بيد ترامب أم يد سلمان .. لماذا لا تضرب أمريكا الحوثيين ؟

الاثنين 01 مايو 2017 - الساعة 05:57 صباحاً
المصدر :   أحمد علاء – مصر العربية

 

 

 


 

"تضرب في اليمن لكنَّها لا تضربهم".. مثَّل ولا يزال الدور الأمريكي في اليمن لكثيرين لغزًا ما له من تفسير، فبينما تنهال طائرات أمريكية من دون طيار بغارات على مواقع لتنظيم القاعدة هناك، إلا أنَّ مواقع "الحوثيين" لم تدخل بعد دائرة الهدف.

 

"عرفهم اليمنيون مقاتلين في الجبال، مئات ثم آلاف يتبعون زعيمهم الروحي بدر الدين الحوثي ومن بعده ابنه حسين وصولًا إلى عبد الملك".. تلك العائلة المسلحة التي كبرت إلى أن صارت جماعة مقاتلة، وفي لحظة يمنية وإقليمية معينة راودهم ظنٌ مسلحٌ بأن اليمن لهم وأنَّهم أسياده.

 

عاصفة وأمل.. السعودية في اليمن

 

أشهرٌ تتوالى منذ سبتمبر 2014، وقت أن سيطرت جماعة أنصار الله "الحوثي" على السلطة في اليمن، متحالفين في ذلك مع الرئيس المخلوع علي عبد  الله صالح، ومنذ ذلك الحين وينزف اليمن جراحًا ودماءً لا تتوقف، رغم تغيُّر الواقع العسكري على الأرض بعد دخول قوات التحالف العربي بقيادة السعودية إلى أرض القتال منذ مارس 2015، حين أطلق خادم الحرمين سلمان بعد عبد العزيز عملية عاصفة الحزم، وبعدها بنحو عملية إعادة الأمل، وذلك دعمًا لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.

 

القتال الدائر في اليمن أثَّر سلبًا على حياة الناس هناك، فتتحدث تقارير أممية عن تفشي المجاعة  بشكل مخيف، فبات 17 مليون شخص على حافة الموت كما دخل الأخضر واليابس نطاق الدمار، من دون تدخل أممي قاطع ينهي الحرب في اليمن ويوقف معاناة شعبه.

 

 

 

أمريكا والحوثي.. لماذا لا؟

 

المعاناة اليمنية طرحت تساؤلًا هو لماذا لا تتدخل واشنطن ضد الحوثيين؟.. لعله السؤال الذي يشغل اهتمام الكثير من المحللين، فالولايات المتحدة تتدخل عسكريًّا في اليمن لكنَّها تضرب القاعدة وليس "الحوثيين" رغم أنَّ دوافع سياسية ملحة قد تقود واشنطن إلى هذا الطرح، وهو التورط الإيراني في الحرب باليمن، حيث تعتبر طهران الداعم الأكبر لجماعة الحوثي، حتى باتت الجمهورية الإسلامية متهمة بالوقوف وراء تردي الأوضاع في اليمن.

 

سياسيًّا، لم تكن زيارة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس للرياض، ولقاؤه بالإدارة السعودية إلا بمؤشر على تحرك من قبل واشنطن لتعزيز دعمها العسكري للتحالف العربي بقيادة المملكة؛ لتقويض نفوذ الحوثيين، وإجبارهم على التخلّي عن مشروعهم السياسي الذي تلوح من ورائه إيران.

 

قبل اجتماعه مع وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، أكَّد ماتيس أنَّه من المهم للولايات المتحدة أن تساعد على تعزيز مقاومة السعودية للإيذاء الواقع عليها من قبل إيران، مشدِّدًا على أنَّ طهران تدعم المتمرّدين الحوثيين.

 

ماتيس قال ما نصه: "في كل مكان تنظر إليه، إذا وُجدت مشكلة في المنطقة، تجد وراءها إيران، ما نشهده هو أنّ دول المنطقة وغيرها في أماكن أخرى تحاول الخلاص من إيران، ومقدار الاضطراب وعدم الاستقرار الذي يمكن أن تتسبّب به".

 

فتحت هذه اللهجة الباب أمام تأويلات عن دور عسكري أمريكي ضد الحوثيين قريبًا، وهو ما يخلق واقعًا سياسيًّا جديدًا في المنطقة، من شأنه أن يعمل على تقويض المشروع الإيراني ليس في اليمن فقط بل في سوريا والعراق أيضًا، وهنا تتجمع المصالح الأمريكية السعودية ضد الجمهورية الإيرانية.

 

 

تحرك عسكري... إلى أي مؤشر يقود؟

 

قبل تلك اللهجة، أثارت مواقف أمريكية بشأن اليمن جدلاً حول كونها تُعبر عن مؤشرات لتغير في إدارة الرئيس دونالد ترامب أم أنها مجرد مناورة لإنقاذ مليشيا الحوثي وصالح.

 

المواقف الأمريكية تمثلت في إرسال المدمرة "USS Cole" إلى المياه الإقليمية بالقرب من الممر الدولي "باب المندب" الذي يعد جزءًا من السيادة اليمنية؛ بهدف حماية الممرات المائية من مليشيا الحوثي التي تورطت في أكثر من هجوم صاروخي على سفن أمريكية وإماراتية وسعودية.

 

تزامن ذلك التحرُّك العسكري مع آخر سياسي تمثل في وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايكل فلين، مليشيا الحوثي بأنَّها "إحدى الجماعات الإرهابية بالوكالة التابعة لإيران".

 

 

 

إيران تخدم أمريكا.. كيف؟

 

الخبير الاستراتيجي اللواء محمود منير قال إنَّ السياسة الأمريكية لا تسعى إلى التصعيد الكبير مع إيران، لافتًا إلى أنَّ التواجد الإيراني الراهن يجعل دول الخليج تسعى للحصول على الأمن من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما اعتبره دعمًا من إيران للمصالح الأمريكية بصورة غير مباشرة.

 

وأضاف - لـ"مصر العربية" - أنَّ الإدارة الأمريكية التي تقاربت مع إيران فيما يتعلق بالنشاط النووي لم تسعَ إلى تغيير هذا النمط من العلاقات، وهو ما جعل واشنطن لا تتدخل في اليمن لهذا السبب، بالإضافة إلى وجود تحالف عربي، يقع على عاتقه استعادة الأراضي اليمنية من قبضة الحوثيين.

 

وأشار إلى أنَّ الرغبة الأمريكية في عدم التدخل في الوقت الراهن لا يعني أنَّها تغض الطرف عن منطقة باب المندب وخليج عدن، حيث أنَّ لها قطعًا بحرية متواجدة في هذا الخليج.

 

التوجُّه الأمريكي الحالي يراه منير "مرحليًّا"، حيث يركِّز حاليًّا على سوريا، ثمَّ تراقب الموقف في اليمن، الذي وصفه بـ"غير الحيوي" للولايات المتحدة في الوقت الراهن.

 

الموقف غير الحيوي أوضحه الخبير الاستراتيجي بأنَّ الأزمة اليمنية لا تمثِّل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة خلافًا للأزمة السورية التي لها حدود مباشرة مع العراق الذي يمس المصالح الأمريكية.

 

وبينما اعتبر منير أنَّه في الوقت الحالي لا يمكن توقع تدخل أمريكي في مواجهة الحوثيين في اليمن، غير أنَّه أشار إلى إمكانية ذلك في المستقبل القريب، وذلك يتوقف على تمدُّد جماعة الحوثي أو نجاحات التحالف العربي على الأرض، وذلك حفاظًا على العلاقات مع إيران.

 

وأوضح ذلك بالقول: "إذا نجح التحالف العربي في القضاء على الحوثيين فلا يكون هناك داعٍ للتدخل وبالتالي فتح جبهة صراع ضد طهران".

 

 

 

لا تدخل

 

الدكتور سعيد اللاوندي أستاذ العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية قال إنَّ الولايات المتحدة ليست مستعدة للتدخل عسكريًّا في اليمن كون ذلك يعقبه احتلال.

 

وأضاف - لـ"مصر العربية": "أمريكا تريد من السعودية أن تحارب بالوكالة عنها، حيث تضرب المملكة جماعة الحوثي ثم تأخذ سلاحًا من الولايات المتحدة ثم تبيع أمريكا السلاح للحوثيين.. السياسة الأمريكية تدفع الدول أن تحارب ثم تبيع هي السلاح".

 

وأشار إلى أنَّ الاتهام الأمريكي لإيران بأنَّها سبب الأزمة في اليمن يهدف إلى الإيقاع بين الرياض وطهران، متابعًا: "العلاقات الإيرانية السعودية كانت طيبة، والملك الراحل عبد الله كان قد دعا الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي، لكن تغيرت الأحوال حسبما تريد الولايات المتحدة".

 

وتابع: "أمريكا تريد إشعال الحريق بين الشيعة والسنة وتبيع السلاح هنا وهناك وهي المستفيد في النهاية، فالولايات المتحدة والدول الغربية بشكل عام هي المستفيد من الأوضاع الراهنة".

 

الضربة العسكرية الأمريكية في سوريا استبعد اللاوندي حدوث ضربات مماثلة ضد الحوثيين من اليمن، قائلًا: "لن تدخل أمريكا في أي حرب ضد إيران لكنَّها قد تدفع السعودية للحرب، وهذا لأنَّ أمريكا هي المستفيد من وجود الصراعات في الشرق الأوسط".

 

وأشار إلى أنَّ ما أسماه "المخطط الأمريكي" يعتمد على إشعال الصراعات بين العرب أنفسهم دون وجود حلول لهذه الأزمات إلا بالحروب الداخلية.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس