انهيار الدعاية الحوثية،،،ومنظومة كانت تبدو محصّنة

الخميس 20 نوفمبر 2025 - الساعة 12:01 صباحاً

 

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية تحولاً لافتاً بعد النجاح الكبير الذي حققته حملة “واعي”، حيث تمكن المتطوعون من إغلاق عشرات الصفحات والحسابات المرتبطة بمشاهير وناشطين تابعين لجماعة الحوثي، في ضربة رقمية أربكت آلة الدعاية الحوثية وغيّرت نمط عملها المعتمد منذ سنوات على صناعة الشائعات والتأثير المنظّم.

 

فالسنوات التي بنت فيها مليشيا الحوثي حضورها الرقمي اعتمدت على جيوش إلكترونية تعمل بانتظام عسكري. شبكات مغلقة، “مشاهير” مصطنعون، حسابات يديرها خبراء في الحرب النفسية، وبرنامج يومي موحّد يبدأ من تفسير خطاب زعيمهم وينتهي بخلق موجة شائعات منظمة تهدف إلى تشتيت الوعي وتسميم الرأي العام. كانت تلك الحسابات تتحرك ككتلة واحدة، تكتب في الدقيقة نفسها، وتطلق الحملات في اللحظة ذاتها، وتحوّل كل قضية إنسانية إلى ساحة أكاذيب تخدم الرواية الحوثية.

 

ومع ذلك، جاءت ضربة “واعي” لتفكّك هذه الشبكة بضربة واحدة. إغلاق الحسابات لم يكن مجرد إسكات أصوات، بل تعطيلاً لآلة تدار خلف الستار، آلة صُمّمت لتوجيه الناس، تشويه الضحايا، واستهداف الأطفال بخطاب تكفيري وإعلامي شرس. فجأة فقدت تلك الشخصيات الإلكترونية جمهورها، انقطع عنها الزخم، وفقدت “التوقيت الذهبي” الذي كانت تعتمد عليه في صناعة التضليل. وما افتتحوه من حسابات جديدة لم يستطع استعادة شيء؛ جمهور تبخّر، تفاعل انهار، ومشروع كامل سقط أمام مجموعة متطوعين آمنوا بأن الوعي أقوى من الضجيج.

 

ولأول مرة تظهر الفوضى داخل غرفة العمليات الرقمية الحوثية. الشبكة التي كانت تعمل بإشراف أمني مباشر وبدعم خارجي من مدربي حرب نفسية، وجدت نفسها مشلولة أمام سلاح بسيط اسمه: المشاركة الجماعية الواعية. لم تعد الجماعة قادرة على إطلاق حملاتها بنفس الإيقاع، ولم تعد الشائعات قادرة على اجتياح المنصات كما قبل، ولم تعد رواياتهم محكمة كما اعتادوا. فالمشهد تغيّر، والناس باتوا أكثر حذراً، وأكثر قدرة على كشف صناعة التضليل التي ظلت تعمل لسنوات بلا رقابة.

 

من خلال متابعتي استطيع ان اقول ان الذي حدث  ليس إنجازاً تقنياً فقط، بل تحوّل استراتيجي في ميزان القوة داخل الفضاء الرقمي. لقد استعاد المجتمع جزءاً من المساحة التي صادرتها الجيوش الإلكترونية، وأصبح صوت الحقيقة أعلى من ضجيج الحملات الممولة. والأهم أن التجربة أثبتت أن مواجهة التضليل لا تحتاج إلى مؤسسة ضخمة، بل إلى وعي جماعي يدرك حجم المعركة التي تُدار ضده.

 

اليوم، وللمرة الأولى منذ سنوات، أصبح المشهد الرقمي في اليمن أكثر توازناً. الجماعة التي كانت تهيمن على الفضاء بالهجمات النفسية باتت في موقع الدفاع، بينما حقق “واعي” ما فشلت فيه جهات كثيرة: إسقاط القداسة الإعلامية المصطنعة، وتعرية حسابات مدربة ظلت تتخفى خلف “نفوذ وهمي” و”جماهير مزيفة”.

 

المعركة لم تنتهِ، لكنها لم تعد منحازة لطرف واحد. ومن الواضح أن الضربة التي تلقّتها ماكينة الدعاية الحوثية لن تكون الأخيرة بل أحدثت توازنا  … فالوعي حين يستيقظ يصبح أقوى من كل أدوات التضليل، وأقدر على حماية المجتمع من الأكاذيب التي كانت تُدار عليه ببرودة تامة.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس