قراءه نقدية : ثورة11/ فبراير أين الخلل؟ - 7

الاثنين 19 يونيو 2017 - الساعة 06:37 صباحاً

 

 

4- اختزال هدف الفعل الثوري في رحيل  صالح عوضاً عن إسقاط النظام برمته

خطوه أعاقت الثورة

 

في يوم 11/ فبراير2011/ م رفع الثوار شعار إسقاط النظام الحاكم ، بكل أدواته ، بكونه "أي ذاك النظام" منظومة القيم والممارسات والسلوكيات الفاسدة والممنهجة والمتجذرة التي تمارس داخل كل مرافق ومؤسسات السلطة الحاكمة ، والتي تعبر عن ثقافة رعوية إقصائية استبدادية تعود إلى ثقافة عصر السلطة ، عصر ما قبل الدولة ، تلك الثقافة التي ترى في ممارسة السلطة وتولي مناصبها ميزة شخصية ، تحتكرها مراكز القوى والنفوذ التي تتكون  بفضل تراكم الفساد وتداوله وحمايته ،

 

تلك القوى الفاسدة التي تجعل من تولي السلطة فرصة للإثراء بلا سبب وكسباً غير مشروع ( ثقافة الغنيمة )  وهي- بلا شك- تتقاطع مع ثقافة عصر الدولة التي تجعل من ممارسات السلطة ، عملاً وظيفياً يعبر عن ممارسه مؤسسيه ، تختفي فيها سلطة الفرد  و تتقيد رغباته ونوازعه البشرية ، داخل تلك المؤسسات لصالح الدولة ، فالدولة تعني اختفى دور الاشخاص كسلطة ونفوذ يمارس على المجتمع وبشكل يجعل الجماعة تشعر بالخضوع لسلطة الفكرة وليس لسلطة أشخاص بذواتهم  .

 

بمعنى آخر انطلق فعل الشباب الثوري بهدف إسقاط منظومة الفساد والاستبداد ، التي تمارسها سلطة حاكمة يجب أن تسقط بكل قيمها ومخرجاتها الفاسدة ، وبناء عوضاً عنها دولة مدنية ، مؤسسيه بما تحمله هذه الدولة من معانى عصرية ،

 

والأسئلة الهامة التي يجب طرحها هنا كيف تم اختزال تلك المطالب العظيمة والكبرى المعبرة عن مشروع الثورة ، وكيف تم اختصارها في مطلب " أرحل " رحيل صالح فقط ؟ 

وهل كانت الثورة ساذجة إلى هذا الحد ، الذي يجعلها تَختزل حركة الجماهير الثائرة ، في فعل ثوري يطلب رحيل صالح أو حتى عائلته فقط ،و تعتقد " أي الثورة " أن في رحيلهما مِن كراسي السلطة مع بقاء تلك السلطة بأدواتها وقيمها ومخرجاتها ونفوذها ( منظومة الفساد والاستبداد ) سوف يمكنها من بناء تلك الدولة المفقودة ؟

 

هذا المطلب الذي أختزل كل المطالب الثورية ،

وعلى يد الخبراء المحترفين ، في ليْ أعناق الثورات ، وسرقت محتواها ، لم يٌرفع من قِبل أنصار النظام الحاكم المستفيدين من إنتاج ثورية بكعب أخيل !!!

بل رفعته الثورة من داخلها في لحظة تم فيها تسكير عقل الفعل الثوري وتخديره في حركة الثورة ، " علي يد لصوص الثورات " والذي يسجل التاريخ حضورهم في قلب كل ثورة عبر تاريخ كفاح الإنسان الطويل ، في سبيل الحرية .

 

لصوص الثورات ليست تلك القوى التي تمارس دور الطابور الخامس ، في معادلة الصراع أو في الحروب الثورية بين الثورة واعداءها ، كما أن تلك القوى غير متجانسة فكرياً أو ثقافياً ، فقط كل ما يجمعها هنا ويوحد دورها داخل  الثورة ، عاملين اثنين ، أولهما خصومتها مع رأس النظام على مصالح شخصية ، تدفعها تلك الخصومة للاشتراك في حركة الفعل الثوري من اجل لانتصار في تلك الخصومة وممارسة ثقافة التشفي على الخصوم ، وثانيهما الخوف من نجاح الثورة كمشروع ثوري ، وليس كفعل ثوري ، لان نجاح الفعل الثوري في تطبيق  المشروع الثوري في واقع المجتمع ، يعني القضاء على مصالحها الشخصية التي تتقاطع مع مشروع الثورة ، ولهذا بقدر ما تتحرك تلك القوى ( لصوص الثورات ) بإخلاص في سبيل اسقاط النظام الحاكم ، بقدر ما تتحرك بوعي وتخطيط بهدف سرقت الثورة خلسة ، دون إدراك من  الثوار .

 

في ثورة 11/ فبراير 2011/ م ، اتسعت دائرة الحضور لتلك القوى الحالمة بهذا الدور ، وهي قوى متعددة ، قبلية وعسكرية وحزبية ، وقد تحدثنا في بداية هذه القراءة النقدية عن احتشاد تلك القوى مادياً داخل الثورة وأثرها  ، ولكن بيت القصيد هنا ، ممارسات دورها على طول المسار الثوري في اختزال الثورة برحيل صالح وعائلته فقط .

 

أرادات تلك القوى أن تقدم ، لثورة الشباب انتصار " زائف " برحيل صالح وعائلته فقط ، في الوقت الذي يعني هذا الانتصار ، انتصارا لها شخصياً على صالح ، ومن واقع  تلك الحسابات أرادت تلك القوى ، لثورة الشباب أن يتوقف دفعٌها عند سطح معين لا يجوز تجاوزه ، وهذا السطح يعني رحيل صالح وعائلته ، عن كراسي السلطة ، على اعتبار ان تلك القوى قادرة على حيازة السلطة وميراث عائلة صالح  في حكم اليمن ، لاسيما وأن تلك القوى  تمتلك أدوات مالية ونفوذ داخل سلطة النظام ، ولهذا كانت تلك القوى ومن داخل الثورة تعمل علي اختزال شعار الثورة بمطلب " ارحل " بدلاً من سقوط النظام .

 

كان هذا التحول في المطلب الثوري أول الوهن في مسار الثورة ، حسب " فلسفة " الصحابي الجليل " سعد أبن عباد " في رده على مقترح " الحباب أبن المنذر " في سقيفة بني سعد .

 

كان قبول ذلك التحول في شعار الثورة خطاء كبير ، أخمر عقول الجماهير الثائرة ، بانتصاراً زائف !  فرحيل صالح وعائلته فقط ، مع بقاء نظامه حاكماً بكل قيمه السلطوية ، لم يكن يعني في الواقع إلا انتصارا للخصومة الشخصية لتلك القوى المحتشدة في ساحات الثورة دون ايمان بمشروع ثوري ، وهزيمة في نفس الوقت للفكرة الثورية .

 

كان هذا الاختزال في حقيقة الأمر ،هو اختزال للثورة ، فقد ساعد كثيراً على بقاء صالح قوياً وقادراً علي تغيير المعادلة وقلب الطاولة ليس علي رأس الثوار المساكين في وطنيتهم فقط ، بل على رأس أولئك الحالمين بميراث سلطته ،

لأن تلك الحسابات الحالمة داخل الثورة ، بغباء شديد ، شكلت جملة اعتراضية ، أمام سقوط النظام الحاكم الذي ظل مصدر قوة صالح ،

رغم رحيله عن كرسي الرئاسة .

 

يتبع….

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس