من وحي إحاطة المبعوث الأممي .. تركيع المناطق المحررة بالأزمات لقبول التسوية مع الحوثي
الخميس 15 مايو 2025 - الساعة 11:45 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن أمس الأربعاء ، سلط المبعوث الأممي الخاص لليمن هانس غروندبرغ الضوء حول ما اسماه "التدهور الاقتصادي" في مناطق سيطرة الحكومة وجماعة الحوثي ، معتبراً ان ذلك يؤكد الحاجة الملحة لمسار سياسي في اليمن.
ورغم ان المبعوث تحدث عن ملامح لهذا التدهور الاقتصادي في كل من مناطق سيطرة الحكومة وجماعة الحوثي ، الا أن تركيزه الواضح في شرح مظاهر هذا التدهور في المناطق المحررة كان لافتاً ، وبصورة توحي بانطباع بان الوضع الاقتصادي هناك اسوء من نظيره بمناطق جماعة الحوثي.
حيث اسهب المبعوث الأممي في احاطته بالحديث عن التدهور الاقتصادي والخدمي بالمناطق المحررة ، حيث أشار الى ما شهدته العملة هناك من تدهوراً متواصلاً خلال الشهر الماضي، تجاوز معه سعر الصرف 2,500 للريال اليمني مقابل الدولار.
كما تحدث المبعوث عن مواجهة المواطنين بمناطق الشرعية لتدهور مستمر في خدمات الكهرباء ، وأشار الى انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 15 ساعة يومياً في عدن، وانقطاع كامل دام لأكثر من أسبوعين في محافظتي لحج وأبين المجاورتين.
كما كان لافتاً تطرق المبعوث الأممي غروندبرغ الى التظاهرة النسائية التي شهدتها عدن يوم السبت الماضي، للاحتجاج والمطالبة بتحسين الخدمات العامة والاقتصاد في المناطق المحررة.
غروندبرغ الذي تجاهل الإشارة الى أسباب التدهور الاقتصادي بالمناطق المحررة وعلى رأسها وقف هجمات مليشيا الحوثي لعملية تصدير النفط منذ اكثر من عامين ، ختم حديثه في الإحاطة عن الجانب الاقتصادي بالقول "ان التدهور الاقتصادي العام في كافة أنحاء اليمن يُبرز مدى الحاجة الملحة لمسار سياسي".
وفي حين يحمل ربط المبعوث الأممي للملف الاقتصادي بالملف السياسي قدراً كبيراً من الصحة فكل ما تعانيه اليمن اليوم اقتصادياً هو انعكاس للحرب التي اشعلتها مليشيا الحوثي الارهابية، الا ان تفاصيل مشهد الانهيار الخدمي والاقتصادي في المناطق المحررة يقول أمر أخر.
فما تعانيه المناطق المحررة اليوم من انهيار قياسي للعملة والخدمات وان كانت مليشيا الحوثي تتحمل مسئوليته المباشرة ، الا أن موقف وتعامل الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي وحكومته ومعهم الحليف ممثلاً بالسعودية ، يُثير علامة استفهام كبيرة.
فالانهيار الذي تعاني منه العملة المحلية في المناطق المحررة وأيضاً الخدمات وعلى رأسها الكهرباء ليست عصية على الحل ، بل ان الشرعية لوحدها على أقل تقدير تملك حلولاً لوقف مشهد الانهيار ، فضلاً عن قدرتها على حل هذه الازمات في حالة توفر الدعم من قبل السعودية قائدة التحالف ومن تتولى ملف اليمن دولياً.
ولعل ملف انهيار العملة المحلية ابرز مثال على ذلك ، فالمزادات التي يُقدمها البنك المركزي في عدن لبيع العملة الصعبة بشكل شبه اسبوعي ومستوى الاقبال الضعيف عليها يكشف عدم وجود طلب حقيقي للعملة الصعبة يُفسر تراجع العملة المحلية بهذا الشكل.
ما يعني ان أسعار الصرف الحالية بالمناطق المحررة غير حقيقة ولا تعكس قيمة العملة المحلية ، جراء غياب سلطة الحكومة الشرعية ممثلة بالبنك المركزي على السوق المصرفي بالمناطق المحررة، وان فرض هذه السلطة سيعمل بالتأكيد على وقف انهيار العملة وتراجعها الى المستوى الحقيقي لها.
وذات الأمر ينطبق على ملف الخدمات واهمها خدمة الكهرباء ، فعلى الرغم من حقيقة ان حل أزمة الكهرباء بشكل كامل في المناطق المحررة يتطلب مشاريع لمحطات استراتيجية تفوق قدرة الحكومة حالياً ، الا أن ذلك لا يعني عجزها التام عن تحسين خدمة الكهرباء بحسب ما هو متوفر لديها من إمكانيات.
بل ان بعض التفاصيل في أزمة الكهرباء تؤكد أنها أزمة إدارة أكثر منها أزمة إمكانيات ، وعلى سبيل المثال ، عدم تشغيل أكبر محطة كهرباء في عدن وهي محطة بترومسيلة بقوتها الكاملة 264ميجاوات منذ أكثر من عامين رغم أنها تعمل بوقود النفط الخام ويمكن تزويدها من حقول الإنتاج في حضرموت وشبوة ومأرب.
تفاصيل وحقائق تؤكدان موقف الشرعية والتحالف إزاء هذه الأزمات ليس عجزاً تاماً عن مواجهتها وحلها ، بل بات واضحاً عدم وجود نية وإرادة لذلك لأسباب غير مفهومة ، تجعل التفسير الوحيد لذلك هو تعمد إبقاء الازمات بالمناطق المحررة لضمان تمرير تسوية سياسية مع مليشيا الحوثي ، ربما لن يكتب لها النجاح لو كان المشهد بالمناطق المحررة أقل تأزماً مما هو عليه حالياً.