اعتراف
الاربعاء 20 ابريل 2022 - الساعة 04:34 صباحاً
أحمد الوافي
مقالات للكاتب
عيدروس الزبيدي في كل لقاءاته الأخيرة يقول هناك مشروع ايراني يتصدر للمنطقة وهناك مشروع عربي يتخلق ولابد أن ينتصر، أما بالنسبة للوحدة فعلى الجميع أن يعلم أنه من تغنى بها هم قيادات الجنوب ومن قتلها هم قيادات الشمال.
منذ اول يوم للوحدة لم تتم التهيئة لوحدة اندماجية حقيقية وكان اعلان الوحدة هروب من واقع أثر بشكل كبير على حياة شعب ذات نهج اشتراكي مؤمن بالدولة مع شعب رأس مالي انتهازي وغير منظم تشكل القبيلة والمذهب حجر أساس الحكم فيه.. لم يستفاد من خبرات الجنوب وكوادره بقدر استفادة الشمال من ثروات الجنوب .
بدأت معارك الاقصاء والتصفيات والضرب تحت الحزام حتى جاء ٩٤ وتفاجئ الكثير من الجنوبيين بإعلان الانفصال وتم تسليم الجنوب بتقديري حفاظا على ما تبقى من مشاعر للوحدة لدى الجنوبيين والا لاستمرت الحرب سنوات وكان هادي أحد القيادات الذين ساهموا في ادخال قوات الشمال وغيره الالاف.
لم تنتهزها فرصة سلطات صنعاء للاكتفاء بأقصاء الشريك والحفاظ على الشعب بل مارست ممارسة احتلال ، بدأ الحراك يتنامى وكانت المعالجات إما قمعية وإما شكلية و جاء ٢٠٠٧ ولم يأبه النظام حينها لتنامي مطالب الانفصال ولم يعالج الاسباب.
جاءت ٢٠١١وصمتت حينها اصوات المطالبة في الانفصال أملا من ابناء الجنوب بثورة تغيير حقيقيه تقرب الفجوة بين الشمال والجنوب وتعيد الاعتبار لهم ولقضيتهم لكن ثورتنا والتي كنت أنا جزء منها كانت تحمل على ظهرها الإخوان وكان مشروعها الخفي هو صعود جماعات الحرب الحقيقية على الجنوب والشمال معا فعادت من جديد المطالبات بالانفصال.
بعدها جاءت حرب الحوثي على اليمن بكلها وكانت فرصة تتوحد فيه اليمنيين شمالا وجنوب لمواجهة الحوثي فنجح الجنوبيين من تحرير اراضيهم ومن الاسهام الكبير في المشاركة في تحرير الشمال فكانت دماء ابناء الجنوب تصب على الساحل الغربي وفي حرض وفي البقع بينما جبهات الشمال التي تصدرها محسن والمقدشي تغني وترقص في نهم وتطربل المواقع في تعز بعد أن كان ابناء تعز يسطرون اروع البطولات في الأشهر الأولى.
وفجأة تتحول البندقية من نهم نحو شقرة وابين وعدن بينما نحن متجهون نحو العدو الذي يريد التهام اليمن بكلها وفي كل مرة كنا نخسر كأبناء الشمال فرصتنا في الحفاظ على الوحدة وكانت الابواق التي تتحدث باسم الشمال توجه سهامها نحو الجنوب دون غيره.
اليوم نحن أمام مرحلة جديدة وفرصة جديده يجب أن نتيح للفرصة أن تبقينا كشعب واحد تجمعه الأخوة والجوار والعلاقة المتداخلة الأزلية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا والدين والنسب بعيدا عن شكل الدولة سواء كانت دولة او دولتين.
هذا اعترافي لا يعطي لأي جنوبي الحق أن يقفز على هذا التاريخ وعلى الروابط وتجاوز الحق المكفول لهم وفقا للعرف والقانون ووفقا للواقع وللقانون والمضي في ممارسات لا تخدم مشروع الدولة التي يسعون لها من ممارسات تمزق النسيج الاجتماعي او تصادر حقوق الناس او ممتلكاتهم الخاصة مع احتفاظهم بحقهم في استرداد ما نهب وفقا للقانون.
ولا يعد هذا الاعتراف المطلوب من كل قيادات الشمال مبرر لكل الممارسات التي تمت طيلة خمس ست سنوات مضت واوجعت مشاعرنا والمتنا ولا تختلف ابدا عن ممارسة المحتل بل ربما اشد قسوة لكن الحقيقة التي يجب قولها إنها كانت بتخطيط من قوى المحتل في الشمال وبدفع منهم وكانت الاستجابة من الكثير في الجنوب لذلك كردة فعل عاطفية هوجاء رافقها صمت من العقلاء واستسلام للمزايدة وكان كل ذلك منذ عام ٩٠ الى اليوم احداث تدمي جروح نسيجنا الاجتماعي ومحبطة لآمال الرئيسين سالمين وابراهيم الحمدي وكانت على عكس ما توقع علي عنتر وعلي شائع وصالح مصلح وفتاح وكل قيادات الجنوب.
اليوم نحن أمام فرصة حقيقية كشماليين في استعادة دولتنا من عدو ايراني يريد أن يستخدم بلدنا ذراع لقوة اقليمية تستهدفنا كثقافة وهوية وشعب ، وأن نعترف أننا أمام جنوب يختلف عن جنوب ٩٤.
جنوب له مؤسساته العسكرية والأمنية له قيادته ، جنوب يهدف الى استعادة دولته المشروعة ويمد يد الشراكة بصدق لإسنادنا في المضي لاستعادة الدولة اولا من يد العدو ثم بعد ذلك طرح حقه المشروع لاستفتاء شعبي اكثر ما نمتلكه من حق كشماليين هو مطالبة المجتمع الدولي في ضمان حق الاختيار بنزاهة وشفافية.
ويبقى نجاح الخيار في بقاء وحدة من عدمها في صدقنا الحقيقي بإصلاح ما فسد من خلال المضي نحو صنعاء وكسر هيمنة الدولة التي دمرت الجنوب ودمرت الوسط وتهامة واستخدمت شمال الشمال كبندقية مستخدمة الجهل وسيلتها في التمدد.
لا نتعب انفسنا في الفلسفة حول اداء القسم وحول العلم وحول الشكليات ولا نضيع اوقاتنا في المؤامرات فمصلحتنا هي استعادة الدولة وليس من مصلحتنا اضعاف الجنوب وتفكيكه وليس من مصلحة الجنوب في ظل وحدة او انفصال أن يكون في حالة عداء معنا وخصوصا مع الوسط وخصوصا أن ثلاثون سنة واكثر قد خلقت واقع جديد في الجنوب يحتاج الى الترميم بجهود كبيرة.
مصلحتنا جميعا أن نرد الاعتبار لأنفسنا جميعا كضحايا من دولة الأئمة التي عانى منها ابناء صعده قبل غيرهم ، مصلحتنا جميعا أن نفكر في عدو واحد، لكن علينا أن نؤمن أن لدولة الأئمة ضلعين ضلع يتمثل في الحوثي الذي يدير الانقلاب وضلع آخر هم الإخوان الذين يشكلون نقطة الفشل في الشرعية وهم المشروع المناهض لكل تقارب بيني عربي عربي وليس في اليمن فقط.
على ابناء الجنوب وقياداته الاعتراف بأن ما مورس ايضا خلال السنوات كان خطأ واستمراره خطأ اكبر وأن يمضوا في استعادة المؤسسات وحفظ امنهم واستقرارهم بما لا يؤثر على حياة الناس وكرامتهم وحقهم وبما يحفظ مشاعر الأخوة ويرمم الجراح النازفة.
مطلوب منا جميعا أن نتحلى بالشجاعة بقدر كافي واستعداد للتنازل لصالح اهدافنا السامية، وقدرة كافية على مواجهة الجماهير اللاواعية والتي تشحن في كل اتجاه لجلب مصالح فئوية لان الاستجابة ستسقطنا جميعا.