الجيوسياسية وحسابات العساكر المؤدلجين الحجرية نموذجاً (4).. علي محسن أفسد وطنية الجيش اليمني منذ خمسة عقود
الاثنين 24 أغسطس 2020 - الساعة 07:08 مساءً
فهمي محمد عبدالرحمن
مقالات للكاتب
لم يكن من المنطقي أو حتى المقبول في حسابات العساكر المؤدلجين بدء تلك التحركات العسكرية أو حتى استمرارها في مسرح عمليات اللواء 35 الواقع في قلب الجيوسياسية الحجريه، تحت ذريعة البحث عن مطلوبين أمنياً دون أن يجري قبل ذلك أو خلالها على الأقل تعيين قائد جديد للواء 35 يجد معه جميع الضباط والأفراد أنفسهم ملزمين بتنفيذ أوامر هذا القائد الجديد.
وإذا كانت مسألة الاحتمالية فيما يتعلق باندلاع مواجهة عسكرية مع اللواء 35 يجب أن تدخل في حسبان هؤلاء العساكر المؤدلجين حتى من باب أسوأ الاحتمالات المطروحة عليهم، فإنها قد تبدو أكثر مدعاة للقلق إذا ما اندلعت، وهذا اللواء بدون قائد عسكري يكون مسؤولاً في هذه الظروف أمام القيادة العسكرية التي يأتي على رأسها في التحكم واتخاذ القرار الفريق الركن علي محسن صالح الأحمر، القائد العسكري والمؤدلج "تاريخياً" داخل الجيش اليمني منذ أكثر من خمسة عقود، بل إن وجود هذا القائد العسكري داخل مؤسسة الجيش قد جعل من الجيش اليمني يقوم يومها على أساس ثنائية السلاح والتكوين الولائي القابل للانقسام والتآمر بين الرئيس صالح والقائد العسكري علي محسن الأحمر، وقد برز ذلك الانقسام جلياً مع أحداث ثورة 11 فبراير 2011، لذى كان من أهم مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بتوصيف مشكلة اليمن هو التأكد على ضرورة هيكلة الجيش اليمني بناءً على أسس وطنية خالصة، ما يعني في النتيجة تغيير القيادة العسكرية وحتى المفاهيم المتعلقة بالعقيدة القتالية للجيش على أسس البديل الوطني القابل للتعاطي المسؤول مع فكرة الدولة والوطن.
وإذا كان الفشل في عملية الهيكلة قد تحقق بعد ثورة 11 فبراير بسبب بقاء هيمنة صالح ونفوذه على مؤسسة الجيش بعد رحيله عن رأس السلطة، فمن باب أولى يصبح الحديث في هذه الظروف عن مسألة بناء جيش وطني داخل سلطة الشرعية قابلاً للفشل المؤكد في ظل بقاء هذا القائد المؤدلج على رأسه أو مهيمناً عليه وهو الذي أفسد مع صديقه القديم وعدوه الجديد {صالح} وطنية الجيش اليمني منذ خمسة عقود، ناهيك عن بقائه على رأس سلطة الشرعية، ومتحكماً في كثير من مفاصلها حتى اليوم -فما أفسد أول الجيش في اليمن لن يُصلح آخره- أو كما قال الشهيد ابراهيم الحمدي -التجريب بالمجرب خطأ والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين- ومع ذلك يظل التجريب بالمجرب والتصحيح بالملوثين هو ما يحدث ويمارس داخل أجهزة السلطة الشرعية، ما يعني أن الحديث عن مسألة بناء جيش وطني أو دولة ضامنة في اليمن مع وجود هؤلاء هو حديث في إمكانية تربيع الدائرة!!!
اتخاذ قرار بخصوص تعيين قائد للواء 35 من حيث التوقيت الزمني (حين تزامن صدوره مع تلك التحركات العسكرية المؤدلجة تجاه الجيوسياسية الحجرية تحت ذريعة البحث عن مطلوبين أمنياً) سوف يظل محل تساؤلات مشروعة لدى الكثير من الناس، لا سيما وأن بعض المعلومات تقول إن الرئيس أوعد أولياء دم الشهيد عدنان الحمادي بعدم صدور قرار تعيين قائد آخر للواء 35 قبل أن يتم الكشف بشكل كامل عن حقيقة هذا الاغتيال الغادر، لذى ليس من المستغرب أن تتحول تلك التساؤلات التي لا تخلو من ردة فعل للجيوساسية إلى موقف شعبي حراكي بدأ رافضاً لهذا للقرار، لا سيما وأن ضباط اللواء 35 كانوا مجمعين على مطلب واحد أعلنوه سابقا يتعلق بضرورة أن يكون التعيين للقائد الجديد من داخل اللواء 35، وليس من خارجه،
ومع أن مثل هذا الطلب الذي يضع شرطاً ليس فيه نص أو قانون يسنده، بل إن التعيين من اختصاص القائد الأعلى للقوات المسلحة لكن مثل هذا الطلب أو الموقف كان يعني من جهة أولى استعادة لكرامة هؤلاء الضباط الذين شعروا بإهدار كرامتهم وإهانتهم جرى اغتيال قائدهم العسكري بطريقة غير متوقعى بالمطلق، وكأن لسان الحال معهم كان يقول، لقد فشلنا في حماية قائدنا داخل منزله بعد أن كنا حريصين كل الحرص على حمايته خلال تحركاته العسكرية خصوصا بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال سابقة أو أكثر من محاولة، على حد وصف البعض منهم، ومن جهة ثانية كان هذا المطلب في نظر هؤلاء الضباط المجروحين هو الشيء الكفيل بالمحافظة على القيادة المهنية للواء 35 وحمايته من الهيمنة السياسية التي يخضع لها بقية المعسكرات، أو من سيطرة العساكر المؤدلجين في تعز، بمعنى آخر كان هدف هؤلاء الضباط هو الحفاظ على الإرث العسكري والوطنى للقائد عدنان الحمادي الذي تحول في خضم الأحداث إلى رمزية وطنية لدى الكثير من الناس، وليس للأفراد وضباط اللواء فقط.
وبغض النظر عن شخصية القائد عبد الرحمن الشمساني الذي تعين لاحقاً وما دار حولها من جدل يتعلق بقدرته القيادة على القيام بدور القائد العسكري للواء 35 الذي يعول عليه وطنياً في معركة بناء الجيش الوطني في تعز، وهذا ما سوف تكشفه الأيام القادمة لا سيما وأن مسألة التحرير وفك الحصار عن تعز لم تعد واردة في حسابات الشمساني ولا في حسابات غيره من القادة العسكريين، ما يعني أن معركتنا الداخلية في نطاق الشرعية يجب أن تتعلق بوجود جيش وطني، يساهم في تأسيس نموذج الدولة في تعز، بغض النظر عن ذلك نستطيع القول هنا انه كان من الطبيعي أن يُفسر مثل هذا القرار المتعلق بتعيينه حين تزامن مع تلك التحركات العسكرية بأنه جزء مكمل لسيناريو السيطرة على قيادة اللواء 35 وعلى الجيوسياسية الحجرية التي بدأت تدخل في الحسابات السياسية لأكثر من سبب لا سيما وقد أثبتت الوقائع السابقة وحتى اللاحقة لهؤلاء المعترضين على قرار تعيين القائد عبدالرحمن الشمساني بأن الجغرافية وحدها من تصبح في نهاية مطاف تلك الحملات العسكرية القادمة من المحور مطلوبة عسكرياً للخضوع والسيطرة وليس الأشخاص المطلوبين أمنياً -غير المعروفين بالاسم- وذلك اعتراف أقر به كبير العساكر المؤدلجين في حديث خاص داخل غرفة مغلقة تم توثيقه خفية بجوال أحد الحاضرين في هذا اللقاء دون علم هذا القائد المؤدلج ثم نُشر هذا الحديث لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
يتبع....
* من صفحة الكاتب على الفيس بوك