الظاهرة الحوثية منتج يمني

الاحد 16 أغسطس 2020 - الساعة 04:06 صباحاً

الحركة الحوثية وحركة الاخوان المسلمين كل منهما وجه من أوجه الاسلام السياسي وهما حركتان عابرتان للحدود تهتمان كثيراً بما يحدث في ايران وقطر وتركيا أكثر من اهتمامهما بالمآسي والكوارث التي تعيشها اليمن.

 

الظاهرة الحوثية ظاهرة موغلة في التاريخ من قبل وجود الاخوان ومن يحاول إختزال وجودها ويربطها بظاهرة الاخوان والتي ظهرت في اليمن بقالبها التنظيمي تحت مسمى حزب الله بقيادة محمد محمود الزبيري بعد أحداث سبتمبر سنة 1962م يقفز على الواقع وحقائق التاريخ.

 

الظاهرة الحوثية لم تأتي من فراغ فأحداث الستينات لم تُفضي في نهاية المطاف إلا الى صياغة اتفاقية لتقاسم السلطة بين الاجنحة العسكرية المشيخية القبلية والملكية الإمامية مع استثناء عائلة حميد الدين تحت مظلة الجمهورية بمساعده سعودية وتواطؤ وتخاذل داخلي ظلت صعده بموجب هذه الاتفاقية منطقه مغلقة على الزيدية الدينية الهاشمية خارج نطاق سلطة صنعاء التي لم تمارس قبضتها الحديدية إلا على المناطق التي تعاني من ظلم مزمن، ظلت الزيدية الدينية الهاشمية كامنه في صعده وفي حالة بيات شتوي اكثر من اربعين سنة تتحين الفرصة المناسبة للظهور والإنقضاض وتحقق لها ذلك الحلم بسبب إنحسار المشروع الوطني الذي وجهت له ضربات موجعه من قبل النظام القبلي العسكري المشيخي.

 

الظاهرة الحوثية هي نسخة القرن الحادي والعشرون من إرهاب الائمه الذين قضوا سنين حكمهم في الحرب ولا شيء غير الحرب لأنهم لا يجيدون سواه اقترفوا خلالها عمليات سلب ونهب ومجازر رهيبة ضد الطوائف الاخرى وضد اتباع منافسيهم في الحكم تحالفت هذه النسخة مع علي عبدالله صالح تحت ضغط رغبته الجامحة في الإنتقام من خصومه والعودة الى الإنفراد بالسلطة وتوريثها نتج عن هذا التحالف خلطة مدمرة لليمن ونسيجها الهش الموبوءة بالتمييز وغياب العدالة والمواطنة والمشاركة الحقيقية في السلطة والثروة فأدى كل ذلك الى إنفجار كل العفن المتراكم منذ عقود.

 

الظاهرة الحوثية منتج يمني ضارب جذوره فقط أستغلته ايران التي تبحث عن شرطي لها في اليمن فوجدت الحوثي خير من يشغل هذه الوظيفة من اجل مد جسور مشروعها الطائفي المقيت فنطوا بكل سهوله من جيب السعودية الى جيب ايران بحثاً عن مشتري جديد وليس منتجاً فارسياً مجوسياً كما يروج البعض وإلا لكان سيف بن ذي يزن الذي جلب الفرس الى اليمن بحجة طرد الاحباش منتجاً فارسياً هو ايضاً..فالحوثيين لم يأتوا من موزمبيق هم اتوا من نفس المربع ونفس البعد الثقافي الذي أتت منه الاجنحة العسكرية المشيخية الإختلاف بينهم يكمن فقط في الاسلوب والنهج المستخدم من اجل الوصول الى الاهداف فاحدهما يعبر عن ما يريد بصوره سافره ويتعصب لشمال الشمال من منطلق طائفي والاخر يعبر عنها بصوره مقنعة ويتعصب لشمال الشمال من منطلق فئوي مناطقي.

 

الغزو والتمدد ثقافه راسخه في عروق القبيلة وبالذات حيث تموضع المذهب الزيدي لذا من الحمق القفز على الواقع وإغفال ما وصل اليه الوضع فلم يكن اجتياح الحوثيين لصنعاء بالتحالف مع علي عبدالله صالح حين ذاك مجرد انقلاب جماعة على الشرعية كما يبدو في الظاهر ويصور ذلك كثيرون، ولكن إذا نظرنا الى الأحداث بصوره عميقه بعيداً عن التسطيح والاختزال الذي يجري في الغالب وقلبنا صفحات التاريخ نجد أن ما حصل هو إمتداد لفكر التمدد والغزوات على حساب الاخرين تحت مبررات واهية أنهكت واستنزفت اليمن وحدثت في اكثر من محطه تاريخية.

 

غزوة سنة 1994م شُنت ضد وثيقة العهد والإتفاق التي نصت في بنودها على تطبيق الفيدرالية وتصحيح مسار الوحدة وتقنعت بقناع التيارات الدينية السنية وشاركهم هذه الحرب القذرة الكثير من معتلفي الشعارات وجامعي بقايا فتات الموائد حتى من الجنوب نفسه وكذلك من المناطق التي تعاني من ظلم مزمن وهي صوره ونسخه مكررة وامتداد للغزوات التي شُنت على تعز وتهامة في بداية القرن العشرين من اجل اخضاعهما واذلالهما، والغزوة الاخيرة التي لازالت اليمن تعيش تداعياتها المؤلمة نسخه مكرره للغزوات السابقة فقط كشفت هذه الغزوة قناعها ونقابها عكس غزوة سنة 1994م التي كانت منقبة بنقاب التيارات الدينية السنية والجميع رفع شعارات براقة زائفة من اجل حشد وتجييش القطيع ليبقى الهيمنة والإستحواذ ونهب الثروات بغير حساب ودون رقيب دينهم وديندهم وليس حباً في اليمن والخوف عليه من التشرذم والانقسام كما يروجون وحتى إذا دخلت قوات الشرعية صنعاء سيسقط الانقلاب فقط ولكن مشروع الهيمنة والاستحواذ لن يسقط وسيبقى ساري المفعول.

 

وكما خرجت القاعدة من عباءة حزب الاصلاح خرج الحوثيين من عباءة الأحزاب الدينية الزيدية مثل حزب الحق وحزب اتحاد القوى الشعبية ولم تحدد هذه الأحزاب موقفاً واضحاً على الاطلاق من روثها وذيولها المتطرفة اللتان تتغذيان  من تأجيج النزعات الطائفية وبدون هذه النزعات تموتان وتنطفئان وسقوط الكثيرين وبينهم نخب ومثقفين ونفخهم في كير الطائفية هو نتاج للمال السياسي والطائفي الذي خرج ويخرج من جيب السيد والشيخ والفندم هروباً من إستحقاقات تنفيذ الأقلمة وبناء دولة المواطنة والقانون.

 

الجماعة الحوثية مشروع ديني واضح المعالم تدمر أي أمل في قيام دولة مدنية في المستقبل مثلها مثل أي جماعة دينية سواءً أتت في قالب شيعي أو قالب سني..خلف الكواليس الجماعة الحوثية ليس لديها أدنى مشكله مع أمريكا ولا حتى مع اسرائيل ونهيقها وخطابها الشعبوي يستخدم فقط من اجل تجييش الغباء المتسيد في الشارع والذي تراكم على مدى عقود في البيت والمدرسة والجامع وفي كل المنابر من اجل خدمة مصالح واهداف ضيقة وقودها ما تبقى من هذا البلد المنكوب بأبنائه.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس