سيطرة الإخوان على الجيش والأمن بتعز .. بؤرة للفساد وحمايته
الخميس 03 يونيو 2021 - الساعة 11:24 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
"مكمن الخلل وبيت الداء" بهذه العبارة يشير محافظ تعز السابق أمين محمود الى مكان الخلل الرئيسي لمشهد الفوضى والعبث الذي تعاني منه المحافظة.
يحدد محمود هذا الخلل بأنه يكمن في مؤسسة الجيش والأمن ، مؤكداً بانه لا يوجد أي خيار للخروج من الوضع الكارثي الذي تعيشه تعز سوى إصلاحها.
"دون ذلك مجرد مضيعة للوقت وذر الرماد في العيون" ، كما يرى امين محمود في تعليق له على ما يبدو حول ما تشيعه سلطة الإخوان في تعز مؤخراً بتوجه نحو مكافحة الفساد.
يتحدث الرجل من واقع تجربة صراع مرير خاضه مع الجماعة التي فرض هيمنتها على مؤسسة الجيش والأمن ، لتحولها الى اكبر ملف للفساد في تاريخ تعز وربما في تاريخ اليمن الحديث ، الى جانب تحولها الى أداة لحماية الفساد في الجهاز المدني.
انها جماعة الإخوان التي وصفها د أمين أحمد محمود في وقت سابق بأنها" أصل ومنشأ كل الفيروسات القاتلة" ، توصيف قاسٍ يمكن تقبله بالنظر الى تجربة الرجل مع الجماعة خلال توليه منصب محافظ تعز والذي لم يستمر اكثر من عام ، بعد ان تمكنت الجماعة المسيطرة على قرار الشرعية بالإطاحة به أواخر 2019م.
كان محور الصراع الرئيسي هو ملف الجيش والأمن الذي حاول الرجل احداث تغييرات داخلها وهيكلة القيادات وفق ضوابط ومعايير قانونية، واقترح تشكيل لجنة عسكرية من 9 ضباط محترفين لإعادة هيكلة مؤسسة الجيش والأمن في تعز.
اشعل هذا الاقتراح شرارة الغضب الإخواني ضد الرجل الذي تجرأ بفتح أهم وأخطر ملفات الفساد الذي تمارسه الجماعة في تعز وهو ملف تحرير تعز، حين وجه مذكرة الى قائد المحور اللواء خالد فاضل يطالبه فيه بالكشف عن مصير نحو 3 مليار 400 مليون تسلمتها قيادة المحور في فبراير 2018 تحت هذا المسمى، دون ان تحقق اي تقدم على الأرض على حساب مليشيات الحوثي.
كانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها تساؤل رسمي حول مصير الأموال التي تتسلمها قيادة المحور من فترة الى أخرى باسم "معركة التحرير"، دون ان يكون لها اثر على الأرض ، وباتت اشبه بثقب اسود "إخواني" يبتلع المليارات من الريالات.
>> اقرأ المزيد : معارك " المليارات" .. تجارة الإخوان الرابحة في تعز
وعادت القضية هذه الى الواجهة مع اعلان السلطة الاخوانية في مارس الماضي عن ما يسمى بـ"التعبئة العامة" وفتح باب التبرعات وتخسير موارد المحافظة لصالح "معركة التحرير" دون تحقيق أي شيء يذكر.
ومع ارتفاع المطالبة بالكشف عن ذلك ، خرجت قيادة المحور ببيان تقر فيه بان اجمالي المبلغ في حساب التبرعات وصل مبلغ مليار ريال ، دون ان تشير الى المبلغ الذي تلقته من الحكومة والذي تقول المصادر بانها ملياري ريال ، وكذا لم تكشف عن مبلغ الخصميات التي اقرتها من رواتب الموظفين.
والى جوار هذه المبالغ ، لا يمكن اغفال الملف الأهم للفساد داخل الجيش والأمن والمتمثل في الكشوفات التي تضم الالاف الجنود دون وجود حقيقي للأرض لغالبيتهم ، وتشير ارقام كشوفات المحور الى تجاوز عدد الجيش بتعز الـ40 الف جندي موزعين على سبعة ألوية جميعها خاضعة لسيطرة لجماعة الاخوان بعد سيطرتها على قيادة اللواء 35مدرع.
رقم ضخم لجيش في محافظة لا يزال نحو 40% من مساحتها تحت سيطرة مليشيات الحوثي ، في حين ان النسبة المتبقية لم يحررها هذا الجيش بل حررتها قوات الساحل الغربي التي حررت أكبر مديريات تعز مساحة وهي المخا وذباب والوازعية.
واذا ما اخذنا بالاعتبار ان اغلب مساحة ريف تعز المحرر تم تحريره من قوات اللواء 35 مدرع قبل سيطرة الاخوان على قيادته وكتائب ابي العباس قبل إخراجها من قبل الاخوان، ستكون محصلة ما حررته " جيوش الإخوان " هي مساحة محدودة في مدينة تعز وضواحيها لا تتجاوز نسبة 1% من مساحة تعز ، وبتكلفة باهظة.
ولم يتوقف فساد الاخوان عند هذا الحد ، بل تجاوز الى تحويل مؤسسة الجيش والامن الى مليشيات خاصة لحماية عمليات الفساد والعبث الذي تمارسه القيادات المحسوبة عليها ، مع عمليات النهب المنظم للايرادات في المناطق المحررة.
وابرز مثال حي على ذلك ، قرار المحافظ الأخير الذي أصدره بتوقيف مدير عام مكتب النقل محمد أحمد النقيب ، للمرة الثانية بعد فشل في تنفيذ قراره السابق بإيقافه قبل نحو عامين بتهمة الفساد ،وظل الرجل في منصبه مستنداً الى قوة الاخوان المتحكمة في الجيش والأمن.
وهي ذات القوة التي حمت القيادي الاخواني يحيى إسماعيل من قرار قبض قهري صادر عن النيابة الجزائية في عدن ، ولا يزال الرجل يمارس عمله كمدير عام لمديرية المسراخ رغم قرار اقالته من قبل المحافظ السابق امين محمود.
كما انها ذات القوة التي تحمي عشرات المطلوبين الأمنيين بقضايا جنائية وغالبيتهم من قيادات الإخوان، صدرت بحق بعضهم أوامر قبض قهرية من النيابة الجزائية في عدن ، ومنهم المدعو عزام نجل مستشار قائد المحور العميد عبده فرحان المشهور بـ"سالم" والذي يعد القائد الحقيقي لمليشيات الاخوان بتعز.
واثيرت قضية عزام مؤخراً بعد الكشف عن توجيه من المحافظ الى قائد المحور بتنفيذ توجيهات القضاء بمنعه من الاعتداء على أرضية مواطن ، وهي القضية التي قام بسببها عزام على الاعتداء ضد احد القضاء بتعز وكانت سبباً في صدور مذكرة القبض القهري.
وهنا يبرز جانب اخر مظلم لعبث الإخوان في ملف الجيش والأمن ، والذي كان من نتائجه سلسلة حوادث الاعتداءات التي تعرض لها عشرات القضاة في تعز بسبب توليهم النظر في قضايا متورطة فيها قيادات إخوانية ، وسبق وان أقدمت هذه القيادات على اقتحام مقرات للقضاء أكثر من مرة وهو ما يهدد أي مكانية لتحريك ملفات فساد ورفعها الى القضاء مع غياب أي حماية لهم.