أزمة مجلس القيادة الرئاسي .. حين دفع اليمنيون ثمن خيبات الرياض
الاثنين 15 سبتمبر 2025 - الساعة 10:12 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

اعادت الأزمة التي فجرتها قرارات عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي ، تسليط الضوء على الحال الذي يعشيه المجلس مؤخراً والذي وصل الى ما يشبه "الموت السريري".
الخطوة التي أقدم عليها الزبيدي بتجاوز رئيس المجلس رشاد العليمي وإصدار قرارات تعيين داخل هياكل الدولة ، أظهرت الى السطح الخلافات الحادة داخل المجلس بصورة لم يعد ممكناً التغطية عليها بالعبارات الانشائية عن "تماسك المجلس" من رئيس المجلس او عضو فيه.
فالمجلس يعيش حالة من الجمود الدائم غابت معها اجتماعاته منذ أكثر من 4 أشهر ، بل ان المجلس لم يعقد سوى 3 اجتماعات منذ مطلع العام أي طيلة 8 أشهر ونصف.
في مؤشر واضح على حجم خلاف داخل المجلس منع معه انتظام اجتماعاته ، وهو واقعٌ يمكن اعتباره نتاج طبيعي للخلل الذي يعتري المجلس بسبب تشكيلته وبسبب طريقة إدارته من قبل رئيسه.
وفي فجر يوم الـ7 من ابريل عام 2022م تفاجأ رؤساء القوى والمكونات السياسية المشاركين حينها في مشاورات الرياض باستدعائهم من قبل وزير الدفاع السعودي والمسئول عن الملف اليمني الأمير/ خالد بن سلمان، وهو يعرض عليهم تشكيلة المجلس جاهزة للتوقيع عليها ، دون نقاش في الأمر.
لم تأخذ تشكيلة المجلس حينها النقد او الملاحظة ، فقد كان شعور التفاؤل طاغياً من طي صفحة الرئيس هادي ونائبه علي محسن ، وطي معها عهد من الفشل والفساد والعبث على كل الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية ، وكان الشعور حينها بأن أي بديل لذلك العهد سيكون افضل.
الا أن واقع المجلس اليوم والجمود الذي يعيشه ، يعيد معه تقييم تشكيلة رئيسه اعضاءه الـ 8 وما يمثله هذا العدد من إحدى معضلات المجلس التي تعيق سهولة عقد جلساته ويعيق معها سهولة الاتفاق على أي قرارات او توجهات للمجلس.
فضلاً عن أن اعلان نقل السلطة من الرئيس هادي كان نقلاً للشرعية الى المجلس ككيان واحد ، ما يعني ان كل عضو من الـ8 في المجلس يمكن ان يرى في نفسه ممثلاً ومجسداً للشرعية ، واقرب الى ان يكون "رئيساً" ولو على نطاق الجغرافيا التي يسيطر عليها.
كما أن تشكيلة المجلس تُثير التساؤلات حول معايير اختيار اعضاءه الـ 8 ، ففي حين ان الظاهر كان التوازن المناطقي والمناصفة بين الشمال والجنوب ، الا أن الحقيقة كانت مناصفة لفرض توازن بين حلفاء السعودية والامارات.
وهنا أتت إحدى أهم كوراث المجلس ، بضم 4 أسماء أي نصف الأعضاء من شخصيات لا تمثل أي ثقل سياسي او مجتمعي او عسكري على الأرض مقارنة بالنص الأخر ، فكانت النتيجة الطبيعية بقاء هذا النصف منذ تشكيل المجلس خارج البلاد ، وتحول المجلس مع الوقت الى نسخة لا تختلف عن سلطة هادي ونائبه علي محسن.
وهذه الكارثة هي في حقيقتها نتاج للخيبات التي حصدتها سياسية السعودية في ملف الحرب باليمن ، اوصلتها بعد 5 سنوات خارج المشهد العسكري والسياسي المؤثر في المناطق المحررة ، فأهم القوى المسيطرة على الأرض هم حلفاء الامارات وعلى رأسهم الانتقالي والمقاومة الوطنية.
وتشكيل كيان بديل لهادي من القوى المسيطرة على الأرض كان يعني مجلساً رئاسياً يسيطر عليه حلفاء الامارات ، وهو امر لن تقبل به الرياض حتى وان اضطرت الى الاتيان بشخصيات لا وزن لها الى مجلس القيادة الرئاسي ، وهو ما حصل للأسف.
وهذا ما تسبب بالخلل الثاني الذي يعاني منه اليوم مجلس القيادة الرئاسي ، فمن بين الشخصيات التي اختارتهم الرياض بل وفرضتها رئيساً للمجلس كان رشاد العليمي ، الذي تحولت إدارته للمجلس مع مرور الوقت الى نقطة خلاف ومشكلة بحد ذاته.
الا أن المشكلة الحقيقة للمجلس تتمثل في ان بقاءه على هذا الحال بات يهدد بشكل جدي بقاءه واستمرار ، وذات الأمر ينطبق على أي محاولة اصلاح وضعه الحالي ، فالمساس بتركيبة المجلس الحالية امر يضرب شرعيته المستمدة من اعلان نقل السلطة من الرئيس السابق هادي الى المجلس بهذه التركيبة.
ولم يترك الإعلان أي نافذة يمكن من خلالها تعديل تركيبة المجلس ، الا في حالة واحدة تتعلق بإمكانية تدوير منصب رئيس المجلس من بين اعضاءه لكن ذلك يتطلب وفاة أو عجز أو استقالة رئيس مجلس ، وهذا بالطبع سيخل بالتوازن السعودي الامارات في تركيبة المجلس.
وضع سيئ تعيشه السلطة التنفيذية العليا للشرعية واصلاحها قد لا يقل سوءاً ، في معضلة تلخص في الأخير الثمن الذي يدفعه اليوم اليمنيون جراء العبث الذي اديرت به معركتهم ضد مليشيا الحوثي من قبل الشرعية وجرى كل ذلك تحت سمع وبصر قيادة السعودية للتحالف.