العقيد عبد الباسط البحر وعقيدة الغَوار القتالية داخل صفوف الجيش
الاربعاء 06 أغسطس 2025 - الساعة 12:50 صباحاً
شخصياً لا أحب أن أكتب عن التصريحات ذات الطابع السجالي، لكن أخوكم يجد نفسه في بعض الأحيان مُكرَهاً لأبطلُ في مسألة الذهاب إلى الكتابة التحليلية عن بعض التصريحات اللامعقولة. فبعض هذه التصريحات أو المواقف تحتاج إلى كتابة موضوعية تكشف خطورة الاستناد إليها أو العمل بها، خصوصاً عندما تكون مثل هذه التصريحات ليست مقبولة منطقياً في تبرير الحدث المستنكر فقط (الاعتداء على المجمع القضائي) بل تكشف عن وجود اعتمالات كارثية والسماح بتأسيس أنماط غير وطنية أدت إلى وقوع هذا الحدث وسوف تودي إلى إحداث أكبر منه جرماً.
ثقافة الغَوار داخل الجيش أصبحت ثقافة نخوة عسكرية لا يخجل حتى القائد العسكري عن ذكرها على الملأ أو الاحتجاج بها بكل بساطة على صفحته في تبرير مواجهات عسكرية بدأت بين اثنين من أفراد الجيش في شجار شخصي، وانتهت بمواجهات عسكرية استُخدمت فيها مدرعة عسكرية تتحرك من داخل معسكر الدولة (اللواء 22) يتقدمها طقم عسكري أطلق النار على مجمع قضائي، وبدون أدنى مسؤلية أصاب أفراد الحراسة واعتقل قائدهم دون أي اكتراث برجال القضاء والمدنيين ولا حتى بكون أن المجمع يقع داخل حي سكني مدني. ناهيك عن كون هذا التصريح الذي حاول أن يبرر ما حدث بداعي النخوة العسكرية التي تفردت بها مؤسسة الجيش في تعز (داعي الغَوار العسكري مقابل النخوة القبلية التي لم تتميز بها ثقافة تعز) صادراً عن الناطق الإعلامي لقيادة محور تعز العسكري العقيد عبد الباسط البحر.
دعونا نسير وراء رواية العقيد عبد الباسط البحر ونقول إنَّ ما حدث لا علاقة له بالاعتداء على المجمع القضائي أو على القضاء العاملين في هذا المجمع، ونحاول أن نَخلَع عقولنا ونستوعب عقيدة الغَوار القتالية التي أصبحت اليوم تفرض على أفراد المؤسسة العسكرية في تعز واجب النصرة والفزعة والقتال ضد بعضهما البعض بسلاح المدرعات والدبابات داخل الأحياء السكنية. خصوصاً ونحن لا نتحدث عن قتال داخل الجيش يفرضه الانقسام السياسي، بل نتحدث عن استخدام سلاح الدولة في قتال بين أشخاص عسكريين وفي خلافات شخصية. ثم نجد مثل هؤلاء الشخصين يجرون أفراد ووحدات عسكرية تُمَثِّل الدولة ويستخدمون سلاحاً ثقيلاً يُحرَّم استخدامه في مواجهات ذات طابع شخصي بين أفراد عسكريين من وحدات مختلفة تحت داعي الغَوار ={ النخوة العسكرية } الذي أصبح عقيدة قتالية لأفراد الوحدات العسكرية في تعز على حد وصف العقيد عبد الباسط البحر.
العقيد عبد الباسط البحر صديق عزيز جمعتني به مؤخراً عدة لقاءات وندوات، لكن من سوء حظنا أن هذا ثاني مقالٍ أكتبه بدافع الحزن جرى تصريحاته المؤلمة. صحيح أنَّ ما قاله أمس يكشف حقيقة موضوعية تعني انفصال سلاح الجيش في تعز عن ثقافة العقيدة القتالية الوطنية للجيش الوطني وعن فكرة الدولة الوطنية، لكن قراءة المنشور من صفحته بكونه الناطق الرسمي للجيش يجعل لسان حاله أشبه بمن هو مُجاهرٌ بالمعصية، حتى وإن أراد في تصريحه أو منشوره التخفيف من هول الحدث بحُسن نيَّة.
الأسئلة الموجعة للعقيد عبد الباسط البحر تقول: كيف نستوعب أن أحد أفراد الجيش في خلافه الشخصي يستدعي مدرعة عسكرية وأطقم عسكرية تُقاتل في غَزوته الشخصية دون علم قائد اللواء؟ فهل نحن بصدد أفراد جيش وطني أم بصدد أفراد العصابات المنفلته؟ وكيف يمكن أن نوفق بين ثقافة الغَوار وبين تصريحاتك المتكررة عن الجيش الوطني في تعز؟
ليتك صُمتَّ ولم تقُل شيئاً يا صديقي العزيز.