الجيوسياسة وحسابات العساكر المؤدلجين .. الحجرية نموذجاً 3
الاثنين 17 أغسطس 2020 - الساعة 02:04 صباحاً
فهمي محمد عبدالرحمن
مقالات للكاتب
على إثر التشكيك الأول بخصوص وطنية القائد عدنان الحمادي والذي بدأ يومها وكأن ما يجري هو ممارسة فعل التحريض الغير مباشر عليه، زد على ذلك ان دوره البارز في معسكر المقاومة حين اكتسب أهمية كبيرة بكون الرجل هو صاحب الطلقة الأولى ضد تحالف الإنقلاب قد حول الرجل إلى رمزية وطنية داخل المخيال الشعبي، ناهيك عن الإجماع الجيوسياسي على قيادته العسكرية.
لذا كان لابد أن يتعرض لوائه العسكري كخطوه ثانية إلى مشاريع تفكيكية تتعلق بمسرح عملياته وحتى قواته البشرية التي بدأت تعيش حالة من الإنسجام الولائي والمهني مع قائدها العسكري الذي كان بلا شك يمثل حالة استثنائية من بين كل القادة العسكريين في تعز .
وعطفاً على ذلك من منظور عملي تم إنشاء اللواء الرابع بهدف تقليص المساحة الجغرافية الخاضعة لمسرح عمليات اللواء 35، وربما بمنطق الحسابات الدقيقة مع الجيوسياسية فقد تم إنشاء اللواء الرابع في بداية الأمر على أساس ضم العديد من أفراد اللواء 35 إلى اللواء الرابع ما يعني عملياً تقليص عدد المجندين الخاضعين لقيادة العميد عدنان الحمادي الذي بدأ يتحول مع الجيوسياسية إلى أكثر من قائد لواء ، بل قائد ارتبط وجدانياً بفكرة الوطنية داخل جيش الشرعية، وناهيك عن ما يقول بأن اللواء الرابع تم إنشاؤه حين ذاك بدون قرار، فإن الموكد أن هؤلا المجندين الذين تم سلخهم من اللواء 35 بمنطق الحسابات السياسية للعساكر المؤدلجين لم يصبحوا بعد ذلك هم القوة الفعلية المعول عليها داخل اللواء الرابع بعد أن تم تجنيد العديد من الأفراد المعول عليهم في معركة السيطرة على الجغرافيا التي سوف تكون بلا شك على حساب اللواء 35 ومسرح عملياته، هذا من جهة أولى ومن جهة ثانية فإن تصرف هؤلاء العساكر المؤدلجين هو في حقيقة الأمر يعبر عن وجود حالة من المكاسرة المصيرية التي يعيش في خظمها حزبهم السياسي، خصوصاً وأن كثيراً من المعطيات في حساباته تجعلة يشعر انه في دائرة الاستهداف، وبغض النظر عن تلك الحسابات التي تجعل التفكير فيها مشروعاً للحزب وهو يحرص على السيطرة على لاسيما مع الجيوسياسية الحجرية التي تبدو الآن أكثر من حساسة، فإن المؤكد أن انعكاساتها على بناء الجيش تجعل من هؤلاء العساكر المؤدلجين في صدد بناء جيش لحماية حزب سياسي وليس مؤهلاً لحماية مشروع وطني أو بناء فكرة الدولة، وهذا بحد ذاته يصبح مبرر مقبول للآخر حين يجد نفسه في معادلة صراع مع قيادات الجيش أو يشكك في مهنيتها وفي صلاحياتها لتولى مهمة بناء مؤسسة الجيش والأمن في تعز .
تشكيل اللواء الرابع بقدر ما كان يعني أن اللواء 35 قد أصبح مزعجاً أكثر من اللازم للعساكر المؤدلجين، كان بنفس المقدار يعني أن قائده اصبح محرجاً لهم حين بدأ للكثيرين أكثر مصداقية في سلوكه وخطاباته وحتى مكاشفاته تجاه تساؤلات الرأى العام لاسيما من موقعه كقائد عسكري مكلف باستكمال معركة التحرير وفك الحصار عن تعز .
حتى اليوم مازالت الذاكرة المجتمعية تسمع وتستشهد وتكرر السماع دون أن تمل إلى أحد تصريحاته المكاشفة لرأي العام حين قال بكل شجاعة -هذه يدي أمدها... إلى صادق سرحان والشمساني...- بل أكثر من ذلك مهنية وشجاعة دعاهم بلغة التحدي إلى ترك الارتباط بمقرات الأحزاب والتوجه إلى جبهات القتال ، وكأن لسان حال الرجل إضافة إلى كونها تذكر هؤلاء القادة العسكريين بالمعركة الرئيسيه والهدف من وجودهم ، كانت في نفس الوقت تتحدث بالمكشوف وليس داخل الغرف المغلقة ، عن مشكلة التغلغل للأدلجة السياسية التحزبية داخل مؤسسة جيش الشرعية وعلى وجه التحديد في محافظة توصف بأنها ثارت على الجيش العائلي الذي كان ينتصر للحزب الحاكم في صنعاء على حساب إرادة الشعب اليمني حسب منطق ثورة 11 فبراير.
بلاشك كان الجميع يفهم من كلام القائد عدنان ومكاشفاته للرأى العام عمق الأزمة وحالة الشك والتوجس الشديد بين القادة العسكريين في تعز أو قل بين المحور من جهة وبين اللواء 35 من جهة أخرى، خصوصا وأن القائد عدنان في مكاشفة أخرى يتحدث عن وجود أجندات يتم تنفيذها في تعز من قبل دول إقليمية، وقد سمى في معرض حديثه دولة قطر على وجه التحديد في حين كان هو الآخر يلاحق بتهمة تنفيذ أجندة الإمارات.
لكن الجدير بالملاحظة أن فاجعة الإغتيال وحجم الحزن والذهول الذي رسم على جل أبناء تعز ناهيك عن السيل الجارف الذي طمر لأكثر من أسبوعين وسائل التواصل الاجتماعي بعد اغتياله وحتى حجم الحضور المذهل للجماهير الغفيرة في مراسيم تشيع جثمانه بعد شهور من واقعة اغتياله كل ذلك كان لا يعني إسقاطاً للتهم الموجهة إليه فحسب بل يعني أن تعز فقدت قائدها العسكري وربما الوحيد الذي لن يعوض .
يتبع.....