عبث بمئات المليارات .. تسعيرة "بن وهيط" تفتح ملف غاز صافر
الخميس 21 أغسطس 2025 - الساعة 05:17 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص

لا تزال موجة الرفض مستمرة للتسعيرة الأخيرة المُعلنة من قبل الشركة اليمنية للغاز – صافر لبيع أسطوانة الغاز المنزلي بالمحافظات المحررة.
وأصدرت الشركة اليمنية للغاز السبت الماضي تعميماً بتسعيرة جديدة لمادة الغاز المنزلي ، بعد مطالبات شعبية واسعة عقب تحسن قيمة العملة المحلية ، دفعت برئيس الوزراء سالم بن بريك الى استدعاء المدير التنفيذي للشركة اليمنية للغاز محسن بن وهيط واللقاء به في عدن.
ووجه بن بريك في الاجتماع بن وهيط بتقليص الفارق الكبير بين سعر البيع الرسمي في صافر والبالغ 3550 ريال للأسطوانة والواصل للمستهلك، وتحديد هامش ربح معقول ، بحسب ما نشرته وكالة "سبأ".
الا أن التعميم الذي أصدره بن وهيط السبت الماضي بالتسعيرة الجديدة لم تعكس ذلك ،حيث حدد التعميم تسعيرة خاصة لكل محافظات من المحافظات المحررة لبيع الأسطوانة ( 20 لتر ) ، تحت ذريعة تكاليف أجور النقل.
التسعيرة التي أضيف لها مبلغ 500 ريال كربح لوكلاء البيع ، تبدأ من 5373 ريالاً للأسطوانة في مأرب ، وصولاً الى 7973 ريالاً للأسطوانة داخل مدينة تعز.
هذا المبلغ الذي حدده بن وهيط كربح لوكلاء البيع قوبل برفض منهم ، وخاصة في العاصمة عدن ومحافظ تعز ، اللتان تضمان الكثافة السكانية الأكبر بالمناطق المحررة.
وكشفت وثيقة رسمية صادرة عن وزير الدولة محافظ عدن احمد لملس من رئيس الوزراء سالم بن بريك ، عن رفض وكلاء الغاز في عدن للتسعيرة وللمبلغ المحدد لهم كهامش ربح ، معلنين الامتناع عن استلام حصصهم من الغاز من المحطات المركزية.
للمزيد اقرأ : محافظ عدن يخاطب رئيس الوزراء بتلاعب شركة الغاز بمأرب – وثيقة
وأكد محافظ عدن في خطابه بان "هذا المبلغ زهيد جداً مقارنة بما يتم صرفه من قبل شركة الغاز في أجور النقل وإيجار المحلات وكذا عمليات التحميل والتنزيل وصرفيات أخرى".
الشكوك التي اثارها محافظ عدن في هذه المقارنة حول تكلفة عملية نقل الغاز التي تصرفها الشركة ، ركز عليها البيان الصادر عن وكلاء مادة الغاز في محافظة تعز والذي أعلنوا فيه الأضراب لرفض التسعيرة الجديدة.
واتهم الوكلاء مدير شركة الغاز، محسن بن وهيط، بالتحايل في قرار تخفيض الأسعار، معتبرين أن التخفيض اقتصر على حصصهم وأرباحهم، دون أن يشمل أجور النقل من مأرب إلى تعز.
وأوضح الوكلاء أن أجور نقل مقطورة الغاز من مأرب إلى تعز كانت 6.1 مليون ريال عندما كان سعر صرف الريال السعودي يعادل 780 ريالًا يمنيًا، وبعد قرار التخفيض لم يُخصم سوى 200 ألف ريال فقط، لتصبح الأجور 5.9 مليون ريال.
وأشاروا إلى أن الصورة الرسمية لأجور النقل بتاريخ 20 يناير 2024، حين كان سعر الصرف 420 ريالًا، تُظهر أن الأجور حينها كانت 5.4 مليون ريال فقط، وهو ما يثبت – بحسب قولهم – أن التخفيض الحالي غير حقيقي ولا يصب في مصلحة المواطن.
وأكد الوكلاء أن مدير الشركة خفّض سعر الغاز من أرباحهم فقط، دون المساس بأجور النقل، الأمر الذي اعتبروه إجحافًا بحقهم ودفعهم إلى إعلان الإضراب، مشيرين إلى أن الحل العادل يتمثل في تخفيض أجور النقل بما يتناسب مع أسعار الصرف، وليس تحميل الوكلاء وحدهم كامل العبء.
ما طرحه وكلاء الغاز في تعز يُشير الى تلاعب واضح من قبل إدارة شركة الغاز في مأرب ، ويُعزز الشكوك المُثارة حول حقيقة السعر الذي تبيع به الشركة هذه المادة الهامة والحيوية للمواطنين.
فحديث وكلاء تعز ، أشار الى الإعلان السابق من بن وهيط قبل التسعيرة الأخيرة ، بتخفيض مبلغ 200الف ريال فقط في تكلفة النقل للمقطورة الواحدة الى تعز من اجمالي6.1 مليون ريال.
أي أن تخفيض بن وهيط بلغ نحو 3.2% فقط من أجور النقل ، في حين ان أسعار المشتقات النفطية شهدت انخفاضاً بنحو 40% وهي نسبة مقاربة لانخفاض أسعار الصرف ، ما يُثير الشكوك حول حقيقة تكلفة النقل.
كما ان الرقم الحالي لتكلفة النقل الى تعز للمقطورة الواحدة والبالغة 5,9مليون ريال بحسب حديث الوكلاء ، تُعد رقماً مبالغاً فيه ، أي ان تكلفة نقل أسطوانة الغاز من مأرب الى تعز تصل الى نحو 2700ريال ، في حين أن سعرها الرسمي 3550 ريالاً.
وهو ما يُثير التساؤلات والشكوك حول حقيقة ان تصل تكلفة نقل مادة الغاز الى نحو 76% من قيمتها ، وهو أمر تقول مصادر خاصة لـ"الرصيف برس" بانه يفضح تلاعب شركة الغاز وتحقيقها لأرباح بمئات المليارات من الريالات خارج القانون وخارج خزينة الدولة أيضاً.
وتوضح المصادر بان التسعيرة الأخيرة توضح أولاً ان الشركة غير ملتزمة بالسعر الرسمي المُقر من الحكومة لأسطوانة الغاز وهو 3550 ريالاً ، فهي تبيعها بأكثر من 1350 ريالاً عن هذا السعر داخل مدينة مأرب نفسها التي لا تتطلب أجور نقل عالية لتبرير هذه الزيادة.
وكشفت المصادر بان الشركة تفرض زيادة كبيرة على سعر الأسطوانة فوق السعر الرسمي ، وتتقاسمها مع مالكي مقطورات نقل الغاز في صفقة مشبوهة بين الطرفين ، مؤكدة ان التلاعب يتم تحت نافذة "أجور النقل".
المصادر أوضحت الى وجود عدد كبير من مقطورات الغاز المرخصة يتجاوز حالياً نحو 3 الالاف مقطورة ، ومع سعة محدودة للتعبئة اليومية من منشأة صافر والتي تبلغ 80 مقطورة فقط يومياً، فان ذلك يؤدي الى تكدس المئات منها بانتظار التعبئة.
مشيرة الى ان ذلك دفع بالشركة الى عقده صفقة مشبوهة لتعويض مالكي المقطورات على حساب المواطنين ، برفع وهمي لتكلفة النقل ، وصلت الى نحو 6 ملايين ريال الى محافظة تعز ، وهو رقم غير واقعي لتكلفة النقل الحقيقية.
ولفتت المصادر الى ان تكلفة النقل لمادة الغاز عام 2011م كانت 200الف ريال للمقطورة لجميع المحافظات (ما يعادل الف دولار حالياً) ، مشيرة الى ان عدد المقطورات حينها لم يكن يتجاوز الـ 600 فقط.
وبحسب المصادر فان تكلفة النقل تضاعفت بشكل مريب عقب قيام حكومة باسندوة حينها بإصدار تراخيص نحو 3 الالاف مقطورة ، ومع سقوط صنعاء بيد مليشيا الحوثي أواخر 2014م قامت المليشيا بإصدار تراخيص لنحو الفي مقطورة.
مشيرة الى ان ذلك ترافق مع تضاعف مريب لتكلفة النقل للمقطورة الواحدة ، ووصل الى نحو 10 مليون ريال عام 2015م ، رغم ان أسعار المشتقات النفطية لم تشهد ارتفاعاً يوازي هذا التضاعف الكبير في تكلفة النقل.
واستشهدت المصادر بالسعر الذي يُباع فيه حالياً للغاز للسيارات وكبار المستهلكين عبر المحطات الخاصة او ما تُسمى بالطرمبات بالمحافظات المحررة ، بسعر يفوق التسعيرة الأخيرة لشركة الغاز بما يخص الغاز المنزلي.
حيث يُباع "الغاز التجاري" بسعر أعلى من التسعيرة الأخيرة للغاز المنزلي بنحو 4 – 5 الالاف ريال ، رغم ان تكلفة النقل واحدة ، ما يكشف حجم التلاعب الذي تمارسه شركة الغاز في مأرب.
وهو ما أشار له محافظ عدن في خطابه لرئيس الوزراء ، حيث قال أشار الى ان السعر في هذه "الطرمبات" لأسطوانة الغاز الواحدة وصل الى "عشرة الف" ريال.
معلقاً بالقول : ولا نعلم عن الآلية التي بموجبها تموّن بها شركة الغاز كبار المستهلكين في صافر بالغاز والسعر الرسمي لهذا الغاز الذي يباع فيما بعد للطرمبات ، مطالباً بتحديد سعر ما يسمى بالغاز التجاري وإقرار ذلك بصورة رسمية من قبل مجلس الوزراء.