« الحرب » إنها ثقافتنا في اليمن

السبت 21 مايو 2022 - الساعة 08:55 مساءً

 

لا يوجد بلد يعيش حتى اليوم على ثقافة الغالب والمغلوب كما هو حال اليمن فعلى سبيل المثال فقط منذ ثورة سبتمبر واكتوبر شهدت اليمن في الشمال حرب الملكيين والجمهوريين استمرت سبع سنوات وبعدها حرب الجمهوريين على بعضهم البعض انتهت بتصفية الجمهوريين الأكثر طموحا في مضمار السياسة ، بل تم تنضيفهم من داخل أجهزة السلطة العسكرية والمدنية ، ثم اندلعت بعدها حروب المناطق الوسطى التى استمرت حتى 82، حصدت في تلك السنوات ألآف القتلى والمشردين..

 

ومن زاوية أخرى شهد الشمال إنقلاب عسكري بقوة السلاح على الرئيس عبد الله السلال وانقلاب عسكري على الرئيس عبد الرحمن الإيراني ، وانقلاب عسكري عن طريق القتل والغدر على الرئيس ابراهيم الحمدي انعكس أثرها في تصفية لواء المظلات وقتل مشائخ تعز ، ومن ثما قتل الرئيس أحمد الغشمي من قبل سلطة الجنوب ثم محاولة إنقلاب فاشلة على الرئيس صالح عقبها تصفية القيادة التاريخية للناصريين من داخل السلك العسكري والمدني .

 

على مستوى الشطر الجنوبي شهد هذا الأخير بعد ثورة أكتوبر حرب بين الجبهة القومية وبين جبهة التحرير حسمت عسكرياً لصالح الجبهة القومية ، ثم حرب بين الجبهة القومية والجيش انتصرت فيها الجبهة ثم انقلاب عسكري على الرئيس قحطان الشعبي وتصفية فيصل الشعبي مؤسس حركة القوميين العرب في الجنوب ، ثم مواجهات عسكرية بقوة السلاح بين الرئيس سالمين وقيادة التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية={ التنظيم الحاكم في الجنوب } انتهت بإعدام الرئيس سالمين.

 

 ثم حرب 1986 التي ابتلعت القيادة التاريخية للحزب الاشتراكي اليمني بسلاح الاشتراكي، ناهيك عن ابتلاعها لقيادة الدولة والثورة في الجنوب ، وأكثر من ذلك خلقت انقسام داخل المجتمع ، ومن زاوية أخرى اندلعت حرب 1972 وحرب 1979 بين سلطة الشمال وسلطة الجنوب ، كل ذلك كان كافياً أكثر من اللازم لكي يتوقف هذا اللا معقول في اليمن ، لكنه لم يتوقف !؟ .

 

بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 1990 على أساس الفعل السياسي السلمي بين الشطرين والعمل الديمقراطي التعددي ، اشعل الرئيس صالح وحليفه حزب الإصلاح حرب 1994 ضد الحزب الاشتراكي شريكهم في دولة الوحدة ، على إثرها تأسست ثقافة الانفصال والكراهية داخل نفوس الناس بعد أن كان مجرد قرار سياسي ، فالحرب لم تتوقف عند حدود إقصاء الاشتراكي من السلطة بل تعاملت مع المكون الإنساني في الجنوب بكونه طرف مهزوم ومغلوب في الحرب ، ثم اندلعت بعد حرب 94 ستة حروب متواصلة في صعدة.

 

مع مطلع 2011 شهدت اليمن ثورة سلمية على الرئيس صالح تخللتها مواجهات عسكرية في الحصبه وتفجير جامع الرئاسة استهدفت تصفية الرئيس و قيادة حزب المؤتمر والدولة ، ومع تنحي صالح شهدت اليمن حرب بين الحركة الحوثية والسلفيين في دماج صعدة ، ثم حرب الزحف على العاصمة صنعاء وإسقاطها من قبل تحالف صالح والحركة الحوثية ، ثم الحرب بين الشرعية وتحالف الإنقلاب على الدولة ، التي تدخل اليوم عامها الثامن ، تخللتها مواجهات عسكرية في صنعاء بين الحركة الحوثية وقوات صالح انتهت بمقتل صالح ، وحرب بين الانتقالي والشرعية في عدن ،  وحرب بين المحور وكتائب أبو العباس في تعز وحرب بين المحور واللواء 35 في التربة ، كل ذلك حدث خلال 59 سنة فقط والمستقبل مليء بالألغام.

 

الحرب في اليمن تكاد أن تكون هي ثقافة السلطة والمعارضة، والسياسي والمثقف وهي ثقافة الحزب والقبيلة وهي ثقافة المتدين والعلماني ، وهي ثقافة الغالب والمغلوب وثقافة المناضل والمرتزق وثقافة تاجر الحروب وصاحب القضية، هي دائماً ثقافة الكل ضد الكل وسلاح الأنا ضد الآخر، ومن يدينها يفعل ذلك لأنه لا يملك السلاح فقط.

متى سوف نكتب على قبور هؤلاء القتلى في اليمن ؟

« ناموا بسلام، فنحن لن نكرر هذه الأخطاء مرة أخرى »

نقش مكتوب على ضريح ضحايا قنبلة هيروشيما

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس