كابوس سقوط الأسد .. لماذا اثار طارق صالح جنون مليشيا الحوثي ؟
الاحد 13 ابريل 2025 - الساعة 11:38 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

في حدث لافت ، أثار حديث ادلى به عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات المقاومة الوطنية العميد / طارق صالح في لقاء امس السبت ، ردود أفعال عاصفة لدى مليشيا الحوثي الإرهابية.
والقى العميد طارق كلمة خلال ترؤسه اللقاء الموسع لقيادات المقاومة الوطنية بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسها، جرى بثها من قبل وسائل الاعلام المحلية ومن قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم ان العميد كثف مؤخراً من لقاءاته واجتماعاته في مدينة المخا غربي تعز وغالباً ما تتضمن كلمة له يتم بثها ، الا أن كلمته في اللقاء الموسع كانت لها ردة فعل غير متوقعة لدى المليشيا الحوثي.
واللافت ان ردة الفعل هذه لم تقتصر على الهجوم او السخرية كما هو المتوقع ، بل وصل حد استخدام الشتائم والسباب بألفاظ نابية ومن قبل قيادات إعلامية بارزة في صفوف مليشيا الحوثي ، وهو ما يُثير التساؤل حول أسباب هذا الانفعال الواضح من الأمر.
ويمكن الإجابة على هذا السؤال بالعودة الى مضامين خطاب طارق صالح وارتباطه بالتطورات الأخيرة وبالوضع الذي باتت تعيشه مليشيا الحوثي مع اقتراب الحملة الجوية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية بضربات عنيفة ضد مواقع للمليشيا في مناطق سيطرتها من إتمام شهرها الأول.
ومنذ منتصف الشهر الماضي ، تستهدف المقاتلات الأمريكية بعشرات الغارات اليومية مواقع تخزين أسلحة المليشيا واهمها الصواريخ البالستية والطائرات المُسيرة ومراكز عمليات التحكم والسيطرة ومنظومات الاتصال وصولاً الى ملاحقة بعض القيادات بالمليشيا، وسط تكتم شديد تفرضه المليشيا لمنع أي معلومات حول هذه الغارات.
وبالتزامن مع هذه الغارات ، تصاعدت مؤخراً تقارير إعلامية عربية ودولية وبعضها أمريكية عن نوايا لدى واشنطن بدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي، وترافق ذلك مع تصريحات لمسئولين في الشرعية تتحدث عن قرب حسم الصراع مع المليشيا.
الحديث عن وجود نوايا وخطط للتحرك على الأرض وبدعم دولي يُثير مخاوف المليشيا الحوثي حول قدرتها على مواجهة ذلك في ظل ما تعانيه من تأثير الضربات الأمريكية المستمرة ، وفي ظل إدراكها لوجود رفض شعبي واسع ضدها في مناطق سيطرتها بعد 10 سنوات على الحرب.
وما يضاعف هذه المخاوف هي الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الماضية وما تعرض له المشروع الإيراني الذي تعد المليشيا الحوثية أحد فروعه ، في المنطقة العربية من ضربات عنيفة بدأت بتصفية قيادة مليشيا حزب الله في لبنان مروراً بسقوط نظام الأسد في سوريا.
السقوط المفاجئ وغير المتوقع لنظام الأسد امام قوات المعارضة السورية وخلال أيام فقط ، هو السيناريو الأكثر رعباً في نظر المليشيا الحوثية في اليمن ، بالنظر الى ان وضع نظام الأسد كان افضل بكثير عن حالها.
فالأسد عسكرياً كان يملك جيشاً منظماً ومسلحاً ومدعوماً بعشرات الالاف من عناصر المليشيات الإيرانية يضاف له دعم جوي ولوجستي روسي، وأمنياً كانت قبضة نظام الأسد المستمدة من فترة حكم شديدة القمع وتمتد لستة عقود، تُحكم سيطرتها على أكثر من ثلثي البلاد وعلى أكبر وأهم مدنها بصورة يستحيل معها إمكانية حدوث أي اختراق او اثارة للوضع من الداخل.
وعلى الناحية الأخرى ، كانت قوات المعارضة السورية التي شنت هجومها واسقطت لاحقاً نظام بشار قد انكفأت منذ سنوات بأقصى شمال سوريا وهي أدلب في رقعة جغرافية لا تزيد عن 10% من مساحة البلاد ، وبعض الالاف من المقاتلين والعتاد الخفيف والمتوسط.
في حين ان الصورة في المشهد اليمني على العكس من ذلك تماماً ، فخصوم المليشيا الحوثي هم الشرعية المعترف بها دولياً وتُسيطر على 70% من مساحة البلاد وتملك تشكيلات عسكرية منظمة ، وعلى الرغم من الخلافات والتباينات فيما بينها الا ان المليشيا الحوثي تبقى خصماً مشتركاً لها يُسهل من عملية توحدها على الأرض في حالة تجدد المواجهات.
وجسدت معارك الساحل الغربي عام 2018م وتجربة "القوات المشتركة" مثالاً واضحاً على ذلك ، وتمكنت في أسابيع من تحرير الساحل الغربي انطلاقاً من مدينة المخا وصولاً الى تطويق مليشيا الحوثي داخل مدينة الحديدة ، قبل ان يتدخل المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا وبريطانيا لوقف المعركة بذريعة "الأزمة الإنسانية".
الا ان ذات المجتمع الدولي الذي تدخل قبل نحو 7 سنوات لوقف معركة تحرير الحديدة بات اليوم مؤيد لذلك ، وهو ما يُفسر جنون المليشيا الحوثية من خطاب العميد طارق صالح امس السبت ، دعا فيه بشكل صريح الى تشكيل تحالف دولي للتخلص من انقلاب مليشيا الحوثي.
وما ضاعف من جنون المليشيا كان الرسائل المبطنة التي تضمنها خطاب العميد طارق صالح ، أهمها حديثه عن اجتماع مرتقب لمجلس القيادة الرئاسي لاتخاذ موقف سياسي من أي مبادرة دولية لتحرير اليمن من قبضة مليشيا الحوثي الإرهابية.
داعياً في هذا السياق إلى ضرورة استثمار المتغيرات السياسية والعسكرية الحالية، وتكثيف التواصل مع المجتمع الدولي لاستعادة دولة المؤسسات وإسقاط مشروع الحرس الثوري في البلاد.
وكان لافتاً دعوة العميد طارق صالح في خطابه للمليشيا الحوثي الى تسليم صنعاء ومؤسسات الدولة وانهاء انقلابها وتجنيب البلاد المزيد من الحروب، وتركيز على مخاطبة الحاضرين من القيادات العسكرية بتجنب سياسية الانتقام والتأكيد على عدم وجود أي ثأر من أي أحد حتى من عناصر المليشيا الحوثية الذين اعتبرهم "مغرر بهم".
وما زاد من جنون المليشيا – على ما يبدو – كان إشارة العميد طارق صالح الى وجود تواصل بينه وبين أبناء المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية ، طالباً من الحاضرين من القيادات العسكرية والسياسية ان يكثفوا تواصلهم وارتباطهم بأبناء هذه المناطق.
هذا الحديث من قبل العميد طارق صالح عن التواصل والارتباط مع أبناء المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية يُثير الرعب لدى المليشيا التي تُدرك من ناحية حجم الغضب الشعبي ضدها ومن ناحية أخرى حجم القاعدة التي يتكأ عليه العميد طارق صالح في هذه المناطق يستمده من أرث حكم عمه الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.
فتجربة الانتفاضة التي دعا لها صالح في الثاني من ديسمبر عام 2017م ، لا تزال حاضرة في أذهان المليشيا الحوثية التي تُدرك ان الظروف التي ساعدتها حينها على وأد الانتفاضة تغيب اليوم تماماً ، وان أي تحرك سواء انطلق من داخل مناطق سيطرتها او من خصومها بالجبهات وكان ذلك متزامناً او منفرداً لأي منهما ، ربما يجعلها امام نسخة مما حدث لنظام الأسد في سوريا ان لم يكن اسرع.