تحوّل مقر الجالية اليمنية في ماليزيا إلى وكر حزبي: استحواذ سياسي على هيئة مدنية اجتماعية
الاحد 24 نوفمبر 2024 - الساعة 12:27 صباحاً
غزوان طربوش
مقالات للكاتب
تحوّل مقر الجالية اليمنية في ماليزيا إلى مركز لحزب الإصلاح يمثل خطوة غير مقبولة تعكس استحواذًا سياسيًا على كيان اجتماعي مدني. هذا التحوّل يُظهر تجاهلًا صارخًا لاحتياجات المجتمع اليمني في ماليزيا على مختلف الأصعدة، ويُسهم في تعميق الانقسامات بدلاً من تعزيز وحدة الصف لمواجهة التحديات التي تواجه معظم أبناء الجالية اليمنية هناك.
التهميش بدلًا من التمكين
يسعى الحزب لممارسة نفوذه على حساب الهوية الجماعية للجالية اليمنية، مما يترك الكثيرين يشعرون بالتهميش. بدلاً من التركيز على تعزيز الأنشطة الاجتماعية والتعليمية التي تعود بالنفع على المجتمع، يتم تحويل مقر الجالية إلى ساحة صراع سياسي، مما يُضعف الروابط الإنسانية بين أبناء الوطن الواحد.
ضعف قيادة الجالية وتمكين الاستبداد السياسي
ساهم ضعف شخصية رئيس الجالية اليمنية في ماليزيا بشكل مباشر في تمكين السفير اليمني، عادل باحميد، من ممارسة استبداده السياسي على اليمنيين المقيمين هناك. استغل السفير هذا الضعف لفرض رسوم باهظة على المعاملات الروتينية مثل تصديق المستندات، وذهب إلى أبعد من ذلك بتسييس معاملات الفيز الممنوحة من مملكة ماليزيا لليمنيين، حيث أصبح يرفض منحها لمن يختلف معه سياسيًا.
بدلاً من أن يقف رئيس الجالية ضد هذه الممارسات التعسفية وأن يمارس الضغط على السفارة اليمنية لتخفيض رسوم المعاملات وتوفير الخدمات بأسعار معقولة، تحول إلى أداة بيد السفير. ساهم هذا التخاذل في تغييب وعي اليمنيين في ماليزيا وتشتيت انتباههم عن قضاياهم الأساسية، مما أدى إلى تعميق معاناتهم وزيادة إحساسهم بالظلم والتهميش.
دور القيادة في تدهور الأداء
تراجع أداء الجالية اليمنية في ماليزيا بشكل كبير بعد صعود شخص يُدعى "مروان أمين" كرئيس للجالية. هذا الشخص، الذي يفتقر للوعي والعمل الاجتماعي، ساهم بشكل كبير في تفريغ الجالية ومقرها من محتواها الأساسي وتحويلها فعليًا إلى مقر يخدم أجندة حزب الإصلاح. بدلاً من أن يكون مقر الجالية مكانًا يخدم اليمنيين ويُخفف من معاناتهم، أصبح وكرًا حزبيًا يُستخدم لتلميع شخصيات حزبية وغسل أدمغة الشباب دون أي فائدة فعلية تعود على الجالية.
شرعية مشكوك فيها لقيادة الجالية
لا تعبر قيادة الجالية اليمنية في ماليزيا الحالية عن أبناء اليمن في ماليزيا جميعًا، إذ تم فرضها بطريقة تتنافى مع مبادئ الديمقراطية والعمل النقابي المؤسسي. جاءت هذه القيادة نتيجة عملية انتخابية هشة ومجتزأة، أشرف عليها السفير عادل باحميد، مما أثار الكثير من التساؤلات حول شرعيتها.
رئيس الجالية الحالي، مروان أمين، وبقية أعضاء الهيئة الإدارية لم ينتخبهم سوى مئة شخص فقط، بينما يبلغ عدد اليمنيين المقيمين في ماليزيا أكثر من عشرين ألف شخص. هذا التمثيل الضئيل يعكس كيف أن هذه القيادة لا تمثل الجالية اليمنية بشكل عادل، بل باتت أداة بيد السفير لتنفيذ أجنداته السياسية.
إن فرض قيادة بهذا الشكل يُظهر بوضوح عدم الاهتمام بإشراك المجتمع اليمني في ماليزيا في صنع قرارات تمس حياتهم اليومية. بدلاً من تعزيز العمل الجماعي والديمقراطية، أصبحت قيادة الجالية واجهة للسفير وممثلة له، مما يعمق الهوة بين القيادة وأبناء الجالية، ويؤدي إلى مزيد من التهميش والإحباط.
على اليمنيين في ماليزيا أن يدركوا أهمية اختيار قيادة تمثلهم فعليًا عبر انتخابات حرة ونزيهة، ليتمكنوا من مواجهة تحدياتهم ووضع مصالحهم على رأس الأولويات.
الأعباء المالية دون جدوى
مع استمرار استغلال المقر لصالح الأجندة الحزبية، يتحمل التجار اليمنيون تكاليف باهظة لإيجار هذا المقر دون تحقيق أي عوائد فعلية تخدم مصالحهم أبناء اليمن في ماليزيا. هذا الاستخدام غير المجدي يزيد من إحباط اليمنيين الذين كانوا يأملون في أن يكون مقر الجالية منبرًا للتعاون والتكاتف.
دعوة للتغيير وحماية التماسك الاجتماعي
على أفراد الجالية أن يدركوا خطورة هذا التحوّل وأن يقفوا بحزم ضد محاولات الحزب ضرب تماسكهم الاجتماعي. لا بد من رفض الأجندات الحزبية التي كانت سببًا رئيسيًا في معاناة اليمنيين ودفعهم للهجرة. الجالية بحاجة إلى إعادة مقرها لدوره الأساسي كمنصة تخدم احتياجات جميع اليمنيين بعيدًا عن أي انتماءات حزبية.
ختامًا، على المجتمع اليمني في ماليزيا أن يُعيد تنظيم صفوفه وأن يعمل على حماية هويته الجماعية من أي استغلال سياسي قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات وتهميش المزيد من أفراده.