صُراخ ضد رفع "الدولار الجمركي" .. بين التهويل والشكوك في استهداف ميناء عدن
الخميس 29 مايو 2025 - الساعة 12:47 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

خلال الساعات الماضية ، تصدرت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مزاعم تتحدث عن نية الحكومة رفع تعرفة "الدولار الأمريكي" بنسبة 100% وسط تحذيرات من تداعيات ذلك وشكوك حول صحة هذه المزاعم والهدف منها.
وبحسب هذه المزاعم تنوي الحكومة رفع سعر الدولار الجمركي المفروض على البضائع الواصلة الى المنافذ الخاضعة لها من 750ريالاً الى 1500ريال بنسبة زيادة قدرها 100%.
ومطلع عام 2023م اقرت الحكومة قرارا مشابهاً ، برفع سعر الدولار الجمركي من 500 ريالاً إلى 750 ريالاً، في خطوة جرى تبريرها بتداعيات وقف تصدير النفط جراء هجمات مليشيا الحوثي أواخر عام 2022م ، التي حرمت الحكومة 70% من إيراداتها.
وفي حين تلتزم الحكومة الصمت تجاه الأمر ولم تعلق بالنفي او بالتأكيد ، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بحملة شعواء تهاجم هذا التوجه وتحذر مما تراه تداعيات خطيرة تزيد من سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها المناطق المحررة.
هذه الحملة التي قادها نشطاء وصحفيون بارزون ، ركزت في التحذير من ان يتسبب قرار رفع سعر الدولار الجمركي بارتفاع كبير في أسعار السلع بالمناطق المحررة تصل الى نحو 50% كما زعم البعض ، مؤكدين بان المواد الغذائية ستكون على رأس هذه السلع.
وهو ما يُشكك بصحته خبراء ومختصون بالشأن الاقتصادي ، الذي يرون وجود تهويل في مسألة رفع سعر الدولار الجمركي ، خاصة وان الزيادة تتعلق بقيمة التعرفة الجمركية وليس في نسبة الرسوم الجمركية المفروضة على السلع ، في حين أن أهم السلع الغذائية كالأرز والقمح معفية من الرسوم الجمركية.
مشيرين الى ان الزيادة هي في قيمة الرسوم وليست في نسبتها من قيمة السلع المستوردة ، كما ان السعر الجديد في الدولار في حالة اعتماده يظل أقل بـ 70% من سعر الدولار بالسوق المصرفي حالياً.
مؤكدين بان الحديث عن ارتفاع السلع بنسبة 50% وأكثر في حالة تطبيق هذا القرار ، تهويل لا يتسند على حقيقة ، ويوفر مبرراً وشرعنه لأي زيادة غير قانونية في السلع من قبل المستوردين والتجار لجني أرباح مهولة تحت ذريعة رفع الجمارك على السلع.
هذا الأمر اثار الشكوك من جانب آخر حول وجود اهداف خفية وراء حملة الترويج لمزاعم رفع سعر الدولار الجمركي والتهويل المبالغ فيه لتداعيات الأمر ، وعلاقته بالتطورات الأخيرة المتعلقة بنشاط الموانئ المحررة في ظل استمرار توقف نشاط الموانئ الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية.
فمع مرور نحو أسبوعين على توقف النشاط في موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية وتحديداً مينائي الحديدة والصليف المخصصان لاستقبال السلع والبضائع ، تكرر السلطات الحكومية استعداد الموانئ المحررة لتعويض ذلك وايصال السلع الى مناطق سيطرة المليشيا الحوثية.
وفي هذا السياق جاء خطوة السلطات المحلية في محافظة الضالع مؤخراً بفتح الطريق الرئيسي الرابط بين صنعاء وعدن والمغلق منذ نحو 7 سنوات ، كخطوة مطلوبة وضرورية لتوفير خط رئيسي لنقل البضائع من الموانئ المحررة الى مناطق سيطرة المليشيا.
الا أن تلكؤ المليشيا حتى الان عن الاستجابة لهذه المبادرة ، يعزز موقفها الرافض لتحويل استيراد السلع لمناطق سيطرتها عبر الموانئ المحررة وإصرار على استعادة نشاط موانئ الحديدة بأسرع وقت ، وهو ما تواجه فيه صعوبة كبيرة بسبب التدمير الذي طالها بالغارات الإسرائيلية الأخيرة.
وفي هذا السياق كشف وسائل إعلام محلية الثلاثاء الماضي بأن مليشيا الحوثي الإرهابية منعت إحدى السفن من الإبحار إلى عدن لتفريغ حمولتها بسبب عدم القدرة على تفريغ السفن بميناء الحديدة إثر ما لحق به من دمار ، فرضت عليها إما مواصلة الإبحار إلى الحديدة أو الرسو في جيبوتي.
وهو ما يُعيد الى الأذهان الحملة التي رافقت قرار الحكومة مطلع عام 2023م برفع سعر الدولار الجمركي من 500 ريالاً إلى 750 ريالاً ، وسارعت حينها المليشيا الى الترويج لمزاعم خفض التعرفة الجمركية بموانئ الحديدة.
الا أن تجاهل التجار والمستوردين لذلك بسبب المزايا التي يقدمها ميناء عدن ، أجبر المليشيا الحوثي في الأخير الى فرض تحويل استيراد السلع لمناطق سيطرتها الى موانئ الحديدة بالقوة بعد ان احتجزت لأسابيع البضائع القادمة من المناطق المحررة.
ما يدفع اليوم بالشكوك والتساؤلات حول وجود يد لمليشيا الحوثي في تضخيم الحملة الشعواء والمفاجئة التي ظهرت مؤخراً حول نوايا الحكومة سعر الدولار الجمركي ، كضربة استباقية لاستحواذ الموانئ المحررة على نشاط الموانئ الخاضعة لسيطرتها والمتوقفة منذ نحو أسبوعين.