لغز السلام في اليمن ..
الجمعه 31 أكتوبر 2025 - الساعة 07:21 مساءً
في اليمن ، يبدو المشهد كاريكاتورياً إلى حد الفاجعة ، مجلس منتهي الصلاحية يطالب مجلساً بلا صلاحية !!
وكأن العجز يستنجد بالعدم لإنعاشه ، وبينهما وطن يحتضر بصمت ، فيما الإقليم من حوله يغلي ويتحول من الخرطوم إلى بغداد ، ومن دمشق إلى غزة ، حتى شرم الشيخ بإعتبارها منصة لتفاهمات كبرى تعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط .
وفي هذا التوقيت ، لاتبدو اليمن مجرد أزمة محلية ، بل ملفاً مؤجلاً ضمن صفقة إقليمية أكبر ، تتقاطع فيها مصالح دولية وإقليمية ، تحت عنوان «الشرق الأوسط الجديد» الذي بشّر به ترمب ومن قبله بوش ، سلامٌ يُبنى فوق الخراب .
اليمن ليست مجرد قطعة شطرنج في يد اللاعبين الكبار ، بل عُقدة تاريخية في قلب الإقليم ، لاتُفك إلا من داخلها .
قد تتحدث العواصم عن "صفقة واحدة" تشمل كل الأزمات من فلسطين إلى العراق وسوريا والسودان ، واليمن من بينها ؛ صفقة يراد لها أن تفتح أبواب السلام مقابل التطبيع وإعادة ترسيم النفوذ والممرات والثروات ؛ لكن الحقيقة أن اليمن ليست ملفاً يُدرج ، بل جرح لايلتئم إلا من الداخل ، وشعب اليمن لايعرف حلولا كتبت بلغة غيره ، واليمن لايمكن أن تبنى من خارج ذاتها .
فلا إستقرار للبحر الأحمر دون تعز والحديدة ، ولا يمكن تحييد الحوثي أو توحيد الدولة ما لم تُستعاد الشرعية إلى مؤسسات فاعلة ، لا إلى شعارات فارغة أو مجالس تستهلك الزمن في بيانات المناشدة .
إن أبرز التحديات التي تواجه اليمن تتلخص أولاً وثانياً ... وعاشراً في تعثر بناء الدولة وغياب المشروع الوطني ، وستبقى البلاد مهددة بدورات العنف وعدم الإستقرار ، مالم يتحلى الجميع بشجاعة الإعتراف بأخطاء الماضي والإقرار بها_والإعتراف بالحقيقة نصف الحل_من أجل الإنتقال إلى المستقبل المنشود ، وتجاوز الماضي الأليم بكل أشكاله وتعقيداته .
ولا سبيل لذلك إلا بتوفير الضمانات السياسية والاجتماعية الكفيلة بوضع حل وطني شامل ، يضمن إنهاء النزاعات كافة ، ويقوم على الشرعية الشعبية بإعتبارها صاحبة المصلحة الحقيقية ، وبمشاركة الفاعلين السياسيين الأساسيين في اليمن .
قد تبرم الإتفاقات في جنيف أو الرياض أو مسقط ، لكن السلام الحقيقي لايوقع على الورق ، بل يبنى على أرض فيها دولة تملك قرارها وشعب يثق بحكامه .
أما حين تُدار اليمن كملفٍ مؤقت ضمن صفقة كبرى ، فستظل هدنة هشة في إنتظار الإنفجار التالي .
 
			  



















 
		

