عقول اليمن تحت رحمة النخب المزيفة: بين التافهين وصناعة الوعي الزائف
الاثنين 02 سبتمبر 2024 - الساعة 10:13 مساءً
د . نادين الماوري
مقالات للكاتب
في مشهد الشرق الأوسط المعقد، حيث تتقاطع المصالح والأيديولوجيات، نجد أن اليمن ليس بعيدًا عن هذه الديناميات المربكة. في قلب هذه الفوضى، يظهر كيف يتم دعم وإبراز شخصيات تافهة في الفضاء العام، حيث يتم صناعة نخب مزيفة ووظيفية تتحكم بعقول الجماهير وتوجهها بطريقة خالية من الوعي الحقيقي.
تلك النخب في اليمن ليست سوى خليط متناقض من "فيزيائيين، أطباء، أدباء، متفلسفين، غرائزيين، رجال دين، وعلمانيون ،وليبراليين، وملحدين وغيرهم"، وهم في الغالب أفراد ذو قدرات متوسطة يتسمون بالوظيفية والانتهازية. هؤلاء الأشخاص لا يمثلون نماذج حقيقية للقيادة أو التفكير العميق، بل هم أدوات تُستخدم لأغراض معينة، سواء من قبل القوى الإقليمية أو الجماعات السياسية المحلية.
في هذا السياق، تعيش اليمن تحت وطأة هذه النخب المزيفة، التي تسهم في تغذية الوعي الزائف وتوجيهه نحو أهداف محددة، بعيدًا عن القضايا الحقيقية التي تؤثر على الشعب. بدلًا من بناء وعي مجتمعي أصيل ومستقل، نجد أن الجماهير تُساق كقطعان تحت تأثير هؤلاء النخب، الذين يروجون لخطابات وأيديولوجيات تخدم مصالحهم الخاصة أو مصالح القوى التي يدعمونها.
تستفيد القوى الخارجية من هذه النخب الوظيفية لتوسيع نفوذها، مما يجعل اليمن ساحة لتصفيات حسابات سياسية وأيديولوجية، بينما يُحرم الشعب اليمني من الحصول على قيادات ذات رؤية استراتيجية تتسم بالشفافية والصدق. في هذا المناخ، يتم تقويض قدرات الشعب على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المستنيرة، حيث يتسارع التآكل في النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد.
إن التحدي الكبير الذي يواجه اليمن اليوم هو كيفية تجاوز تأثير هذه النخب المزيفة واستعادة القدرة على بناء مجتمع مبني على الوعي الحقيقي. يتطلب ذلك تعزيز الفكر النقدي والبحث عن قادة حقيقيين يمتلكون رؤى استراتيجية حقيقية بعيدًا عن النفاق والانتهازية. يجب أن يتحلى الشعب اليمني بالقدرة على التمييز بين الخطاب الواعي وبين التوجيهات الزائفة التي تروج لها النخب الوظيفية.
كما يجب أن نؤكد أن الولاء الأساسي يجب أن يكون لله وللوطن ولليمن، ضمن مشروع وأهداف ثورة 26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963، و30 نوفمبر 1967. هذه الثورات لم تكن مجرد أحداث تاريخية، بل كانت تعبيرًا عن تطلعات الشعب اليمني نحو الاستقلال والعدالة والمساواة. إن العودة إلى هذه المبادئ وإعادة تأكيد الولاء للثوابت الوطنية، هو السبيل لبناء مستقبل مستدام لليمن، بعيدًا عن الانقسامات والتبعية للخارج.
إذا أراد اليمنيون تحقيق التقدم الحقيقي، عليهم أن يرفضوا التصورات السطحية التي تقدمها هذه النخب، وأن يسعوا لبناء مستقبل يعتمد على القيم الحقيقية للعدالة والمساواة والتنمية. فإعادة بناء اليمن يبدأ بتجاوز النخب المزيفة والبحث عن قيادات تعيد للشعب اليمني حقه في الحرية والكرامة، والولاء للمبادئ الوطنية التي ضحى من أجلها الكثيرون.
ختامًا، يجب أن يدرك كل يمني أن المستقبل لا يبنى بالولاء للأشخاص أو القوى، بل بالولاء للمبادئ والقيم التي تعزز من تقدم الوطن وتحقق العدالة لجميع أبنائه.
تحيا الجمهورية اليمنية..
▪︎ اكاديمية ودبلوماسية سابقاً