من "المفلحي" الى "لملس" .. حروب شرعية الإخوان ضد عدن
الجمعه 16 يوليو 2021 - الساعة 09:37 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
"إن كبريائي يمنعني أن أخوض في جدال مع رئيس حكومة يخطف الماء من أفواه الناس، والضوء من عيونهم" ، بهذه العبارة القاسية كان محافظ عدن السابق عبدالعزيز المفلحي يلخص صراعه مع رئيس الوزراء السابق احمد عبيد بن دغر والذي دفعه الى تقديم استقالته.
في نوفمبر 2017م كان المفلحي يوجه رسالة طويلة الى الرئيس هادي ، يشرح فيه أسباب تقديم استقالته بعد ستة أشهر فقط من تعيينه في منصب محافظ عدن ، قال فيها بأنه وجد نفسه "في حرب ضارية مع معسكر كبير للفساد كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر".
لم تشكل استقالة الرجل صدمة بقدر ما شكلها حديثه عن أسبابها ، فالمتوقع كان ان يخرج الرجل ويتهم المجلس الانتقالي بعرقلة مهامه فقد جاء خلفاً لرئيس المجلس عيدروس الزبيدي الذي تم ازاحته من منصب المحافظ ومثل الدافع لإعلان المجلس الانتقالي ، لا أن يخرج الرجل ويتهم رئيس الوزراء وهو ما شكل صدمة غير متوقعة لخصوم الانتقالي وتحديداً جماعة الإخوان.
وبعد قرابة الـ 4 سنوات يبدو ان المشهد يتكرر حالياً مع تغيير الأسماء فقط ، من خلال الأزمة التي بدأت تتشكل بين الحكومة وبين محافظ عدن الحالي أحمد لملس على خلفية التكليفات التي أصدرها مؤخراً لعدد من المكاتب والمؤسسات الحكومية ابرزها بفرع المؤسسة الاقتصادية وفرع شركة النفط، وهو ما رد عليه رئيس الوزراء بتوجيه رسمي بإلغاء القرار الا ان المحافظ تجاهل ذلك بعدم تسليم المكتب للمكلف من قبله.
الأزمة تصاعدت الى حد اعتبار قرارات لملس أحد معوقات عودة الحكومة الى عدن بحسب بيان الفريق الحكومي لمتابعة تنفيذ اتفاق الرياض ، وهو ما رد عليه انصار الانتقالي بحملة تأييد واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لقرارات الرجل واعتبارها حرباً ضد لوبي الفساد ، كما دافع عنها المجلس الانتقالي واعتبرها نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس منصور صالح بأنها تأتي "إنقاذا لمؤسسات الدولة التي تتعرض للتدمير الممنهج منذ ست سنوات وتصب في اتجاه إنقاذ المواطن وتقديم الخدمات له".
منصور وفي تصريح صحفي له تساءل مستغربًا : "لماذا تتذكر الحكومة اختصاصاتها وصلاحياتها حين يكون الأمر متعلقا بعدن وبتقديم الخدمات لأهلها، في حين تغمض عينيها إزاء القرارات ذاتها والمرافق نفسها والمؤسسات في شبوة ومأرب وتعز التي يتم فيها تمكين الإخوان من مؤسسات الدولة وتعيين عناصر تتبعهم دون مؤهلات".
يشير تصريح القيادي بالمجلس الانتقالي الى الانزعاج الواضح من ازدواجية التعامل من الحكومة ورئيسها بين القرارات التي يصدرها لملس والقرارات التي تصدرها سلطات المحافظة الخاضعة لسيطرة الإخوان.
هذه الازدواجية ظهرت بشكل واضح من خلال موقف رئيس الوزراء معين عبدالملك من التكليفات التي أصدرها محافظ تعز نبيل شمسان المقرب من جماعة الإخوان الشهر الماضي بإقالة مدراء مكاتب النقل والكهرباء والصناعة والتجارة، ولاقت اعتراضاً من وزراء بالحكومة باعتبارها تجاوزاً لصلاحياتهم من قبل محافظ تعز.
حيث اعترض كل من وزير الكهرباء ووزير التجارة على قرارات المحافظ ، ليصدر رئيس الوزراء بعدها بأيام تعميماً الى المحافظين بعدم تجاوز صلاحياتهم في التكليف ، الا انه سرعان ما وجه باعتماد تكليفات محافظ تعز والإصرار على رفض التكليفات الصادرة من محافظ عدن ومخاطبته بإلغاء.
هذا التشديد من الحكومة بوجه سلطات عدن على عكس موقفها من السلطات في تعز يأتي رغم الانقلاب الذي أعلنته جماعة الإخوان في تعز عبر قيادة المحور ووكيل المحافظة عارف جامل المقرب للجماعة بفرض جبايات على المواطنين وتحويل الإيرادات لصالح قوات المحور ، واكتفى رئيسها بالتوجيه بإلغائه دون محاسبة رغم التحدي الواضح الذي ابدته الجماعة لتوجيهات رئيس الوزراء.
كما أن التناقض الحكومة في التعامل بين سلطات عدن و تعز وباقي السلطات "الإخوانية" ، يأتي مع تكرار شكوى سلطات عدن المتعاقبة بانها الوحيدة التي يتم فيها الالتزام بتوريد الإيرادات الى البنك المركزي في عدن ، في حين ترفض ذلك سلطات مارب وتعز وشبوة.
وهو ما شكى منه محافظ عدن السابق عبدالعزيز الملفحي وأكده في رسالة استقالته التي جاءت بعد قيام رئيس الوزراء السابق بن دغر بسحب 5 مليار من رصيد تابع للسلطة المحلية دون عمله ، حيث أكد بأن "محافظة عدن هي المحافظة الوحيدة التي ترفد البنك المركزي بالإيرادات من الضرائب والجمارك" ، متحدياً بتشكل لجنة مالية محايدة لأثبات توريد خلاف ذلك.
هذه الحقيقة أكدها المحافظ الحالي منذ اليوم الأول لتوليه المنصب ، وكررها يوم أمس خلال اجتماع ترأسه حول التدهور المتسارع للعملة المحلية ، مؤكداً بأن عدم توريد إيرادات النفط والغاز والموارد الأخرى للبنك المركزي، من أهم أسباب الانهيار للعملة .
ويثير عودة مشهد الصدام بين محافظ عدن ورئيس الحكومة الاعتقاد ببقاء سيطرة جماعة الإخواني على قرار الحكومة التي تحرص على اغراق المدينة والعاصمة المؤقتة في أزماتها كعقاب على طرد القوات الموالية لها من داخلها وجسر لعودتها من جديد.