قراءه نقدية : ثورة11/ فبراير أين الخلل؟ - 5

الجمعه 02 يونيو 2017 - الساعة 07:32 صباحاً

 

 

 

الحضور السياسي للأحزاب وأثره السلبي داخل الفعل الثوري

 

لا يجب أن يفهم من نقدي للحضور السياسي لتلك الأحزاب في حركة الفعل الثوري ، رغبتي في تعطيل وظيفة تلك الأحزاب التي تعني في الواقع مبرر طبيعي لوجودها ، وهي ممارسة العمل السياسي ، بل ما أقصده تحديداً هنا تلك الممارسات الحزبية التي تعبر عن خبث سياسي أدت ممارستها إلى خلق حالة صراع وأزمة شك داخل المكونات الثورية ، وهي تعبر عن سلوك سياسي حزبي يمارس العمل السياسي بأدوات مبتذله ، غير قادرة على التعاطي الإيجابي مع احداث  كبرى وهامه بحجم احداث ثورية الشباب التي أنتجت أحد أكبر فرصة التغيير في اليمن .

 

في بداية احداث الثورة كنت شاهد عيان على احد تلك المشاهد التي تعبر عن سذاجة تعامل تلك الاحزاب مع حدث كبير بحجم ثورة الشباب ، يومها اتصل بي احد القيادين في اللقاء المشترك في تعز ، وطلب مني الحضور في عصر ذلك اليوم إلى الساحة ، وعندما حاولت الاستفسار منه عن الغرض من ذلك ، قال هل ترغب ان تكون من ضمن القيادات التي سوف نكلفهم في قيادات العمل الثوري في الساحة ؟؟

بعد التفكير في هذا الطلب قررت الحضور لمعرفة التفاصيل ، بعد تحديد مكان الاجتماع والذي انعقد في الخيمة الكائنة اسفل الساحة امام المحطة ، وبعد حضوري تعرفت على الاشخاص الذين تم طلبهم لنفس الغرض من خلال الاسماء التي دونت في محضر اللقاء ، وهم ضياء الحق السامعي ، عن الاصلاح ، ولم اذكر الشخص الآخر ، مطلق الاكحلي عن الاشتراكي وشخص لم اتذكر اسمه قال عنه الرفيق مطلق انه كان يعمل في صنعاء ، مجيب المقطري ، وعيسى محمد سيف ، عن التنظيم الناصري ، والغريب أني وجدت اسمي ممثِلاً عن حزب الحق إلى جانب وائل الرميمه ، ولم اعد اتذكر اسماء ممثلين حزب البعث واتحاد القوى الشعبية ، كما حضر احد القيادات في اللقاء المشترك ، للإشراف على هذا اللقاء اسمه خليل بعثي الانتماء ، كما كان حاضراً الكاتب فكري قاسم وتلك اول يوم اتعرف عليه حيث كان في احد زوايا الخيمة يتناول القات وعلي يده ، ادى هؤلاء الشباب الذين يمثلون احزاب اللقاء المشترك القسم ( اليمين ) على الخيار الثوري حتى اسقاط النظام ، واتذكر ان ذلك كان بطلب منه شخصياً .

 

رغم اني وقعت على محضر الاجتماع هذا الا إني لم احضر بعد ذلك أي اجتماع آخر ولم اقم بأي نشاط معهم ، لأني لم اكن مقتنع في وجودي ممثلاً عن حزب الحق ، المهم في الأمر هنا طريقة تفكير تلك الاحزاب في هذا الاجتماع ،

استغرق هذا الاجتماع في مناقشة كيف يتم السيطرة علي منصة الساحة والصندوق الذي كان قد فتح لاستقبال التبرعات ، واتذكر انه تم استدعاء الشخص الذي كان مسؤول عن صندوق التبرعات وهو شخص مستقل لم اعد اتذكر اسمه الأن ، وقد حضر إلى الخيمة وكان في حالة انفعال ، وتخاطب معنا بصوت عالي وقد عرفنا أن مصدر انفعاله كان بسبب اختلافه عصر ذلك اليوم مع المحامي توفيق الشعبي الناشط والحقوقي الذي برز في ساحة الثورة بتعز ، وكان الخلاف بخصوص صندوق التبرعات حسب قوله .

 

حاول الاخ فكري قاسم امتصاص غضب هذا الشاب بينما كنت انا اتساءل في نفسي عن المبرر السياسي والاخلاقي الذي يسمح لنا في احتلال موقع هذا الشاب في ادارة صندوق التبرعات ، وكذلك موقع الشباب في منصة ساحة الثورة ؟؟

او بمعنى آخر ما الذي يميزنا عنهم حتى ندعي أفضليتنا عليهم كشباب احزاب في السيطرة على تلك المواقع ؟

 

لم تكن يومها أفكاري ناضجه مقارنة بما عليه اليوم ولكنني كنت أشك في صحة ما نقوم به وذلك سبب آخر شجعني على الانقطاع عنهم واكتفيت في حال حضوري في الجلوس بين العوام داخل الساحة  ،

 

عن هذا الحضور السياسي الحزبي اتكلم هنا  والذي ادى إلى خلق حالة صراع داخل الفعل الثوري كان يتوسع رقعته كل صباح يوم من ايام الثورة ،

استطاعة تلك الاحزاب أن تستولي علي منصة الساحة وعلى الصندوق وعلى كل مصادر الدعم المالي المقدم إلى شباب الثورة ، ولكن بطريقة القراصنة ، حين يشتركون بفعل القرصنة والسطو ، ثم يقوم القرصان الكبير بالاستئثار بكل الغنائم بعد إزاحة القراصنة الصغار ، والذي كان الهدف من حضورهم الاشتراك في الذنب دون أن يتذوقوا حتى لذة المعصية ،

ذلك كان حال تعامل الإخوة في التجمع اليمني للإصلاح مع شركائهم في أحزاب اللقاء المشترك ،

خدمتهم في ذلك بعض المعطيات استغلوها برعونة وتعجرف ، واحتكروا كل شيء" المنصة، المال ، وسائل الأعلام ، وبهذا الاحتكار  لاسيما منصة الثورة في تعز وفي صنعاء ، وكذلك وسائل الاعلام ، تم احتكار الخطاب الثوري وتحويله إلى خطاب استثماري  اكثر منه خطاب ثوري يخدم مشروع ثورة ، كما أن احتكارهم للمال المقدم في دعم الساحات مكنهم من خلق حالة تحكميه في المسار الثوري ، والذي بهما جميعاً ( أي احتكار ثلاثية ، المنصة ، والمال ، والإعلام ) تحولت الثورة إلى معتقل في سجن تلك الاحزاب ولكن بقرار سجان واحد ، يدفعه في ذلك شراهته العاجلة ، في ميراث عرش السلطة !! وقد تبخرت أحلام سجان الثورة ، ولم يستفيد من سجنها غير النظام الحاكم ، الذي لم يٌعلن حتى اليوم عن موته رغم كل الامراض الساكنة

في جسده ، ليتحقق لتلك الاحزاب شروط تقسيم تركته .

 

بهذا الحضور السياسي للأحزاب تخلقت حالة صراع داخل معسكر الثورة ، صحيح أن الشباب المؤمن بمشروع الثورة سلموا لتلك الاحزاب زمام القيادة دون مقاومة وجنبوا الثورة مخاطر الصراع الداخلي بينهم وبين الاحزاب ، ولكن طبيعة ذلك الحضور السياسي الحزبي الذي يفكر بالذات الحزبية العاجزة عن تجاوز مشروعاتها الصغيرة لصالح  المشروع الثوري الكبير ، خلق حالة صراع حادة بين تلك الاحزاب داخل الثورة .

 

لم يكتفي إخواننا في تجمع الاصلاح في احتكار تلك الثلاثية واستغلالها في دعم شطارتهم السياسية الحزبية ، بل واجهوا كل من يخالف وجهة نظرهم بالاعتداء والتخوين وكانت تهمة بلطجي ومدسوس وعميل جاهزة لمواجهة كل مخالف في الرأي ، 

واكثر من ذلك تم تأسيس سجون ومعتقلات داخل ساحات الحرية وعلى يد دعاة الدولة المدنية .

 

ليس في ذلك تجني على إخواننا في الاصلاح وليس عندي مشاكل شخصية معاهم ، بل اعتقد أن تلك الممارسات تعبر عن نظام ثقافي ومعرفي مشبع بقيم الاستبداد وثقافة الإقصاء   والتي تعبر عن ثقافة مجتمع ، اكثر مما هي ثقافة حزب ، بمعنى آخر أن المشكلة بنوية عميقة تكمن في الجهاز المفاهيمي الذي ينفخ الروح في ثقافة المجتمع ككل .

 كل ما في الأمر هنا أن حزب الإصلاح وبسبب ظروف كانت سائدة قبل الثورة ، مكنته من امتلاك تلك الادوات التي جعلت منه

كبير القراصنة في ساحة الثورة والقادر على استغلال الفعل الثوري في خدمة مشروعه الصغير على حساب مشروع الثورة .

 

بتلك السياسات الخاطئة تعثرت كثيراً من خٌطا الثورة ، وهي بقدر ما تجعلنا نحمل الاصلاح مسؤولية كبرى ، بقدر ما تطرح علينا سؤال هام

يقول " لو أن الاشتراكي والناصري وغيرهم امتلكوا تلك الأدوات فهل سيمارسون دور القرصان الكبير ؟؟

شخصياً اعتقد انهم سوف يمارسون نفس المنهج !! ولكني في هذه القراءة اتحدث عن ما جرى في الواقع وليس على النوايا التي لم تمارس دورها .

 

ليس وحدي من يقول بنقد تلك الممارسات  فقد تألم من تلك الممارسات يومها ، اعضاء في حزب الاصلاح نفسه ، اتذكر أني قرأت يومها مقال للأخت الناشطة في الثورة ، رفيقة الكهالي ، في صحيفة الجمهورية ، يتحدث عن الصنمية ويدعو للكف عن صناعة الاصنام ، وكان ذلك المقال موجهاً سلاح النقد الحاد إلى صدر حزب الاصلاح من داخله ، بسبب تلك الممارسات لتلك السياسات الخاطئة داخل ساحات الثورة ، وكان ذلك المقال يعبر عن فكر نقي وشجاع يناضل من اجل الحرية ، ولكن المفارقة أني قرأتٌ قريباً مقال للأخت رفيقة يحمل عنوان " بين التأليف وضياع الاليف  " كان صادماً بالنسبة لي فقد وجدت المقال دعوه صريحه لحزبها بممارسة توجه سياسي إقصائي لشركائه في معسكر المقاومة ،

بل أن ذلك المقال ينكر دور تلك الاحزاب في حركة المقاومة ، ولكوني أعرف الأخت رفيقة فأني لم اجد نفسي اتهمها بتراجع فكري بقدر ما اعتبر أن رفيقة الكهالي تعيش حالة صراع بين الانتماء للمشروع الثورة في11 / فبراير ، وبين الانتماء للمشروع الحزبي الصغير ، وأتمنى أن ينتصر فيها المشروع الثوري ، وهي بلا شك قادرة للانتصار لذلك بما تحمله من روح ثائره  .

 

الحديث في تلك الممارسات يطول أهمها ما حدث في مسيرة الحياة تلك المسيرة الراجلة من تعز إلى صنعا ، بقيادات الرجل الذي لا يمل من النضال " محمد صبر " كان الإخوة في الاصلاح معترضين على الفكرة وقت التحضير لها وكان الإخوة في التنظيم الناصري متحفظين ولهم رأي ،

وبعد أن تحرك قطار المسيرة وبدأت تأخذ زخمها الاعلامي في القنوات الفضائية ، تحرك الإخوة في التجمع للحاق بها بعد تخطيها حدود محافظة تعز ، واب ، ليس بهدف المشاركة فحسب بل بهدف قيادات المسيرة وتصدر مشهدها الثوري ، وأثناء ما كانت المسيرة بقياداتها الحقيقة ما زالت تتعرض للاعتداء من قبل بلاطجة النظام داخل شوار صنعاء ، كانت قناة سهيل تبث من ساحة التغيير في صنعا مشاهد استقبال قيادات المسيرة وتقدم شوقي المخلافي ، اخ الشيخ حمود سعيد قائد مسيرة الحياة وهو شخص ليس له علاقة في مسيرة الحياة ، وعندما وصلت المسيرة مع قياداتها الحقيقة إلى ساحة التغيير ، وحاولت القيادة اعتلاء المنصة للحديث تم رمي الناطق الرسمي للمسيرة من فوق المنصة إلى ارض الساحة ،

وتسببت تلك الممارسات في حدوث أزمة في ساحة التغيير ، تدخلت قيادات اللقاء المشترك في حلها ، " يا سين سعيد ، اليدومي ، العتوني ، " وتم تسليم مبلغ دعم المسيرة إلى يد المناضل " محمد صبر " كنوع من الاعتذار والاعتراف له بقيادات المسيرة .

 

تلك الممارسات قد تبدو صغيرة للبعض ولكنها كانت في حقيقة الأمر تطرح اسئلة جوهرية ، على الثورة أن تجيب عليها ، ادنى تلك الأسئلة تقول " أن من لا يقبل وجودك كآخر في منصة كل ما فيها ميكرفون فكيف سيقبلك شريكاً في الثروة والسلطة ؟؟ وماذا تعني الدولة المدنية في مفهوم تلك القوى داخل الثورة " واكبر تلك الأسئلة يقول "ما هو المبرر السياسي والاخلاقي ، الذي تقدمة الثورة في ذهن المجتمع ، لاسيما وان بعض اعضاء تلك الاحزاب قد استغلوا موارد الثورة للإثراء بلا سبب والكسب الغير مشروع ؟؟

هكذا كان الحضور السياسي لتلك الاحزاب السياسية يفرغ الفعل الثوري من مشروعه الثوري داخل الثورة ، بل ويضع عليها علامة استفهام ، قبل أن يتم الانقلاب عليها ، لأن ذلك الحضور كان قد أسس داخل ساحات الثورة منهج الإقصاء والتآمر ضد الآخر ، وهو المنهج الذي كان بحد ذاته مبرر قيام ثورة تتوخى تغييره !!!

 

يتبع ..…

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس