نفاق بقضية فلسطين على دماء اليمنيين .. عُمان وفن الرقص في ميدان السياسة
الاحد 09 مارس 2025 - الساعة 01:30 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

من جديد يُعاود مفتي سلطنة عُمان أحمد الخليلي مدح ما تقوم به مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن تحت لافتة اسناد القضية الفلسطينية، ويُعيد معه تسليط الضوء على سياسة بلاده تجاه اليمن الغارقة في حرب فجرتها المليشيا قبل 10 سنوات.
وعلى حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي ، أشاد الخليلي بالتهديد الذي أطلقه زعيم مليشيا الحوثي امس الجمعة باستئناف الهجمات ضد السفن بالبحر اذا لم تقم إسرائيل بإدخال المساعدات لقطاع غزة خلال 4 أيام.
ومنذ احداث طوفان الأقصى مطلع أكتوبر من 2023م ، دأب مفتي عُمان على كيل المديح والثناء لمليشيا الحوثي الإرهابية وما تقوم به من هجمات صاروخية نحو إسرائيل واستهداف السفن بالبحر الأحمر وباب المندب تحت مزاعم اسناد غزة.
وفي كل مرة يُصدر فيها الرجل مواقف كهذه ، يُقابل بتنديد واستنكار من قبل اليمنيين المعارضين لمليشيا الحوثي الإرهابية ، ومحاولته الواضحة إضفاء الشرعية على المليشيا باعتبارها ممثلاً عن اليمن واليمنيين ، كحال الموقف الأخير الذي وصف فيه المليشيا بـ " أبطال اليمن ".
ويرى خصوم مليشيا الحوثي بأن مواقف الخليلي تفضح محاولات النظام في عُمان ادعاء الحياد في الملف اليمني وتُجسد حقيقة موقفه المنحاز الى صف المليشيا ، بعد ان باتت أراضي السلطنة ممراً لتهريب الأسلحة من إيران الى المليشيا ونافذة لها الى العالم.
وبعيداً عن ذلك ، فإن مواقف الرجل تُجسد محاولة نظام سلطنة عُمان اتخاذ سياسة الموازنة بين الملفات والقضايا في المنطقة إلا أن المحصلة تظهر كـ "نفاق سياسي" يمارسه النظام بعدم الوضوح بموقف واحد من القضايا ، بل واتخاذ مواقف متناقضة في قضية واحدة ، كقضية فلسطين مثلاً.
ففي حين يدفع النظام بالمفتي الخليلي الى الإشادة والمديح بما تقوم به مليشيا الحوثي من تصعيد ضد الملاحة الدولية ومهاجمة إسرائيل بمزاعم اسناد فلسطين ، يتساءل اليمنيون في وجه الرجل : ولماذا لا تقوم بلادك بذات الأمر بدلاً من الاكتفاء بالإشادة؟.
سؤال يتطلب الإجابة عليه العودة الى تاريخ النظام العُماني المتناقض فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، ففي حين كانت مسقط من أوائل الدول العربية التي أصدرت قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل عام 1972م ، الا أنها كانت من أوائل الدول العربية التي اقامت معها علاقات علنية.
حيث كانت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين لعُمان في سبتمبر 1994، بدعوة مباشرة من السلطان الراحل قابوس بن سعيد، أول زيارة رسميّة ومعلنة يقوم بها مسؤول إسرائيليّ لدولة خليجيّة ، والبداية العلنية للعلاقات بين الطرفين.
وتوسعت العلاقات بين تل ابيب ومسقط بتوقيع الطرفين عام 1996م اتفاقاً لتبادل افتتاح مكاتب تجارية بين البلدين ، وعلى الرغم من تجميد الاتفاق عام 2000م بسبب الضغوط الشعبية الغاضبة من جرائم إسرائيلية بالانتفاضة الفلسطينية الأولى ، الا أن العلاقات بين الطرفين استمرت بشكل سري وبعيداً عن الأضواء بزيارات متبادلة لمسئولين من الجانبين ولقاءات بينهما في مناسبات مختلفة.
لتعود هذه العلاقة إلى ذروتها العلنية في أكتوبر عام 2018، في زيارة مفاجئة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمسقط ولقاءه مع قابوس بن سعيد ، بررتها مسقط حينها بأنها تهدف الى "الدفع نحو استئناف مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
التناقض في مواقف مسقط تجلى مرة أخرى أواخر عام 2022م، حين اعتماد مجلس الشورى العُماني اقتراحاً لتوسيع قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل الصادر عام 72م ، لكن بعد أقل من 3 أشهر أعلنت سلطنة عمان فتح أجوائها للطيران الإسرائيلي بكافة أنواعه.
هذا التناقض الواضح في مواقف النظام في عُمان ، يُمكن اعتباره تجسيداً للانتهازية السياسية للنظام وعدم رغبه في خسارة مصالحه لدى جميع القوى والأطراف.
فالمزايدة بقضية فلسطين والدعم غير المُعلن لمليشيا الحوثي في اليمن هو أمر ضروري للنظام العُماني ليحافظ على العلاقة القوية بالنظام الإيراني والتي تصل الى حد التحالف ويعزز ذلك التقارب المذهبي بين مذهب الاباضية السائد في عُمان مع المذهب الشيعي الإثنى عشري الذي يعتنقه نظام ولاية الفقية في إيران.
وفي ذات الوقت يحرص النظام في مسقط على حماية وجوده بعلاقة قوية مع الغرب وتحديداً أمريكا وبريطانيا وأوروبا ، والبوابة الجيدة لذلك هي تل أبيب ، كما ان نظام عُمان يدرك فداحة وحماقة السير على خطى مليشيا الحوثي ومهاجمة إسرائيل او الملاحة الدولية.
لذا يرى نظام مسقط في دعم مليشيا الحوثي والاشادة بما تقوم به موقفاً "رخصياً" لا يكلف شيئاً للمزايدة بالقضية الفلسطينية امام الداخل والخارج ، وان كان ذلك على حساب اليمنيين الذين يزج بهم الحوثي في معارك عدمية لمواجهة أقوى الجيوش والترسانات العسكرية في العالم تحت شماعة القضية الفلسطينية.