في اليمن .. حيث كل شيء يحدث فجأة ..
السبت 02 أغسطس 2025 - الساعة 08:52 مساءً
كل شيء في اليمن يحدث فجأة ؛ لا مقدمات ، ولا إشارات ، ولا حتى منطق داخلي يُمهد لما سيحدث .
وكلما يحدث فجأة لايخضع للعقل ولا للمنطق ولا لأي نوع من القياس .
يحدث وكأنه قُدّر في ليلٍ بلا نجوم ، خارج الزمن ، وخارج سياق الفهم .
هذا ليس توصيفاً شعرياً ، بل خلاصة تجربة وطنٍ يعيش على إيقاع صدمات لاتنتهي ؛ إنقلابات بلا تحذير ، حروب بلا إعلان ، تسويات لاتمر عبر الناس ، وقرارات تتخذها أطراف خارجية وتُنفذ محلياً تحت غبار الضجيج أو صمت الإنهيار .
اليوم يقف اليمن من جديد على أعتاب مفاجآت مجهولة ؛ صراع الرئاسات والحديث المتزايد عن إعادة هيكلة المجلس الرئاسي أو حتى تفكيكه ؛ همس عن تفاهمات جديدة تُطبخ في غرف مغلقة ؛ إتفاقات سعودية حوتية يجري إستكمالها دون إعتبار لمكونات الشرعية ؛ وحرب إعلامية صامتة تُدار عبر قنوات النفي والتسريب ، لاتُسمي الأشياء ، لكنها تُهيئ النفوس لما هو قادم .
كل هذا يُنذر بشيء ما يقترب ... ومرة أخرى ، سيحدث فجأة .
سيُقال لاحقاً : لم نكن نعلم أو فوجئنا، أو لم نحسب حساب ذلك ، وكأن الفجائية قدر مقدّس لايمكن التمرد عليه .
لكن الحقيقة أن اليمن لم يكن ضحية المفاجآت ، بل ضحية تغييب الوعي وإقصاء العقل من المعادلة الوطنية ؛ وحين يُغيب العقل تتغوّل الصدفة وتتسيد اللحظة ، ويتحول الناس إلى متلقين لما يُفرض عليهم من أعلى أو من خارج الحدود .
ليس من الصعب التنبؤ ، مادامت القاعدة واحدة ؛ فإعادة هيكلة السلطة التنفيذية باتت شبه محسومة ، ولكن لا أحد يعلم كيف ولا متى ولا من سيكون فيها ومن سيُقصى .
ومن المحتمل أن تظهر قوى جديدة بوجوه قديمة ، تحت عناوين السلام ، أو الانتقال ، أو الشراكة ، لكنها مفروضة وليست منبثقة من الناس .
وقد تُفاجأ محافظات مثل تعز بإقصاءات جديدة ، أو بصفقات تسوية تشملها بالحد الأدنى ، كما لو أنها ورقة لالزوم لها على طاولة الكبار .
وربما تُفرض خارطة نفوذ جديدة ، دون أن يُستفتى الشعب أو يُبلّغ عنها .
كل ذلك وارد … لأنه ببساطة كل شيء يحدث فجأة .
ولذلك ، فإن إعادة الإعتبار للعقل والوعي الجمعي بات ضرورة قصوى ؛ لا لمواجهة المفاجآت فقط ، بل لإنتاج سياق مختلف ، لاتُفرض فيه الحياة من خارج الجغرافيا ، ولا يُرسم المستقبل بأقلام غير يمنية .