الإصلاح والإمارات .. أبشع صور الابتزاز
الاحد 25 أغسطس 2019 - الساعة 03:20 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - خاص
يتأرجح موقف حزب الاصلاح من دولة الامارات بين الإفراط بالمديح والافراط بالشتيمة ما يرسم علاقة متضاربة وسمجة بنفس الوقت، كما أنها تحمل في طياتها العديد من التناقضات المفزعة، لكنها بالمجمل تقود إلى أن سياسة حزب الاصلاح - الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين في اليمن - هي سياسة براجماتية بحتة تعتمد على مصلحة الحزب وقياداته بعيدا عن أي حسابات وطنية.
ولا يمكن الحديث عن علاقة حزب الاصلاح بدولة الإمارات وموقفه منها دون الحديث عن موقف الاصلاح من التحالف العربي ككل، حيث كان الاصلاح هو الحزب السياسي الوحيد الذي أصدر بيانا صحفيا للاحتفاء بعاصفة الحزم منذ انطلاقها نهاية مارس 2015، حيث عبر الإصلاح عن شكره وتقديره وتأييده للأشقاء في دول التحالف وفي مقدمتهم السعودية، الذين استجابوا لطلب الرئيس هادي، المسؤول عن حماية وأمن واستقرار وسلامة الوطن وأبنائه، لتسافر معظم قيادات الحزب وناشطوه وعوائلهم إلى الرياض عقب البيان المرحب بالعاصفة التي قادها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات وعضوية قطر بالإضافة إلى دول أخرى.
أفرط حزب الاصلاح بالانبطاح أمام التحالف العربي، عبر اطلاق العبارتين المشهورتين ”شكرا سلمان” و“شكرا إمارات الخير” وظل موقف الإصلاح من التحالف العربي قائما على مبدأ التأييد المطلق والتبرير لأخطاء التحالف العربي، بل واتهام منتقدي أخطاء التحالف بشق الصف، ووصفهم بأنهم ”خلايا ناعمة للإنقلاب” وصولا إلى تخوينهم.
بدأ حزب الاصلاح بتغيير مواقفه مع بدء الأزمة الخليجية منتصف العام 2017 حيث عملت قيادات إصلاحية ”مدير مكتب الرئاسة عبدالله العليمي باوزير والناطق باسم الحكومة راجح بادي” على تزوير بيان باسم الحكومة اليمنية ونشره في وكالة سبأ الرسمية الذي تشرف عليه الشرعية وتديره من العاصمة السعودية الرياض، وحمل في طياته انحيازا كاملا للموقف القطري واتهاما للإعلام السعودي بالتضليل والافتراء في تطابق تام مع الموقف الإخواني.
كما أتهم البيان المنشور في الوكالة الرسمية على لسان مسؤول في الحكومة اليمنية وسائل الإعلام السعودية بالوقوف خلف “حملات الافتراء والتضليل المشبوهة” ضد قطر، كما تجاوز البيان التنديد بموقف الإعلام الخليجي والسعودي خاصة، إلى إعلان التمترس مع قطر في خلافها مع المنظومة الخليجية، و”استنكار واستهجان الحكومة الشديدين لحملات الافتراء والتضليل المشبوهة ضد قطر والصادرة من أفراد لا يمثلون إلا أنفسهم”، بحسب ما ورد في البيان.
الأزمة الخليجية والتداعيات الناتجة عنها والمتمثلة بخروج قطر من عضوية التحالف كشفت عورة التناقضات في موقف حزب الاصلاح، حيث ذهبت بعض قيادات الحزب ومعظم قواعده للوقوف في صف قطر، وشيطنة السعودية والامارات وصولا لاتهام التحالف العربي باحتلال اليمن ووصفه بالعدوان، وتركزت هذه الحملات ضد الإمارات بشكل رئيسي، فيما ظلت قيادة الحزب الموجودة في الرياض تصدر البيانات والتصريحات المؤيدة للتحالف العربي بقيادة السعودية والامارات.
مع تزايد الحملات التي شنها ناشطو حزب الاصلاح لشيطنة الامارات سارع الحزب عبر قيادته في تعز إلى اصدار بيان صحفي في أغسطس 2017 حيث قال بيان حزب الإصلاح بتعز إن هناك أصوات نشاز وأقلام هابطة ومسترزقة تحاول شق العصا بين الإصلاح والتحالف العربي، وخاصة دولة الإمارات العربية.
وأضاف البيان "نجدها فرصة نعلنها كلمة قوية تصم آذان تلك الأصوات النشاز الأقلام الهابطة المسترزقة، والتي تحلم بشق العصا بين التجمع اليمني للإصلاح فرع تعز وإخوانه في التحالف العربي، وبخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سيكتب لها التاريخ دورها في عملية إسقاط الانقلاب والانتصار للشرعية".
وأكد التجمع اليمني للإصلاح أن "الجهات التي تحاول بث الأكاذيب ونشر الإشاعات محاولة تصوير حالة من القطيعة والخلاف بين الإخوة في الإمارات والجيش والمقاومة في تعز هي أجندة بائسة تقتات على الأكاذيب ونشر الكراهية".
كما أكد الإصلاح "بأن تعز، وفي المقدمة التجمع اليمني للإصلاح، يرون في دولة الإمارات شريكاً أساسياً في عملية التحرير، ودماء إخواننا اختلطت في التربة اليمنية مع دماء اليمنيين وهي حالة ستمضي نحو التحرير والبناء المشترك".
وأوضح الإصلاح أن كل المحاولات التي تبث الفتن وترتزق على حساب الدور الإماراتي وتضحيات أبناء تعز في مقاومة معسكر الانقلاب الأسود وذيولهم المبثوثة التي نشطت للقيام بدور الطابور الخامس، مسخرة كل جهودها ضد الجيش الوطني والمقاومة في تعز، مصيرها الفشل.
وشكر التجمع اليمني للإصلاح دولة الإمارات العربية المتحدة على دورها في ما تقدمه لليمن من مناصرة الشرعية وقيادة التحرير حتى دحر الإنقلاب.
تركزت الحملات الاعلامية التي يقودها الاصلاح ضد الامارات بشكل رئيسي عبر شبكة اعلامية ضخمة وفي مقدمتها قناتي ”يمن شباب” و“بلقيس” الممولتان من قطر، بالاضافة إلى مواقع اخبارية عدة، وفقا لاستراتيجية تهدف لاستهداف الامارات دون السعودية بهدف الاستفادة من الدعم الذي تقدمه السعودية باسم الشرعية، وكذا محاولة تصوير اختلاف في مواقف السعودية والامارات والعمل على شق وحدة التحالف العربي لصالح قطر.
كما حاول ناشطو الاصلاح تصوير السعودية كحليفة والامارات كخصم وعدو، والتركيز على مهاجمة دور الامارات في عدن والمحافظات الجنوبية، وعدم مهاجمة تواجد القوات الاماراتية ودورها في مأرب حيث يستفيد حزب الاصلاح ممثلا بالوحدات العسكرية الموالية له هناك من منظومة الباتريوت الاماراتية التي تحمي 200 ألف جندي متواجد في مأرب.
تزايدت الحملات التي يشنها ناشطو الاصلاح ووسائل الاعلام التابعة له ضد الامارات وصولا إلى اتهامها باستئجار شركات اسرائيلية لتنفيذ عمليات اغتيال بحق قيادات الحزب في الجنوب وفي عدن بالتحديد، بالاضافة لاتهام الامارات بانشاء سجون خاصة وممارسة انتهاكات بحق الانسانية داخل هذه السجون.
مع تصاعد الحملات الاعلامية لناشطي الاصلاح ضد الامارات كانت قيادة الحزب ممثلة برئيس الهيئة العليا محمد اليدومي والأمين العام عبدالوهاب الآنسي تزور الامارات وتجري مباحثات مع القيادة الاماراتية، ليخرج رئيس الهيئة العليا للاصلاح محمد عبدالله اليدومي بتغريدة على صفحته في الفيس بوك قال فيها :“ إلى المصابين بقصَر النظر والذين نخشى عليهم من عمى البصيرة … دول التحالف وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ـ قادةً وشعوباً ـ يسكبون على ثرى أرضنا دماً وليس ماءً… أفلا تعقلون ؟!”.
ظلت مواقف الاصلاح من الامارات في تضارب وتناقض عجيب، إلى أن تم رفع صور أولاد زائد على لوحات عملاقة في مسيرة نظمها حزب الاصلاح بتعز نهاية مارس من العام الجاري، وهو ما برره ناشطو الحزب بأنها حنكة سياسية من قيادة الحزب، مشيدين بالدور الاماراتي في اليمن، وبالتضحيات التي تقدمها الامارات في معركة الدفاع عن اليمن ووحدته وأمنه واستقراره.
واثر الاحداث الأخيرة التي شهدتها عدن والمتمثلة بسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن، عاد حزب الاصلاح إلى ابتزاز الامارات من جديد عبر مهاجمتها عقب صلاة الجمعة في ساحة الحرية، ورفع شعارات ضدها تصفها بدولة الاحتلال وتدعو إلى مواجهتها، كما هتف المتظاهرون ضد الامارات بعبارات "لا إمارات بعد اليوم" و"يا بن زايد يا محتل والله إنك با ترحل".
ويرى مراقبون أن حزب الاصلاح يستخف أعضاءه وأنصاره بتصدير الحب والكره وفقا لمصالحه، وهو بذلك يلعب بعقول الناس ويستجهلها، حيث يهاجم اليوم دول التحالف وفي المقدمة الامارات وهو ما رفع شعار ”إمارات الخير” وأصدر بيانات الشكر والثناء، ورفع صور قيادات دولة الامارات في المسيرات الخاصة به، وهرولت قياداته إلى دبي للقاء القيادات الاماراتية، ومع ذلك فالواقع يقول أن هناك موقف اماراتي وسعودي ومصري أيضا من جماعة الاخوان المسلمين، ربما سينعكس بشكل مواقف على الأرض في الأيام القادمة، وهذا ما تؤكده وتشير إليه التداعيات الأخيرة على الأرض.
ومن المفارقات أن حزب الاصلاح الذي أدمن العمالة كمنهج ثابت في سياسته منذ انشائه يوزع اليوم صكوك الوطنية ويرمي تهم العمالة ضد الاخرين، كما أنه يحاول اليوم أن يرتدي ثوب الوطنية بعد أن أضعف الشرعية ومارس صور الابتزاز مع الامارات والسعودية لتحقيق مصالح قياداته، فالشعب أدرك أن الاخوان سرطان لابد من استئصاله، والتحالف تحول إلى داء لابد من العلاج منه.