قراءة لواقع اليوم لا في التمنيات.. الدولار يتجاوز 2900 ريال.. الاقتصاد يدخل مرحلة اللاعودة
الاربعاء 16 يوليو 2025 - الساعة 09:48 مساءً

د. عبدالسلام حيدر
مقالات للكاتب- قراءة لواقع اليوم لا في التمنيات.. الدولار يتجاوز 2900 ريال.. الاقتصاد يدخل مرحلة اللاعودة
- أزمة الماء في تعز… مسؤولية جماعية وليست قضية شخص أو منصب
- غياب القيادة والعقل السياسي في اليمن: جوهر الكارثة الوطنية
- بين المال والخير: مقارنة بين دور الكريمي وجمعية هائل سعيد الخيرية في دعم الخدمات الطبية للمواطن اليمني
اليوم، الدولار يلامس سقف جديد من اللامعقول: (2910 ريال يمني) للدولار الواحد.
لكن الحقيقة أن الرقم لم يعد هو الكارثة، بل الكارثة أننا تخطّينا مرحلة الانهيار الصامت، ودخلنا في منطقة اللاعودة، حيث لا عملة وطنية، ولا سياسة نقدية، ولا ثقة عامة.
الرقم 2910 ليس مجرد سعر صرف، إنه شهادة وفاة صامتة لعملة وطنية كانت في يوم ما محترمة، ولجهاز حكومي أصبح عاجزاً عن حماية القيمة، ولا حتى تفسير ما يحدث..
اليوم، لا نعيش أزمة نقدية فقط، بل تحولاً في نظام السلطة الاقتصادية داخل البلد.
لم يعد الريال اليمني مجرد وسيلة تبادل، بل أصبح رمزاً لفشل الإدارة، ولحظة سقوط مدوٍ للثقة العامة.
ما الذي تغيّر؟
هذا كان ردي على احد الاعزاء عندما أرسل لي رسالة عبر الوتس يمازحني أن الدولار تراجع ١٠ ريالات، وكان ردي عليه بلهجة تعزية الدولار يتهري(بمعنى يعد نفسه للانطلاق الى اقصى مسافة)، وها هو اليوم يقفز الى 1910ريال، لأنني كنت ادرك ان التغير لم يكن نتيجة طبيعة للعوامل الاقتصادية.
لم يعد المواطن ينتظر توضيحاً من البنك المركزي، لأنه يدرك أنه لا يمتلك مفاتيح الحل.
السوق لم تعد تتفاعل مع تصريحات، بل مع سعر صرف مؤسسات الصرافة الكبرى.
الحكومة خارج المشهد الاقتصادي تمامًا، والتجار هم من يرسمون ملامحه اليومية.
الأخطر:
أن التدهور لم يعد يُقرأ بلغة الاقتصاد فقط، بل بلغة السياسة السيادية.
فالعملة الوطنية هي آخر تجليات الدولة...
وحين تسقط العملة، فهذا يعني أن الدولة بوظيفتها الأساسية لم تعُد قادرة على حماية مواطنيها من الجوع والذل.
وهنا نطرح سؤال أخلاقي قبل أن يكون اقتصادي:
من يتحمل المسؤولية؟
هل هو البنك المركزي الذي أصبح أداة تنفيذية بلا استقلال؟
أم الحكومة التي لا تملك رؤية ولا جرأة اعتراف؟
أم القوى المتحكمة في القرار الاقتصادي التي تدير المشهد من خلف الستار، دون ضمير ولا محاسبة؟
أما المواطن...
فقد صار هو الخازوق الذي تدور عليه كل تجارب الفشل، وصار يُطلب منه التحمل بلا كهرباء، ولا ماء، ولا دواء، ولا راتب، ولا حتى عملة.....
نحن لا نحتاج حلولا تقنية بقدر ما نحتاج إلى تغيير قواعد اللعبة نفسها.
فلا جدوى من ضخ المنح إذا لم تتغير منظومة إدارة المال العام.
ولا معنى لتثبيت السعر إذا لم يكن هناك اقتصاد حقيقي يدعمه.
نريد اقتصاد حقيقي... اقتصادي حقيقي يا جماعة الخير بجاه الله....
الريال لا ينهار وحده... بل تنهار معه فكرة الدولة.