائج تُعزز ان الفشل العسكري لم يكن الا فشلاً للأدوات في المعركة شمالاً ، في حين استفاد الجنوب من الجذوة التي اشعلها الحراك الجنوبي في خلق مقاومة وقيادات عسكرية وسياسية متسلحة بإيمانه بقضيتها "القضية الجنوبية".

 

وهو ما يبدو ان المشهد يُعيد نفسه حالياً مع اختلاف الدور بين الرياض والاقليم عام 2015م وواشنطن ومن خلفها الغرب حالياً ، باتخاذ قرار المواجهة ضد التهديد الذي تشكله مليشيا الحوثي الإرهابية نحوها ، ويمكن هنا اعتبار لحظة التصنيف الأمريكي للمليشيا اشبه بلحظة اطلاق عاصفة الحزم.

 

فالتصنيف الأمريكي يعبر عن رغبة دولية وغربية في انهاء التهديد الذي تمارسه مليشيا الحوثي منذ عام ضد الملاحة الدولية وضد استقرار الأقليم بدعم من النظام الإيراني الذي باتت المليشيا آخر أوراقه بعد هزائمه في لبنان وسوريا وتجميد نفوذه بالعراق.

 

الا أن هذه الرغبة تبقى مرهوناً بوجود قوى على الأرض تملك الرغبة في انتزاع جغرافيا الشمال من قبضة مليشيا الحوثي عسكرياً ، وهو ما يبدو غائباً حتى اللحظة ، بل ان المفارقة في تبابين الموقف داخل مجلس القيادة الرئاسي يشير الى تكرار المشهد في عاصفة الحزم.

 

فالمجلس المكون مناصفة من الشمال والجنوب ، كان لافتاً الصوت المرتفع لعضوه ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي خلال الأسبوع الماضي وتصريحاته البارزة لوسائل إعلام دولية اثناء مشاركته في منتدى دافوس وعلق فيها على الخطوة الأمريكية.

 

حيث يعكس الرجل في تصريحاته الرغبة الواضحة باستغلال الخطوة الأمريكي ، واظهرت التصريحات حماسه نحو تفعيل الخيار العسكري لمواجهة مليشيا الحوثي ، على عكس موقف أعضاء المجلس الرئاسي المحسوبين على الشمال ، الذي لم يصدر منهم حتى اللحظة أي تصريح او تحرك منذ القرار الأمريكي.

 

في حين اقتصر التحرك الوحيد المعلن من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي عقب القرار الأمريكي ، على بحث تداعيات القرار على الملف الاقتصادي باتصال هاتفي مع محافظ البنك المركزي ، ولقاء "افتراضي" مع المحافظ ورئيس الفريق الاقتصادي.

 

مشهد يعكس الأزمة التي يعاني منها الشمال منذ 2015م بغياب قيادة ونخبة تقود معركته العسكرية بمواجهة مليشيا الحوثي كما حصل في الجنوب، ويبدو ان الأمر مستمر رغم الفرصة السانحة التي يوفرها التوجه الغربي في مواجهة تهديدات مليشيات الحوثي ، وقد يمثل ضياع هذه الفرصة مأساة بحق اليمنيين القابعين تحت رحمة المليشيا.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس