الحزب السياسي والقبيلة السياسية..مفارقة السلطة والدولة في اليمن
الجمعه 24 ابريل 2020 - الساعة 12:41 صباحاً
فهمي محمد عبدالرحمن
مقالات للكاتب
عندما نتحدث عن مفهوم القبيلة أو مصطلح القبيلة السياسية فذلك يعني أننا نتحدث عن القبيلة ودورها السياسي في شمال اليمن لا سيما وقد شكلت منذ إنقلاب 5 نوفمبر 1967م وحتى إنقلاب 22 سبتمبر 2014م عصبية سياسية متحكمة داخل بنية السلطة وأجهزتها الحاكمة في صنعاء ، ما يعني أن القبيلة في اليمن الشمالي قد إستطاعت بعد ثورة ال26 من سبتمبر 1962م ، أن تستغرق حركة المجال الإجتماعي والسياسي على حد سواء ، بعد أن كان دورها الفاعل قبل ثورة سبتمبر مقصور على المجال الاجتماعي!
عندما تفشل السلطة الحاكمة في أي مجتمع في مسألة إعفاء القبيلة ، وتحديداً من حضورها التاريخي الذي يمتد إلى حاضر أجيالها ومستقبلهم ، أو تفشل في أن تحل محل القبيلة وظيفياً تجاه الأفراد على المستوى الإجتماعي ، فإن مآلات هذا الفشل لا يعني سوى أن الواقع السياسي سوف يشهد حضوراً متحكماً ومكثفاً لظاهرة القبيلة السياسية التي تتحول بمنطق هذا المفهوم إلى عصبية ولائية داخل بنية السلطة ومكوناتها ، وهذا ما حدث في شمال اليمن بعد ثورة ال26 من سبتمبر حين خسرت سلطة الثورة معركتها السياسية لصالح القبيلة ، عكس ما حدث مع سلطة الثورة في الجنوب التي انتصرت سياسياً على القبيلة ، مع أنها ورثت بعد التحرير جيش ذات تركيبة عضوية وقيادية قبلية = ( عوالق ) وتأسيساً على هذه المفارقة العجيبة بين دور سلطة الثورة في الشمال وسلطة الثورة في الجنوب تكون على مستوى الشطرين منطق اللادولة في الشمال أو سلطة القبيلة ، ومنطق الدولة في الجنوب ، مع أن هذه الأخيرة لم تكن قد ارتقت فعلياً إلى مواصفات الدولة الوطنية ، فالآخر يستطيع أن ينعتها بشيء من الحقيقة بدولة الحزب ومع ذلك يظل الفارق كبير بين التجربتين فحضور الحزب لا يعني بالضرورة إعاقة حضور الدولة لأن الحزب في الأساس يعد مكون سياسي ووطني ، ما يعني أن الأحزاب بشكل عام هي أدوات ناجعة في مسار التكوين السياسي وفي ديناميات بناء الدولة ، إذا ما امتلكت فكراً سياسياً تغييرياً وبرنامجاً وطنياً للمستقبل ، بعكس القبيلة التي تظل مكون إجتماعي غير وطني بالمعنى الذي يجعلها مشروع سياسي للوطن أو حامل سياسي له ، وحتى عندما تمتلك مقاليد السلطة أو تمارس دور القبيلة السياسية كما هو الحال في شمال اليمن تظل تجربتها السياسية على الدوام ممانعة لفكرة الدولة وحضورها على المستوى الوطني لأن إنتمائها وهويتها السياسية جزئية ، بعكس الحزب الذي يظل الانتماء له مفتوح على مساحة الوطن ، ما يعني أن القبيلة في أحسن أحوالها تبني سلطة مجالها السياسي هو فضاء القبيلة وحماها الجغرافي والإجتماعي.
• من صفحة الكاتب على الفيسبوك