بن مبارك: يطلق على نفسه رصاصة الفشل الأخيرة من أمريكا
الاحد 26 يناير 2025 - الساعة 10:31 مساءً
غزوان طربوش
مقالات للكاتب
فاحت رائحة فساد رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك حتى عمت أصقاع الأرض، ونشر الصحفي نبيل الأسيدي صورة منزل رئيس الوزراء بن مبارك في ولاية كاليفورنيا في أمريكا مع وثيقة الشراء التي أظهرت أن المنزل مسجل بإسمه وإسم زوجته، وهو منزل يتكون من أربعة طوابق تقدر قيمته ب 2 مليون دولار أمريكي، وأثارت الحادثة عاصفة من الإنتقادات بين أبناء الشعب اليمني حيث أكدت الوثيقة أن هذه القيادات الرخوة سعت للتكسب أثناء الحرب على حساب الشعب اليمني الذي يعاني الويلات جراء الحرب المستمرة منذ عشر سنوات ضاربين بعرض الحائط بمعاناة الشعب وما يتطلبه من خدمات ومرتبات وإصلاحات اقتصادية.
وسخر مراقبون وباحثون سياسيون من الفرقعة الإعلامية التي أحدثها رئيس الوزراء قبل أسابيع عن تقارير فساد من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ضد شخصيات لم تذكر بالإسم، أدعى رئيس الوزراء بن مبارك أنه يقوم بمحاربتها ويا للمفارقة كيف لشخص غارق بالفساد حتى أذنيه أن يحارب الفساد ؟ ثم اتضح مؤخرا أنها ليست سوى حملة دعائية ومسرحية هزلية هدفها التمهيد للإجتماع الوزاري الذي عقد في نيويورك في العشرين من الشهر الجاري 2025م بتنظيم من رئاسة الوزراء اليمنية والمملكة المتحدة، وهو الإجتماع الذي خرج فيه بن مبارك بخفي حنين، ويرى المراقبون أن الإجتماع كان شكلي ودعائي فقط لرئيس الوزراء حيث غاب فيه التنسيق الحكومي المؤسسي للشرعية اليمنية ولم يحضر الإجتماع وزير الخارجية اليمني الدكتور شائع الزنداني باستبعاد متعمد من قبل رئيس الوزراء حيث أن وزير الخارجية هو أكثر شخص معني بحضور إجتماعات وزارية خارجية كهذه، وعزا المراقبون هذا الاستبعاد المتعمد إلى ضعف عقلية رئيس الوزراء بن مبارك المؤسسية والتي يظهر عليها الطابع الطفولي المتشنج على حساب العمل المؤسسي المنظم.
وعقد في 20 يناير إجتماع وزاري في نيويورك كان هدفه حشد دعم مالي للحكومة لكنه خرج بخفي حنين دون أي دعم يذكر من أي دولة سوى الدعم المعنوي، وعد مراقبون أن هذا الإجتماع هو رصاصة الفشل الأخيرة التي أطلقها رئيس الوزراء بن مبارك على نفسه، وتعيش حكومة الدكتور أحمد عوض بن مبارك أسوء مراحلها حيث لم تحدث أي إصلاحات تذكر لا في السلك الإداري ولا الدبلوماسي ولم يتم الإلتفات لملف الخدمات على الأقل في المناطق التي تديرها الحكومة، وما زاد الطين بله هو الارتجالية التي يمضي بها بن مبارك على حساب العمل المؤسسي المنظم والمنضبط، حيث تهاوى الريال اليمني أمام الدولار و تجاوز حاجز الألفين وارتفعت الأسعار بشكل لايحتمل، وخرج المواطنون في عدن إلى الشوارع مطالبين في إصلاحات خدمية وإقتصادية، كما خرج المعلمين في تعز مطالبين بإصلاح ملف الأجور والمرتبات التي لم تعد تتماشى مع إنهيار الريال اليمني وإرتفاع الأسعار ، وخرج الطلاب المبتعثين في الهند ومصر مطالبين بإقالة وزير التعليم العالي خالد الوصابي الذي وصف بأسوء وزير في التاريخ اليمني بعد فضيحة كشوفات المنح وفضيحة تعيين الملحقين الثقافيين، ومع كل هذا الحراك الشعبي العارم لايزال رئيس الوزراء يمارس حركات دعائية بهلوانية للترويج لصورته بدلا من إيجاد حلول حقيقية لكل هذه المشكلات.
وتبدو الارتجالية واضحة على بن مبارك حيث أصدر قرار ارتجالي ا بإيقاف المدير التنفيذي لشركة الإستثمارات النفطية ثم تم إبطال القرار من قبل مجلس القيادة الرئاسي، كما استمات بن مبارك في الدفاع عن مدير مكتبه أنيس باحارثة الذي كان يدير ثلاث مؤسسات حكومية ويمارس فساد متعدد الأوجه ثم تم إيقاف باحارثة بعد ذلك من قبل المجلس الرئاسي وإحالته للتحقيق، وهو مايعكس عدم قدرة رئيس الوزراء على التنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والمؤسسات الأخرى وفشله في العمل المؤسسي.
في ظل كل هذه المعطيات، يتضح أن حكومة الدكتور أحمد عوض بن مبارك تمر بأسوأ مراحلها، حيث تفاقمت الأزمات الاقتصادية والخدمية، وازداد الغضب الشعبي تجاه السياسات العشوائية التي لم تؤدِ إلا إلى مزيد من التدهور. وبينما كان يُفترض أن يكون رئيس الوزراء ركيزة للإصلاح والتغيير، جاءت قراراته متخبطة وافتقرت إلى الرؤية المؤسسية، ما أدى إلى فقدان الثقة به حتى من أقرب الدوائر الحكومية. ومع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الحلول الحقيقية، يبدو أن مستقبل الحكومة بات على المحك، وسط تساؤلات حول مدى قدرته على الاستمرار، أو ما إذا كانت هذه الفوضى ستقود إلى تغييرات جذرية قد تعيد ترتيب المشهد السياسي في اليمن