اليمن والسعودية .. من إرث الماضي إلى حدود المحبة ومشروع المستقبل ..

الاحد 10 أغسطس 2025 - الساعة 06:43 مساءً

 

منذ نشأة المملكة العربية السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي ، شكلت علاقتها باليمن مزيجاً معقداً من الجوار الجغرافي ، والروابط الدينية والقبلية ، والمصالح السياسية ، والمخاوف الأمنية ؛ وظلت العلاقة تتأرجح بين التوتر والتقارب ، وبقيت المملكة لاعباً رئيسياً في الشأن اليمني مؤثرةً في مساراته ، وصولاً إلى الإنقلاب وسيطرة الحوتيين على صنعاء ، لتدخل العلاقات مرحلة جديدة عنوانها عاصفة الحزم في مارس 2015 ، ثم إعادة الأمل ، في محاولة لإعادة الشرعية ودحر المشروع الإيراني في اليمن .

 

والعلاقات اليمنية_السعودية في شقها التاريخي ؛ بنيت على عدة إعتبارات ؛ ويبدو أن تلك الإعتبارات صارت من الماضي ولم تعد مقنعة للسعودية الجديدة التي تعمل علی تحديثها لتتلائم مع تطورات الحاضر وتطلعات المستقبل .

 

إضافة إلى أن سنوات الحرب أفرزت واقعاً مركباً ، فرض مراجعات على الطرفين ، خاصة في ظل تحولات السعودية الجديدة التي تتحرك وفق رؤية 2030 ، وتعيد تقييم أولوياتها الإقليمية في ظل التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة .

 

حدود المحبة ..

مع تسارع خطوات السعودية الجديدة نحو تحقيق رؤيتها 2030 ، يصبح من الضروري إعادة صياغة العلاقة اليمنية_السعودية على أسس أكثر عمقاً وواقعية ، بعيداً عن إرث الماضي القائم على المخاوف أو سياسات شراء الولاءات .

 

وهنا تبرز "حدود المحبة" الرؤية التي طرحها الأستاذ/عبدالله نعمان_الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ، وهي صياغة لعلاقة تكاملية ، تُحَوِّل الحدود السياسية من خطوط فصل إلى جسور تعاون ، وتضع أسساً لإحترام متبادل وتكامل اقتصادي وأمني ؛ ومشروع متكامل لتطوير العلاقات اليمنية_السعودية ؛ تحول الحدود بين البلدين من خطوط فصل إلى جسور تعاون ، ومن مناطق عازلة إلى شرايين حياة .

 

1_ البعد الاقتصادي :

حدود المحبة تفتح الباب أمام تكامل إقتصادي يحقق المنفعة المشتركة من خلال :

▪︎إقامة مناطق إقتصادية حرة على طول الشريط الحدودي .

▪︎تطوير البنية التحتية العابرة للحدود ، بما يشمل الطرق والسكك الحديدية والموانئ البرية .

▪︎إستثمار الموارد اليمنية في الزراعة والمعادن والموانئ وغيرها ، بما يدعم أمن السعودية الغذائي ويعزز موارد اليمن المالية .

وبهذه الصيغة ، تصبح الحدود منصة إنتاج وتبادل ، لا نقطة عبور للتهريب أو النزاعات .

 

2_ البعد الإجتماعي :

العلاقة بين الشعبين متجذرة في الروابط القبلية والعائلية ؛ وحدود المحبة تعني تعزيز هذه الروابط عبر :

▪︎تسهيل تنقل الأفراد بآليات منظمة وآمنة .

▪︎برامج تبادل تعليمي وثقافي وشبابي .

▪︎مشاريع تنمية مشتركة في القرى والمدن الحدودية ، تمنع الفراغ التنموي الذي يغذي التطرف والجريمة .

 

3_ البعد السياسي :

سياسياً ، حدود المحبة تنقل العلاقة من التبعية إلى الندية ، ومن الصراع غير المعلن إلى الشراكة المعلنة ؛ وفي هذا الإطار يضمن لليمن إستقلالية القرار الوطني ضمن شراكة إستراتجية ؛ ويمنح السعودية شريكاً مستقراً وآمناً على حدودها الجنوبية ؛ ويخلق بيئة سياسية إقليمية مستقرة تدعم مشاريع التنمية الكبرى في الخليج واليمن .

 

4_ البعد الأمني والعسكري :

أمنياً وعسكرياً ، فإن حدود المحبة تترجم إلى تنسيق أمني دائم لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة ؛ ومنع تسلل أي قوى خارجية تهدد أمن وسلامة المنطقة .

 

بناء قوات حدودية مشتركة مدربة ومجهزة ، تدير الحدود بأسلوب إحترافي بعيداً عن المليشيات أو الفوضى ..

 

إن حدود المحبة ليست شعاراً عاطفياً ، بل مشروع إستراتيجي تتقاطع عنده المصالح الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والأمنية لليمن والسعودية . 

 

إنها دعوة عملية لكل من يهمه الأمر ، بأن الطريق إلى الإستقرار الإقليمي يمر من تحويل الجغرافيا من عبء إلى فرصة ، ومن الحدود إلى جسور تنمية وسلام .

 

إن الإنتقال إلى مرحلة "حدود المحبة" يتطلب شجاعة في مراجعة الماضي ، ورؤية واضحة لإدارة الحاضر ، وإرادة سياسية مشتركة لصناعة مستقبل مشترك ، تتقاطع فيه مصالح اليمن والسعودية عند نقاط التنمية والإستقرار ، لا عند خطوط التوجس والخوف .

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس