الإصلاح… تنظيم يختبئ خلف الشعارات

الاربعاء 17 ديسمبر 2025 - الساعة 07:01 مساءً

 

لم يعد التجمع اليمني للإصلاح حزبًا سياسيًا بالمعنى المعروف، بل أصبح تنظيمًا مغلقًا يعيش على رصيد قديم، ويختبئ خلف شعارات لم يعد يؤمن بها ولا يمارسها. كيان يطالب بالدولة علنًا، ويخاف منها سرًّا، ويرفع راية الديمقراطية، بينما يرتعد من أي محاولة حقيقية لتطبيقها داخله.

 

المشكلة في الإصلاح ليست أخطاء عابرة ولا اجتهادات قابلة للنقاش، بل بنية كاملة قائمة على احتكار القرار، وتأبيد القيادة، وتجفيف أي احتمال للتجديد. عشرات السنين والقيادة ذاتها تتحكم في الحزب، تُعيد إنتاج نفسها، وتُقنع القواعد أن هذا الجمود هو «حكمة»، وأن التداول خطر، وأن التغيير مؤامرة.

 

في 2011، لعب الإصلاح أخطر أدواره. استخدم الثورة سلّمًا سياسيًا، ودفع بالشباب إلى الواجهة، ثم انسحب بهدوء حين اقترب الثمن من مراكزه القيادية. لم تكن تلك شراكة في التغيير، بل استثمارًا انتهازيًا في غضب الشارع، انتهى ببيع الثورة في أول سوق تسويات.

 

يتحدث الإصلاح عن المدنية، لكنه يُدار بعقلية البيعة. يتحدث عن المؤسسات، لكنه يحكم بمنطق الشِلّة. يتحدث عن الشفافية، لكنه يغلق كل الأبواب أمام المحاسبة. الانتخابات الداخلية شكل بلا مضمون، والنقد جريمة تنظيمية، والسؤال يُعامل كتمرد.

 

أما الدين، فهنا تبلغ الأزمة ذروتها. لم يعد مرجعية أخلاقية، بل أداة ترهيب. يُستخدم لإسكات المختلف، وتشويه المعترض، ومنح القيادة حصانة زائفة. كل من يخرج عن السردية الجاهزة يُتَّهَم في نيته، أو يُشكَّك في إيمانه، وكأن الحزب يملك مفاتيح السماء.

 

في بلد يحترق، وانهيار يلتهم ما تبقى من الدولة، لا يرى الإصلاح مشكلته في فشله السياسي، بل في «عدم تفهّم الآخرين له». يفسر النقد على أنه استهداف، والانسحابات على أنها خيانة، بينما الحقيقة أبسط وأقسى: الناس تغادر لأنه لم يعد هناك ما يُقنع بالبقاء.

 

الإصلاح لا يخسر بسبب خصومه، بل بسبب عناده، لا يتراجع لأنه ضعيف فقط، بل لأنه يرفض أن يعترف بأنه أخطأ. حزب لا يراجع نفسه، لا يسمع لشبابه، ولا يحاسب قيادته، محكوم عليه بالتحلل، مهما طال الزمن.

 

ولهذا يخرج أعضاؤه السابقون اليوم بلا ندم، يخرجون لأنهم اكتشفوا أن التنظيم الذي طالبهم بالتضحية لم يكن مستعدًا أن يضحي بشيء. وأن الحزب الذي تحدث باسم الوطن، قدّم نفسه عليه في كل اختبار.

 

هذه ليست خصومة شخصية، ولا حملة تشويه. هذه شهادة من الداخل، وحكم قاسٍ لكنه مستحق:

تنظيم يرفض التغيير، يستخدم الدين غطاءً، ويقدّس قيادته، لا يمكن أن يكون مشروع دولة، ولا حاملًا لأمل وطني.

 

وسيظل الإصلاح عالقًا في أزمته،إلى أن يفعل ما لم يجرؤ عليه يومًا: أن يواجه نفسه.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس