نسبتهم تصل إلى 5 % من السكان

قوة ارتباط المغتربين العرب بأوطانهم يمكن أن يلعب دوراً في تنمية المنطقة

السبت 01 ابريل 2017 - الساعة 04:59 صباحاً
المصدر : البنك الدولي

 


في خضم الجدل الدائر عالمياً حول الهجرة، تُعد المنافع الكثيرة التي يمكن أن يحققها المغتربون للبلدان المضيفة وأوطانهم الأصلية معرَّضةً لخطر النسيان. وتبذل حكومات معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي ينتشر مواطنيها بأعداد كبيرة في الخارج – فلسطين والمغرب والعراق ومصر والجزائر- جهوداً قليلة لجني ما يمكن أن تعود به أواصر القرابة من منافع اقتصادية على أوطانهم.

 

تعدّ نسبة المغتربين من المنطقة، والتي تعادل 5% على الأقل من إجمالي تعداد السكان أو 20 مليون شخص، أعلى كثيراً من المتوسط العالمي. ومن شأن حشد جهود المغتربين أن يساعد على الاستفادة من خبراتهم وشبكاتهم المهنية، مما يوسِّع من نطاق دورهم ليتجاوز مجرد إرسال التحويلات إلى أوطانهم.

 

للتحويلات النقدية قيمة كبيرة، لاسيما في أوقات الشدة، باعتبارها مصدرا للنقد الأجنبي. فقد أرسل مواطنو المنطقة المهاجرون وأبناؤهم تحويلات بقيمة وصلت إلى 53 مليار دولار إلى ذويهم وأصدقائهم في بلدانهم الأصلية في عام 2014، وتشكل قيمة التحويلات في لبنان والأردن أكثر من 15% من إجمالي الناتج المحلي  في كل دولة.

 

يرى تقرير جديد لمجموعة البنك الدولي بعنوان "حشد جهود المغتربين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي وريادة الأعمال" أنه يجب على حكومات المنطقة،  زيادة اعترافها الرسمي بقدرة مواطنيها المغتربين على لعب دور أوسع نطاقاً في نقل الموارد التمويلية الأخرى مثل الاستثمار المباشر بالإضافة إلى المعارف أو ("كسب العقول") والمهارات والشبكات المهنية.

 

تجاوز نطاق التحويلات النقدية

 

هناك بعض الأمثلة على ذلك بالفعل في المنطقة. فقد تردد أن استثمارا ضخماً قامت به شركة بومباردييه الكندية لإنتاج قطع غيار الطائرات في المغرب يرجع بدرجة كبيرة إلى اتصالات أجراها مغترب مغربي يعمل في شركة بوينج أسفرت عن إبرام العقد الذي تفاوضت عليه الحكومة المغربية بنفسها.

 

ويذكر التقرير أن "العلاقات الشخصية يمكن أن تسهّل ممارسة أنشطة الأعمال عالمياً".

 

وقالت مريم مالوش، المؤلفة الرئيسية لهذا التقرير "بالنسبة لي، المعلومات الرئيسية لا تتعلق فقط بالتحويلات أو بتفكير الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمغتربين من حين لآخر، أي عندما تحتاج إليهم فقط. بل تتعلق بتواصل الحكومات مع الناس وإشراكهم. فهناك ملايين المغتربين في الخارج ويمكنهم القيام بدور أكبر كثيرا في تحقيق التنمية."

 

وكان ما أصابها بأكبر دهشة عند القيام بأبحاث لإعداد هذا التقرير حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "شدة التزام المغتربين في الخارج ومدى ارتباطهم وتعلُّقهم ليس فقط ببلدانهم الأصلية، بل أيضا بالمدن التي نشأوا فيها."

 

وقد خَلُص استقصاء بين أفراد من المغتربين لغرض إعداد هذا التقرير إلى تلك النتيجة بالضبط. فأهم عامل منفرد لاهتمامهم كان شعورهم بالانتماء. وتبيَّن أيضا أن الإصلاح الوحيد الذي من شأنه زيادة مستوى مشاركتهم إلى أقصى حد هو أن تُشعرهم الحكومات في بلدانهم بأنهم من المعنيين، كشركاء نشطين وأطراف فاعلين يمكنهم المساهمة في تنمية الاقتصاد المحلي بطائفة واسعة من الوسائل.

 

ويُعد لبنان مثالا على ذلك: فعدد مواطنيه المغتربين بات يُقدَّر بالملايين حول العالم. وأشار بعض اللبنانيين المغتربين إلى أن منح الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي الحق في نقل الجنسية اللبنانية إلى أولادها من شأنه أن يُحدث أثرا كبيرا. وأشار آخرون إلى أن منحهم حق التصويت في وطنهم أمر مهم لهم.

 

وتقدم الفلبين مثالا على الممارسات الجيدة. فمع وجود حوالي 10 ملايين مواطن من مواطنيها الذين يعيشون ويعملون في الخارج، يمثل المغتربين حوالي 10٪ من إجمالي سكانها، ولكنهم يقومون بدور إيجابي في مساندة بلدهم. وتدير الفلبين علاقاتها مع مواطنيها المغتربين على مستوى مجلس الوزراء، حيث تسمح لهم بازدواج الجنسية والتصويت بالخارج. وتقر الفلبين بما يحققه المغتربون لمجتمعهم بشكل عام، لكنها تقر أيضا بما يحتاجون إلى الحصول عليه: فقيام المغتربين بما يتعين عليهم بشكل جيد يتطلب أن تلتزم الحكومات المضيفة – كما يقول التقرير - بتقديم معاملة حسنة للمهاجرين والمغتربين. وتقف الفلبين إلى جانب حقوق مواطنيها في الخارج. والأهم من وجهة نظر مواطنيها المهاجرين هو المزايا التي يحصلون عليها، مثل المساعدة القانونية الشاملة ونقل المعاشات التقاعدية والمساعدة على العودة يوماً ما إلى وطنهم والاندماج فيه.

 

ضرورة بذل الحكومات مزيداً من الجهود

 

تقول حكومة المغرب أن لديها 2.8 مليون مواطن مغترب في الخارج وتونس أيضاً لديها 1.2 مليون مواطن مغترب، و كلا البلدين لديها مكاتب حكومية في الخارج لخدمة الجاليات المغتربة، كما يُسمح بازدواج الجنسية والتصويت من الخارج. وتبذل الجزائر أيضا بعض الجهود لإشراك مواطنيها المغتربين البالغ عددهم حوالي 1.7 مليون، وقد يختار بعض الأشخاص عدم المشاركة في التصويت لأنهم يعتبرون أنفسهم جزائريين فرنسيين وليسوا جزائريين فقط. لكن الأمر يتطلب المزيد من التشجيع للمغتربين ليتغلبوا على انعدام الثقة العميق في حكومات بلدان المنطقة. فالاعتراف الرسمي بالجاليات المغتربة من شأنه طمأنتها. وهو أيضاً أمر تشعر "النخبة من المغتربين" بحساسية خاصة إزاءه.

 

وفي الوقت الحالي، يشير أفراد من المغتربين إلى "التوجيه" و"التعاون المشترك" باعتبارهما أكثر الأشكال شيوعاً للمشاركة مع الأشخاص في أوطانهم. يبدي الكثيرمن المغتربين استعدادهم للمشاركة والدعم بالمال. ومن الجدير بالذكر أنه من الممكن أن يبدأ رواد الأعمال مشاريعهم في المنطقة بمبلغ 10 آلاف دولار.

 

يُعد معدل البطالة في الكثير من بلدان المنطقة مرتفعا، لاسيما بين الشباب من خريجي الجامعات وبين النساء. ونعتقد بأن المغتربين على دراية ومعرفة بذلك - جزئياً لأن غالبية مواطني المنطقة العاملين بالخارج هم أنفسهم من الشباب المهنيين. إذا شارك 1% فقط من مواطني المنطقة المغتربين مشاركة كاملة في تنمية بلدانهم الأصلية، فإن ذلك وحده سيؤدي إلى تعبئة 200 ألف من المهنيين. وكما يشير التقرير، فإن أفعال القلة تُحدث أثرا كبيراً.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس