خطوات الرئيس هادي الناجحة في العثور على مفاتيح البرزخ.

الجمعه 05 يونيو 2020 - الساعة 02:42 صباحاً

أيّاً يكُن حجم الوباء وخطورته وتداعياته علينا، فإن المجتمع اليمني يتعامل معه كـ قضاء حتمي وقدر مصيري وبالضرورة أن يصل لهم.. طالما وقد التهم أكبر إمبراطورية العالم التي انهارت وعجزت أنظمتها عن الوقف أمام هذا الوباء، لكن ــ في فهمهم ــ ليس بالضرورة أن يضعفوا أمامه إلا بقدر ما دُوّن في اللوح المكتوب على جدار العمر، ولا يمكن أن يكون بتلك الحالة التي تتطلب منهم إلزام بيوتهم وعدم المطافحة وخلق الجفاء بما يسمى التباعد بين المجتمع.

 

هذه النفسية المزاجية المركبة قابلتها كثيرا خلال فترة الحرب وما زال.. فتجد أسرا وعائلات ساكنة في جبهات القتال بخطوط التماس.. ومنطقة صالة زيد الموشكي والأربعين مثلا على ذلك، ومع إطالة أمد الحرب تجد أن الأسر قد تعايشت مع أصوات الرصاص والقذائف والجثث التي تمر محمولة على أكتاف الناجين من القناصة والألغام، وأمام أول سؤال يداهمه عن سبب بقائه في هذه المنطقة المشبعة بالرصاص والدم، يرد عليك مباشرة من منظور الآية الكريمة (قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا) ويثني بحجة أخرى.. وبعدين أين أروح وأترك بيتي؟!

 

طبعاً، في هذا الموضوع بالذات، تجد صعوبة الحوار مع هذه النوعية، إلا بضمان لا يقل تقديرا عن توفير سكن له ولعائلته لمدة لا تقل عن سنتين، حتى تستطيع الخوض معه بالحديث عن خطورة بقائه في جغرافية تحكمها البندقية والموت.

 

هكذا يتحدد الفهم لأغلبية المجتمع اليمني تجاه خطورة ما يحاط بهم من كوارث ومصائب وحروب باعتبار كل ذلك نمطاً قدرياً متفردا يعيشه اليمنيون مستندين في تعزيز قناعتهم على ظهر الحديث (الإيمان يمان والحكمة يمانية) ومُتّكئين على المداميك التاريخية التي شيدتها سواعد الأجداد بـأن "اليمن مقبرة الغزاة"، فيما يتعلق بعضها الآخر بضرورة الحفاظ على تجسيد مبدأ "إن الله معنا"، والحقيقة أنه فهم خاطئ يتعلق بقصر الوعي القائم على غياب "الدولة الأخلاقية".

 

وما يريد البعض تكريسه في هذا الفهم هو تخلي الجهات المسؤولة عن المسؤولية تجاه الآخرين ((و هي مسؤولية في المقام الاول إنسانية وأخلاقية وقانونية والزامية)) في محاولة للتملص من المفهوم الحقيقي للمسؤولية وإبداله بصيغة (قضاء وقدر) وهو ما يتفق جزئياً وكلياً مع جمهور (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) الذي اعتقد أن كوفيد19 (كورنا) تآمر غربي على الإسلام والمسلمين.. لتصبح هذه المحاولة أولى خطوات شرعية هادي الناجحة في العثور على مفاتيح البرزخ.

 

لم تتوقف شرعية هادى هنا، ولم تتوار إلى الخلف، فهي بخطى متسارعة تسعى بمساعدة أبناء الجنوب تجاوز الصراط عن طريق أبين وتحرير عدن، وتجتهد في جعل الحديدة باباً من أبواب الجنة لأولاد سيد الكهف، وتمنح تعز ميدالية كورونا الذهبية نظيراً لجهود أبنائها في إنشاء أول مقبرة نموذجية لموتى كورونا، بالإضافة إلى الموافقة والسماح لسلطات تعز بإنشاء صندوق تبرعات، ليموتوا وهم آمنون.. كما هي بالمناسبة فرصة ذهبية للبيوت التجارية في تعز لتسليم زكاة كوفيد19 لعام 2020م.

 

الحقيقة أن اللحظة التي نعيشها أمام نضالات الرئيس هادي وشرعيته الباسلة لم تعد مجرد استعادة دولة اليمنيين تشير إلى ما ينوي فعله في رفع علم الجمهورية اليمنية في مران، بل أصبح يشير إلى تسليم الدولة إلى (علم مران) الذي يسعى إلى تحويل كل اليمنيين مشروع شهيد.

 

وفي هذا السياق أؤكد أنني لست بصدد قدح المجتمع القدري أصحاب (قضاء وقدر) ولا في التنكر لما هو متصل بعادة وتقاليد ماضية، كما أنني لست متصالحاً معهم، ولكنني هنا استعنت بشفرات النقد البسيطة في محاولة لحلق لحى شرعية هادي المحصنة بعمامة المفتي المتمترس خلف "بختنا البأس بهم" والتي خلقت هذا الفضاء الملوث.. لعل بهذه الشفرات قد تمكن من استبدال مفاتيح شرعية البرزخ بمفاتيح لهذا الأفق المغلق والتحرر من نضالات هادي.

 

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس