مفارقات.. !!

الثلاثاء 02 ديسمبر 2025 - الساعة 09:50 مساءً

 

من المفارقات العجيبة أن "الشرعية" ومنذ سنوات تدعو الحوثيين إلى الاستماع لصوت العقل وإلى الحوار والجلوس على طاولة التفاوض، بينما يدور حوار بالرصاص بين بعض فصائل ومكونات وأطراف الشرعية، والتي تلجأ إلى القوة وتخوض صراعات مسلحة لتصفية الحسابات وتسوية الخلافات والنزاعات البينية، ولبسط الهيمنة والسيطرة على مناطق وثروات معينة، ولخدمة مشاريع صغيرة أو صراعات بالوكالة.

 

والأمر نفسه ينطبق على الأحزاب والقوى السياسية، والتي لا تخلو بياناتها وتصريحات وخطابات قياداتها من دعوة الحوثيين للاستجابة لصوت العقل ولنداء السلام، وإلى الحوار والجلوس على طاولة التفاوض، بينما تقف تلك الأحزاب والقوى السياسية موقف المتفرج من الحرائق المشتعلة والصراعات والمعارك المسلحة الصغيرة التي تدور بين الحين والآخر بين بعض مكونات وأطراف وفصائل الشرعية. 

 

بل إن بعض القوى والأحزاب قد تكون ضالعة بشكل أو بآخر في تلك الصراعات أو قد تنجر إليها أو توفر لها الغطاء السياسي والإعلامي، كما أن هذه القوى والأحزاب تقف مسلوبة الدور والإرادة والقرار، وعاجزة عن تسوية خلافاتها البينية وإدارة حوار حقيقي وبنّاء فيما بينها.

 

كما نلمس نفس المفارقة أيضاً لدى دول التحالف العربي، والتي دأبت على دعوة الحوثيين إلى ترك الخيار العسكري والتحول نحو الخيار السياسي والقبول بالحوار والجلوس على طاولة التفاوض. وفي الوقت الذي بات من الواضح أن دول التحالف، وبالتحديد السعودية والإمارات، لم تعد ترغب باستمرار الحرب مع المليشيات الحوثية ومن خلفها إيران، ولم تعد تفضل الخيار العسكري، وباتت تفضل خيار التفاوض والتوصل إلى اتفاق وتسوية سياسية مع الحوثيين ومع إيران. 

 

بل وخاضت في هذا الإطار جولات من المباحثات والمفاوضات العلنية والسرية مع المليشيات الحوثية وحتى مع إيران نفسها، برعاية أممية وبواسطة عمانية وعراقية وصينية، بينما تساهم بعض الأخطاء والسلبيات والممارسات لدى "التحالف" في زيادة الانقسام والتشظي في إطار الشرعية، وإضعاف حكومة وقيادة الشرعية، واشتغال الحرائق الصغيرة والصراعات والمعارك الصغيرة بين أطراف ومكونات وفصائل الشرعية، وبعض الصراعات الدائرة بالوكالة عن بعض الأطراف الخارجية على النفوذ والمصالح.

 

والأولى بالشرعية ومكونات وأطراف وفصائل الشرعية أن تعمل على نبذ ووقف حوار الرصاص والصراعات المسلحة البينية، وأن تلتزم أولاً بالحوار فيما بينها كأسلوب ووسيلة لإدارة وتسوية النزاعات والأزمات وحل الخلافات البينية في إطار الشرعية، قبل أن تدعو المليشيات الحوثية إلى الحوار والتفاوض.

 

والأولى بالأحزاب والقوى السياسية أن تستعيد زمام المبادرة أولاً، وتخوض حواراً وطنياً جاداً وبنّاءً فيما بينها يمكن أن يفضي إلى الخروج من حالة الانقسام والتشظي، ومن نفق التجاذبات والمناكفات العبثية والخلافات البينية، والتوصل إلى رؤية وطنية توافقية وجامعة تلبي متطلبات وأهداف المرحلة الراهنة، وتغلب المشروع الوطني الكبير على أي مشاريع أخرى صغيرة، والقضايا الوطنية الأساسية على أي قضايا أخرى هامشية، والمصلحة الوطنية على أي مصالح ضيقة، والمعركة الوطنية الكبرى على أي معارك وصراعات صغيرة، والوصول إلى تكوين تحالف سياسي وطني جامع وفاعل يضم كافة أحزاب وقوى ومكونات الشرعية كإطار سياسي جامع للشرعية، يمكن أن يعمل على استعادة العقل السياسي والدور السياسي المغيب والمفقود، وإعادة بناء وتعزيز الثقة البينية بين القوى والأحزاب الوطنية ومكونات وفصائل الشرعية، واستعادة وتعزيز ثقة الشعب والحاضنة الشعبية.

 

والأولى بالدول، أو دولتي التحالف أن تعملا أولاً على إطفاء الحرائق المشتعلة وإيقاف الصراعات الدائرة، وكبح جماح فصائل وقوى ومكونات الشرعية المتصارعة، وممارسة الضغط عليها حتى تقلع عن استخدام القوة فيما بينها وتلتزم بالحوار لحل الخلافات البينية وتجاوز الأزمات وتسوية النزاعات القائمة، وبما يقود إلى توافق مكونات وقوى الشرعية وتماسك بنية الشرعية. 

 

وأن تعمل الدولتان على تقييم ومراجعة دور التحالف في الفترة الماضية، وتصويب بوصلة ومسار التحالف في اليمن، وإعادة صياغة العلاقة بين الشرعية والتحالف وفق المستجدات الراهنة وبما ينسجم مع الأهداف الأساسية المعلنة التي جاء من أجلها التحالف لدعم الشرعية في اليمن، وبما يحقق المصالح المشتركة ويعزز ويضمن الأمن المشترك لليمن ودول التحالف العربي ودول الجوار والمنطقة العربية عموماً.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس