مساعي هادى الانتقامية لتفكيك اللواء 35 مدرع
الخميس 20 فبراير 2020 - الساعة 02:52 صباحاً
عبدالحليم صبر
مقالات للكاتب
يقوم نظام تعز السياسي والعسكري والأمني على العناصر الجهادية، كما هو الحال في مأرب وبعض المحافظات المحسوبة على الشرعية، باستثناء الجنوب، ومناطق تعز الريفية (الحجرية)، التي حماها وحافظ عليها اللواء 35 مدرع بقيادة الشهيد(رحمة الله تغشاه) العميد “عدنان الحمادي”، طيلة الخمس السنوات الماضية، وهذه ليست شهادة وحسب لهذا الرجل المجيد، بل وقيمة نُبل ووفاء زرعها في مشتل الإنسانية حتى أنه غادر الحياة وقد سقى بدمه هذه المشاتل وأرواها بحبه الكبير. وهو ما أكده في حديثه أمام أبناء وأعيان الحجرية، عندما شعر بحجم التآمر والخذلان من كل من حوله، حين قال :” وإذا استدعت الأمور للتضحية، سنضحي، وهي أفضل التضحيات التي سنقدمها في حياتنا”.
فلا أكثر من هذه المرارة التي نعيشها بهذا الفقدان إلا غصتنا بصلف محافظ تعز، “نبيل شمسان”، وشلة السماسرة الذين يسعون لفرض قيادة للواء 35 من نفس العناصر الجهادية، التي زرعت الشوك في كل بساتين السلام، ومن سوء الحظ أن المحافظ وشلة السماسرة لم يكونوا محرومين من الحرية والأمان الذي أوجده البطل الجمهوري “عدنان” طيلة فترة الحرب في مناطق الحجرية، مع أنني متأكد أن هذه الأمنية لم يكتب لها أن تتحقق، ويا للأسف! فيما لو تحققت.
وما الذي حدث بعد أن دفع “نبيل شمسان”، ومن خلفه الإمبراطورية الإخوانية بعناصر جهادية؟ أشياء كثيرة دون شك. فأن ضباط وأركانات اللواء 35 مدرع، اجتمعوا وقرروا بالإجماع رفضهم لأي قرار يأتي بشخص أو قائد من خارج اللواء 35، وكان جيداً وطبيعياً هذا الالتفاف، ولكن ما ليس طبيعياً وغير مقبول، فيما بدأ به البعض منهم بالتظاهر بأنه يعتنق المبادئ الأساسية للعميد الحمادي، وأكثرها تحرراً وأخلاقية، لينالوا حق قيادة اللواء 35 مدرع بدلاً عن الشهيد “عدنان”، وخيل للبعض أنه بمقدوره أن يفرض نفسه، لمجرد أن قليل من المال، حصل عليها، قادر على أن يجعله يحل محل الشهيد “عدنان”.. دون أن يعير نفسه اهتماماً ولو بسيطاً بالتفكير بأن مشروع “عدنان” ينبع من الذاتية الوطنية، بالإضافة إلى الذهنية المتطلعة التي تجذبه إلى أن يكون قائداً من أجل وحماية المواطن، وليس من أجل تنفيذ أجندة محسن.
وإذا ادعينا أنه من حق أي ضابط يتطلع بأن يكون قائداً للواء، دون الأخذ بعين الاعتبار للمعيارين الأساسيين لهذه القيادة، وهو الحفاظ على مناطق الحجرية من جحافل الحوثي وصلف الإخوان المسلمين، وحتى لا تتحول الحجرية إلى منصة لضرب الجنوب، وكذلك الحفاظ على تماسك اللواء 35، كوحدة عسكرية متميزة قوية بعيدة عن هيمنة الأحزاب وتجاذب الساسة، وهي القضية التي ضحى من أجلها الشهيد “عدنان”، فما ذلك إلا جنون..
وكذلك من الجنون أن ننتظر ما سيأتي به هادى، فهو لا يعول عليه بأنه سيختار أحد الضباط الشرفاء الوطنيين والمخلصين لهذا الوطن، حتى الأربعة الأسماء التي طرحت على طاولته ليست (جميعها) جديرة بالثقة، لأن هادى، ببساطة، ينتظر ما سيفضي به اتفاق الرياض، ليجعل من اللواء ورقة يناور به أمام الانتقالي، لكونه – أي اللواء- جغرافياً يعتبر أحدى بوابات الجنوب، كما هو حال القوة المتواجدة على البوابة الأخرى من الجنوب في شبوة وأبين، وما هذا إلا مسار من مسارات هادى الانتقامية، التي تأتي في إطار تفكيك قيادة اللواء وتشرذم قواته، وتحويله لواءً جهادياً تابعاً الإخوان.
ثم أن مسار هادى الانتقامي المعروف الذي يتخذه لإحراق سنابل الأمل ليس في التفكيك بحد ذاته، بل أيضاً في إدارة هذا الصراع، وغالباً ما تكون أدواته جهادية. فقد سبق وأن قال (صالح): ” فهو خبز يدي والعجين” ، ولكننا نكابر في الاعتراف بهذه الحقيقة، لأننا لا نرغب بسماع إلا ما نريد سماعه فقط.
وأمام ذلك، على ضباط وصف اللواء أن يختاروا قائداً من بينهم، بعيداً عمّن أخذته العزة بالحزب والمال والهنجمة، يقود اللواء، والحفاظ على تماسك اللواء من الشتات والشللية والتجاذبات، وتفقد الجبهات القتالية، فهي مصدر القوة والقيادة.