"السلة العجيبة"!
السبت 03 مايو 2025 - الساعة 12:59 صباحاً
منذ عشر سنوات والحكومة تستجدي المساعدات والهبات والودائع المالية من الخارج، لكي تتمكن من تسيير شؤونها والوفاء بالتزاماتها ودفع المرتبات.. ومنذ عشر سنوات، وملايين اليمنيين بشرائحهم وفئاتهم المختلفة، يحصلون شهرياً أو دورياً أو موسمياً على السلال والإغاثة الغذائية والإيوائية والصحية، والمساعدات النقدية المقدمة من المنظمات الأممية، والمؤسسات والمنظمات والجمعيات المحلية والعربية والدولية..
وطوال السنوات الماضية، حُرم أغلب المعلمين والتربويين من الإغاثة والسلال الغذائية، بحجة أنهم موظفون ولديهم مرتبات، رغم أن هذه المرتبات الهزيلة لم تعد تفي بالحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للمعلم وأسرته.
واليوم، ولمجرد استهداف المعلمين بالإغاثة، وحصولهم على سلال غذائية من قبل الخلية الإنسانية في المقاومة الوطنية، وحتى قبل أن تصل إلى أيديهم، أثيرت حول هذه السلال الغذائية ضجة إعلامية كبيرة ومبالغ فيها، وأثير حولها جدل واسع محتدم منذ أيام في المجالس والشوارع ووسائل التواصل الاجتماعي.. وأثيرت الزوابع والشائعات، وأطلقت التحذيرات من الآثار الجانبية الخطيرة لهذه السلة العجيبة، وما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات تربوية واجتماعية وسياسية.. ووصل الأمر بالبعض إلى مطالبة المعلمين المساكين برفض وعدم استلام السلال الغذائية حفظاً لكرامتهم!
فلماذا أصبح اليوم الحصول على الإغاثة والسلال الغذائية يمثل فقداناً للكرامة وانتقاصاً منها؟ ولماذا هذه السلال الغذائية بالذات، دون غيرها، مريبة وتخل بالكرامة؟
ولماذا يُطالبون المعلم بالذات برفض استلام السلال الغذائية حفظاً للكرامة؟
وعن أي كرامة يتحدثون في ظل الوضع الراهن، وما وصلنا إليه اليوم، وفي ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والفساد المتفشي، والغلاء، والجشع، والانتهازية، والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطنون والموظفون بشكل عام، والمعلمون بشكل خاص، وفي ظل الوضع المزري للمعلمين والحالة المزرية التي وصلوا إليها اليوم؟
وإذا كانت الإغاثة والسلال الغذائية تخل بالكرامة، وإذا كان ضررها أكبر من نفعها، فلماذا يُطالب المعلم وحده بتجنب الإغاثة والتنازل عنها حفظاً للكرامة؟
ولماذا لا يبدأون بمطالبة القابعين في الخارج، والمعتاشين في العواصم الخليجية والعربية والتركية، ومطالبة المتلقين والمتلقفين للمساعدات والإعانات والهبات والعملات الأجنبية في الداخل، من فوق الطاولة ومن تحتها، ومطالبة القطط السمان، وحيتان الإغاثة، والعابثين والمتلاعبين بالإغاثة، بالحفاظ على الكرامة؟
وإذا كانوا حريصين على المعلمين وعلى كرامتهم، فلماذا لا يقفون مع المعلمين ويدعمون مطالبهم المشروعة، ويؤيدون فعالياتهم الحقوقية السلمية، ويطالبون السلطة المحلية والحكومة بالاستجابة لمطالب المعلمين الحقوقية، وصرف حقوقهم المشروعة، وتحسين ظروفهم الوظيفية والمعيشية، وحفظ كرامتهم؟
ولماذا هذه السلال الغذائية المقدمة للمعلمين من الخلية الإنسانية بالذات، تثير الريبة، وتخدش الحياء، وتخل بالكرامة، وتثير كل هذه الضجة دون سواها من السلال الغذائية المقدمة من سائر المنظمات والمؤسسات والجمعيات، ما ظهر منها وما خفي واستتر؟
فالسلال الغذائية المقدمة من الخلية الإنسانية للمعلمين، مثلها مثل الإغاثة والسلال الغذائية المقدمة من المنظمات والمؤسسات والجمعيات الأخرى للملايين من المواطنين من مختلف الشرائح والفئات، وضمن برامج وأنشطة ومشاريع الإغاثة الإنسانية.
والخلية الإنسانية منظمة، مثلها مثل غيرها من المنظمات والمؤسسات والجمعيات والمسميات الخيرية والإغاثية والإنسانية المحلية الأخرى.
والهلال الأحمر الإماراتي، مثله مثل الهلال الأحمر القطري، والكويتي، والسعودي، والتركي، والعماني، ومثله مثل مركز الملك سلمان، والجمعية الكويتية، وجمعية إحياء التراث، وجمعية قطر الخيرية.
وأخيراً، يجب التأكيد على أن السلال الغذائية المقدمة للمعلمين في تعز من قبل الخلية الإنسانية، تأتي في إطار العمل الإغاثي والإنساني المقدم للملايين من اليمنيين.
وأن هذه الإغاثة، وهذه السلال الغذائية، ليس لها علاقة بالاضطراب والفعاليات الاحتجاجية، وبمطالب وحقوق المعلمين، وليست بديلاً ولا تعويضاً عن الحقوق والمطالب الحقوقية المشروعة للمعلمين والتربويين، والتي تقع مسؤولية الاستجابة لها وتنفيذها على عاتق الجهات المختصة، والوزارات المعنية، وحكومة الشرعية.
وسوف يستمر المعلمون والتربويون في المطالبة بحقوقهم المشروعة، وسيستمرون في الإضراب والاحتجاجات السلمية حتى تحقيقها وانتزاعها.
وعلى هذا الأساس، فإن الباب مفتوح أمام جميع المنظمات والمؤسسات والجمعيات الأخرى، لكي تحذو حذو "الخلية الإنسانية"، وتبادر لتقديم إغاثة وسلال غذائية للمعلمين والتربويين، وسنكون من المرحبين.