مليشيات الحوثي.. سياسة المسؤول الديكور أو الإقصاء

السبت 28 سبتمبر 2019 - الساعة 05:22 صباحاً
المصدر : الرصيف برس -نقلا نيوز يمن

 


على مدى السنوات الخمس الماضية وخلافاً للشعارات التي رفعتها المليشيات عن سعيها لتقبل الآخر والمشاركة مع الأطراف والقوى الأخرى، قدمت المليشيات نموذجاً غير مسبوق في اليمن اتسم بانتهاج سياسة قائمة على اجتثاث الآخرين وإقصائهم وتهميشهم أو القبول بمشاركتهم كمجرد ديكور فقط.

 

ومنذ سيطرة ما سميت بلجنتها الثورية على مؤسسات الدولة، مروراً بمشاركتها في المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ مع المؤتمر الشعبي العام، وانتهاءً بسيطرتها المطلقة على هذه المؤسسات.. عمدت مليشيات الحوثي إلى إقصاء كل المخالفين والمعارضين لها من الأحزاب والقوى الأخرى، واستبدالهم بعناصر تابعة لها.

 

إجراءات الإقصاءات والاجتثاث التي انتهجتها المليشيات الحوثية شملت كل القيادات والكوادر الوطنية في مؤسسات الدولة والمنتمية للأحزاب الأخرى كالإصلاح والاشتراكي والناصري... وغيرها، ثم وصلت إلى القيادات المحسوبة على المؤتمر الشعبي العام، وعلى الرغم من دخول المؤتمر في شراكة لإدارة الدولة مع الحوثيين تم بموجبها تشكيل المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، إلا أن المليشيات عمدت إلى استغلال نفوذها وسيطرتها على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية إلى استكمال تنفيذ مشروعها من خلال الالتفاف على ذلك الاتفاق والإبقاء على ما يسمى باللجان الثورية كرديف لمؤسسات الدولة، ثم العمل على تنفيذ عملية إقصاءات ممنهجة بحق القيادات المؤتمرية من مختلف مؤسسات الدولة، واستغلال ذلك لإثارة خلافات مستمرة مع المؤتمر وصولا إلى قيام المليشيات بتنفيذ عمل عسكري ضد المؤتمر وقياداته في ديسمبر 2017م من خلال اغتيال المليشيات الحوثية للشهيد الزعيم علي عبدالله صالح ورفيقه الأمين عارف الزوكا وعدد من قيادات المؤتمر واعتقال الآخرين، لتجد بعدها الطريق ممهداً لاستكمال مشروعها في الاجتثاث لما تبقى من القيادات والكوادر الوطنية وخصوصاً المحسوبة على المؤتمر الشعبي العام.

 

ووجدت المليشيات الحوثية الطريق ممهداً لاستكمال مشروعها الاجتثاثي والإقصائي منذ ما بعد ديسمبر 2017م، حيث عمدت إلى إقصاء كل القيادات التي كانت مقربة أو محسوبة على الزعيم الشهيد صالح وما تبقى من قيادات المؤتمر في المناصب الهامة حيث عينت وزيراً للداخلية، وآخر للاتصالات، وثالثاً للصحة، ورابعاً للنفط، وهي وزارت كانت ضمن حصة المؤتمر في الحكومة، قبل أن تعمد إلى تعيين عدد كبير من عناصرها في مجلس الشورى، وفي بقية المؤسسات والمرافق الحكومية سواءً على مستوى السلطة المركزية أو السلطات المحلية.

 

وفي المقابل فإن من تبقى من قيادات المؤتمر المشاركة في المجلس السياسي أو حكومة الإنقاذ وحتى مجلس النواب ومجلس الشورى، أو القيادات الموالية لهم من غير المؤتمر فإن مليشيات الحوثي عمدت إلى اتخاذ إجراءات بتعيين نواب لهم أوكلت إليهم كافة الصلاحيات وبحيث أصبحت مشاركة تلك القيادات مجرد مشاركة ديكورية لا قيمة لها، ويتذكر الجميع كيف أن المليشيات الحوثية استخدمت حملة إعلامية لمهاجمة القيادي الاشتراكي الحليف معها سلطان السامعي عضو المجلس السياسي الأعلى، لأنه وجه انتقادات لتصرفات المليشيات الحوثية وانتهاكها للقوانين، كما يتذكر الجميع طريقة العنف واستخدام القوة ضد وزراء محسوبين على المؤتمر مثل حسين حازب وزير التعليم العالي، ووزير الخارجية هشام شرف، وقبلهما وزير الصحة محمد بن حفيظ، ووزير الأوقاف شرف القليصي، والذين تم استبعادهم فيما بعد.

 

تعيينات حوثية تكرس مظاهر انفصالية

 

وبالإضافة إلى عملية التعيينات العنصرية والمناطقية وسياسة الاجتثاث والإقصاء والتهميش تمارس المليشيات الحوثية سياسة تكرس مظاهر انفصالية خصوصاً مع أبناء المحافظات الجنوبية.

 

ويكاد يخلو خطاب مليشيات الحوثي السياسي والإعلامي وأدبياته من الحديث عن المحافظات الجنوبية بذات القدر الذي تتضمنه خطاباتها ومواقفها بشأن المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرتها، وباستثناء بعض الإشارات الخجولة التي ترد هنا وهناك في تصريحات بعض قيادات المليشيات الحوثية بشأن الجنوب، إلا أن الملاحظ أن خطاب المليشيات يركز على مهاجمة القيادات الجنوبية وخصوصاً قيادات المجلس الانتقالي والقيادات العسكرية التي قادت معارك تحرير المحافظات الجنوبية من المليشيات الحوثية، وتشارك حالياً في معارك ضد الحوثيين في الساحل الغربي ضمن القوات المشتركة.

 

ومنذ تشكيل المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ ظهرت المليشيات الحوثية بمظهر المقتصر في تمثيلاته في هذه المؤسسات على أبناء المحافظات الشمالية فقط، وخلت قائمة ممثلي المليشيات من قيادات منتمية للمحافظات الجنوبية في المجلس السياسي الأعلى، فيما ضمت قائمة ممثليها في الحكومة بعض الشخصيات الجنوبية وفي وزارات غير ذات أهمية قبل أن يتم استبعادهم وإقصاؤهم أو تهميشهم كما حدث مع وزير السياحة الأستاذ ناصر باقزقوز، الذي شنت المليشيات الحوثية حملة إعلامية ضده لانتقاده القيادي الحوثي ومدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد (أبومحفوظ)، أو كما حدث مع وزير المصالحة الوطنية أحمد القنع الذي اشتكى مراراً من عملية تهميشه من قبل قيادات المليشيات.

 

ولم تتوقف سياسة المليشيات الحوثية ذات النزعة الانفصالية عند حدود التهميش للقيادات المنتمية للمحافظات الجنوبية، بل عمدت إلى إقصاء معظم هذه القيادات التي كانت تدير مؤسسات ومرافق تابعة للدولة وعينت بدلاً عنها قيادات محسوبة عليها من المنتمية لمحافظة صعدة.

 

ومؤخراً بدأت المليشيات الحوثية إجراءات هادفة إلى إعادة تشكيل قيادات المنظمات والجمعيات والهيئات والاتحادات المدنية، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يكرس حالة انفصال كاملة بحكم أن تلك الجمعيات والاتحادات تملك جمعيات عمومية من مختلف المحافظات، وهو ما يستحيل معه عقد اجتماعاتها في صنعاء من جهة، ومن جهة أخرى فإن كثيراً من هذه المنظمات لها قيادات من المحافظات الجنوبية وإعادة تشكيل قياداتها كما تسعى المليشيات يعني استبعاد القيادات من أبناء الجنوب وتعيين بديل عنهم من المحسوبين على المليشيات الحوثية، وهو ما سيكرس مظاهر الانفصال الذي يرسخه الحوثيون في كل ممارساتهم وأساليب إدارتهم للسلطة وشؤون الدولة.

 

وتظهر معالم الانفصال الذي تمارسه مليشيات الحوثي بشكل كبير في إجراءاتها المتعلقة بعملية جباية رسوم الجمارك والضرائب، حيث أنشأت مليشيات الحوثي نقاطاً خاصة وخارج إطار نصوص الدستور والقوانين النافذة تتولى مهمة جباية أموال ضرائب وجمارك عن السلع والمواد التي تدخل العاصمة ومناطق سيطرتها والقادمة من المنافذ في المحافظات الجنوبية، وهو إجراء يعكس سياسة نظرية وعملية لنزعة انفصالية بحتة تمارسها مليشيات الحوثي التي تجسد بهذه الإجراءات حقيقة عدم اعترافها بالجمهورية اليمنية وجغرافيتها واعتبار أن مناطق سيطرتها دولة مستقلة خارج إطار الحدود الجغرافية المعترف بها دولياً للجمهورية اليمنية.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس