التوجيه المعنوي لمحور تعز.. منهج فكري في سبيل تفخيخ العقول (الحلقة السادسة)
الثلاثاء 04 فبراير 2020 - الساعة 05:54 مساءً
المصدر : متابعات
لا نزال في مهمة استعراض الكتاب الصَّادر عن شعبة التوجيه المعنوي بمحور تعز والمعنون بـ”الإعداد الفكري للمقاتلين للعام التدريبي 2018”، والوقوف أمام ما تضمَّنه الكتاب من أفكار متطرِّفة تغلغلت إلى صفوف المؤسسة العسكريّة التي نجح التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين بالسيطرة عليها، ونشر أفكار الجماعة التكفيريّة في صفوف الأفراد عبر شعبة التوجيه المعنوي.
ففي الوقت الذي نجحت فيه إيران في تبنّي مشروع مذهبي، مستغلة هيمنة الفكر الديني وارتباط الدين بالدولة في المنطقة العربية، وقيامها أيضاً بفرض خطاب مذهبي على المنطقة العربية، وفرض خطاب الميليشيا كخطاب بديل لخطاب الدولة، نجد أنَّ ”مؤسسات الدولة” والتي سيطرت عليها جماعات دينية راديكالية قد تماهت مع هذا التوجُّه بفرض الخطاب المذهبي والذي، للأسف، تغلغل إلى أعماق أهم مؤسَّسة في الدولة وهي المؤسسة العسكرية، وهو ما سنتطرق له في الأسطر القادمة من تناولنا لكتاب ”الإعداد الفكري للمقاتلين للعام التدريبي 2018”، والصادر عن شعبة التوجيه المعنوي بمحور تعز.
يتحدث الكتاب في صفحة 52 عن ”علاقة الحوثيين بإيران” ويلاحظ أنه يبدأ الحديث بلغة مذهبية مستخدماً مصطلح ”الروافض” فيبدأ الحديث بهذه الفقرة ”إن ارتباط الحوثيين بإيران وفكرها الرافضي الجعفري بدأ من زيارة بدر الدين الحوثي لطهران ومكوثه هناك عدة سنوات يرضع أفكارهم ويخطط هو وأئمته لنشرها في بلدنا الحبيب..”.
يستمر الكتاب في سرد العلاقة بين الحوثيين وإيران، وفي صفحة 56 يسرد ما وصفها بــ”مؤشرات على توجيه أيادٍ خارجية إيرانية ووجود صلات عقائدية وفكرية ودعم غير طبيعي لتنظيم الشباب المؤمن وحركة التمرُّد الحوثي”، ومن هذه المؤشرات التي يتحدث عنها الكتاب ”تمرير عقائد الرافضة كشتم الصحابة وإقامة الحسينيات، والاحتفال بيوم غدير خم، وافتتاح العديد من المحلات التجارية والمكتبات والتسجيلات ذات المسميات الشيعية مثل الغدير، خم، كربلاء، الحسين، النجف... وغيرها، وتعليق لافتات قماشية سوداء كتب عليها عبارات وهتافات جعفرية مثل: يا حسيناه، يا علياه، من كنت مولاه فعلي مولاه، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق... إلخ، وتوزيع وبيع أشرطة وكتب وكتيبات ذات مضامين شيعية اثني عشرية ونشرات بمسميات: العترة وآل البيت والحسين والمهدي وغيرها، ونشر صور رموز شيعية كالخميني وخامنئي والصدر والسيستاني وحسن نصرالله ومقتدى الصدر وغيرهم...“.
يستمر الكتاب في تحوير الصِّراع السّياسي مع الانقلابيين إلى صراع مذهبي عقائدي يتنافى مع قيم المواطنة التي تكفل حق المعتقد، فيذهب الكتاب في خطاب تكفيري بحت وصريح في صفحة 57 للحديث عما أسماه ”أسباب تكفير الشيعة الرافضة لمخالفيهم من المسلمين”.
فيتحدث الكتاب أنَّ من ضمن هذه الأسباب ”عدم الإيمان بأئمتهم الاثنى عشرية بالطريقة التي يتبعونها حيث قال علامتهم المجلس في بحار الأنوار 23ط/ 390 بيروت: اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده -عليهم السلام- وفضل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار”.
وفي نفس الصفحة يذكر الكتاب أيضاً أنه من ضمن الأسباب ”حب أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- ففي مرجعهم بحار الأنوار المجلس 69ص137: عن أبي علي الخراساني عن مولى لعلي بن الحسين -عليهما السلام- قال: كنت معه -عليه السلام- في بعض خلواته فقلت: إن لي عليك حقاً، ألا تخبرني عن هذين الرجلين: عن أبي بكر وعمر؟ فقال: كافران، كافر من أحبهما”.
ويواصل الكتاب في صفحة 57 حديثه عن ”تكفير الشيعة الرافضة لمخالفيهم من المسلمين” فيقول ”وأما حسين الحوثي فلا يختلف عن أئمته ومراجعه الرافضة فهو كذلك ينفي الهداية، وأن يكون في حزب الله كل من يوالي ويحب أبا بكر وعمر بمعنى أن ملايين المسلمين المخالفين له لا يهتدون وهم من حزب الشيطان. فقد جاء في محاضرة له بعنوان (هدي القرآن) قوله: من في قلبه من الولاية لأبي بكر وعمر، لا يمكن أن يهتدي إلى الطريق، ولن يكون من حزب الله”، ويستمر الكتاب بسرد ما يعتبرها دلائل على تكفير الشيعة للمسلمين ليصل في نفس الصفحة 57 إلى ”أن الرافضة لا تعترف بالآخر، او التعايش معه، وهي جماعة إقصائية من الدرجة الأولى”.
في صفحة 58 يقول الكتاب متحدثاً عن جماعة الحوثي ”ولا فرق عندهم في تكفير المخالف بين صوفي وسلفي وأشعري وزيدي وشافعي أو حنفي وحنبلي ومالكي، فمجرد الانتساب للمذاهب الأربعة هي جريمة وكفر في نظرهم يبطل العبادة، وهذا ما شرحوا به الإجمال الموجود في كتبهم، وجميع هذه الفرق تخالف الرافضة الشيعية في عقيدتهم ولاشك”.
ويصل الكتاب في نفس الصفحة 58 إلى القول ”ولقد ترجم الرافضة الحوثيون هذا التكفير بإباحة دماء المسلمين المخالفين لهم فرفعوا السلاح، وأشهروا القتل ضد مخالفيهم من السلفيين والإصلاحيين والزيديين في صعدة ومنها د
ماج، والجوف، وحجة، وعمران، وغيرها”. ثم يسرد الكتاب مقتطفات من كُتب شيعية ليصل للقول ”إذاً ما يحدث في مناطق مختلفة من الأراضي اليمنية من قتل للمسلمين من أهل السنة، ونهب أموالهم، نتيجة هذه الفتاوى لمرجعياتهم من كتبهم المعتبرة”.
ينتقل الكتاب في صفحة 59 للحديث عن ما أسماه ”حكم علماء الإسلام وفتاواهم في الشيعة الإمامية الاثنى عشرية” حيث يؤكد الكتاب ”أن الاثنا عشرية من فرق الضلال التي جمعت في عقيدتها كل شر موجود في باقي الفرق، ولهذا حكم العلماء بكفرهم وزندقتهم”.
ثم يسرد الكتاب في صفحتي 59 و60 مقولات عن الرافضة لكل من ”علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عبدالله بن المبارك، إبراهيم بن المغيرة، الإمام الزهري، علقمة بن قيس النخعي، أبوعبيد القاسم بن سلام، الإمام مالك بن أنس، حرملة عن الشافعي، الخلال عن أبي بكر المروذي، الإمام أحمد بن حنبل، البخاري، الإمام ابن الجوزي، ابن حزم الظاهري، القاضي عياض، شيخ الإسلام ابن تيمية، الإمام الشوكاني”.
بعد هذا الكلام الذي ينطق به هذا الكتاب والصّادر عن شعبة التوجيه المعنوي في محور تعز، ما جدوى حديث الرئيس عبدربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن عن الحلول السّياسية الملتزمة بالمرجعيات الثلاث، وما جدوى الحديث عن القضاء على الانقلاب واستعادة الدولة طالما والحرب من وجهة نظر قيادات الجيش هي حرب بين طائفتين: طائفة مؤمنة وطائفة الرافضة الزنادقة؟!!
وما جدوى حديث الرئيس هادي عن استعادة الدولة إن لم تكن دولة الإسلام؟!!
وهل ستنتهي الحرب وسيتعايش المسلمون والكفار الروافض والزنادقة في دولة واحدة، وهل ستحكم هذه الدولة بشرع الإسلام أم بشرع الروافض؟!!
هل يدرك رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة خطورة أن يصدر كتاب من جهة رسمية تابعة للجيش وخاص بالتوجيه المعنوي وتجد فيه أسماء ابن تيمية والإمام الشوكاني والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم، ولا تجد فيه علي عبدالمغني ولا لبوزة ولا القردعي ولا عبدالرقيب عبدالوهاب، ولا حتى بيتاً شعرياً من قصيدة وطنية؟!!