حديث سياسي في مجلس عزاء شهيد
السبت 05 أغسطس 2017 - الساعة 02:31 صباحاً
فهمي محمد عبدالرحمن
مقالات للكاتب
بعد دفن الشهيد والمناضل والرفيق فهد عبدالوهاب ، وفي مجلس عزاءه والذي كان ضيوفه الكرام ، الاستاذ على المعمري ( على الاجعر) والاستاذ نشوان نعمان ، رئيس مجلس إسناد المقاومة ، ومدير مكتب المغتربين في محافظة تعز ، وعضو السلطة المحلية في المحافظة ، احمد عبده سعيد ، وعبدالله راجح مدير المرور في محافظة تعز ، والامين العام لتنظيم الناصري في المديرية ، عبدالسلام الضلعي ، وقد تحول مجلس العزاء بهؤلاء جميعا إلى مجلس للحديث في السياسة تناول الوضع في اليمن وتحديدا ما تمر به مدينة تعز .
كان الاستاذ الفاضل على المعمري وكعادته هو المبادر في استغلال هذا الجمع ، للحديث عن وضع تعز وما يجري فيها وما يجب ان يكون ، ثم تلاه في الحديث المناضل نشوان نعمان ، ليعقب بعد ذلك في الحديث الصديق العزيز عرفات علي ناجي ، ثم الاستاذ الفاضل عبدالسلام الضلعي ، ليتوقف الحديث بعد ذلك عند مداخلة الشيخ احمد عبدة سعيد ،بعد ذلك حاولت ان ادلي بدلوي في هذا الحديث ، فقاطعني الوالد الشيخ احمد عبده سعيد ، وقال مازحا يكفي انك تتعبنا في قراءة ما تكتبه يا فهمي ، ثم اعلن هذا الشيخ الوقور عن انتهاء هذا الحديث السياسي ، فرديت عليه ضاحكاً سوف اكتب تعقيبي في منشور يصل اليك وسوف تقراءه .
أستطيع ان اقول ان الحديث السياسي في هذا المجلس تعلق في أربع نقاط تم الحديث عنها بشكل متداخل ومتشابك ، وكنت انوى في مداخلتي ان أعنون ما تم الحديث عنه وبشكل يعيد قولبت النقاش وترميزه في اربع نقاط حتى لا يظل الحديث عائم بنظر الحاضرين ، وذلك في :
1- المشروع الذي يقاتل ويستشهد في سبيله هؤلاء الشباب .
2- الاحزاب السياسية ودورها في تعز .
3- انتصار تعز من عدمه .
4- امكانية وحدة الموقف في تعز .
كان الاستاذ علي المعمري قد بدأ الحديث بقوله لماذا نقاتل ؟
ثم استرسل بعد ذلك مع رفيقه نشوان نعمان حديث شيق عن مشروع الدولة وعن ضرورة تفعيل مؤسساتها في تعز… الــخ.
الدولة في حد ذاتها بقدر ما تمثل حالة قانونية وسياسية على المستوى الرأسي او العمودي ، فهي تمثل على المستوى الاجتماعي افقياً حالة وعي ثقافي بالمؤسسية ودورها ، وذلك حين تجاوز هذا الوعي اجتماعيا مفهوم السلطة كامتياز شخصي للفرد أو للأسرة لصالح الدولة كمؤسسة عامة تجد مبرر وجودها لا بممارسة سلطة مطلقة بل بالفكرة المؤسسية التي اخترعها المجتمع على إثر فشل السلطة في حماية مبدأ الحقوق والحريات في هذا المجتمع .
فالدولة هنا في اليمن كحالة قانونية موجود سندها ومرجعيتها في مخرجات الحوار الوطني ومسودة دستور الدولة الاتحادية ، وذلك يعني ان المرجعية التشريعية والقانونية موجود ولا مشكل في ذلك ، او هكذا يجب ان يكون .
اما الدولة كحالة سياسية في اليمن فهي مختطفة ، بل انها تعرضت لإنقلاب دمر كل مرافقها ومؤسساتها العامة وتحديدا في مدينة تعز ، وهذا يجعل الحديث عن مفهوم الدولة في هذه المدينة يبدأ سياسيا وإداريا من نقطة الصفر فكل شيء تم تدميره .
اما الدولة كحالة وعي ثقافي اجتماعي بالمؤسسية على المستوى الافقي، فأن تعز من هذه الزاوية دون سواها من محافظة الجمهورية تعاني من أزمة خطيرة ، فالانقلاب السياسي على الدولة لم ينقل هذه المدينة إلى ظل حكم السلطة بالمفهوم الذي كان يجب تجاوزه لصالح الدولة كما هو حال المحافظات التي تخضع الآن لسلطة الانقلاب وتعيش في ظل احكام السلطة ، بل إلى ما هو اسوء من ذلك .
فتعز اليوم لا تحكمها مؤسسات دولة ، ولا تعيش في ظل حكم السلطة ولاهي قادرة الآن على بلورة وعي ثقافي اجتماعي ، يخلق رأي عام مجتمعي فاعل وضاغط في اتجاه تفعيل مؤسسات الدولة ، إنها تعيش في ظل احكام الفوضى والإنفلات ، والفراغ والخوف ، والإغتيالات والصراع السياسي ويحكمها " الخفارة والشطار " كما ان تعز ثقافيا بالمفهوم الذي يجسد ثقافة الدولة كمؤسسة يتم سحبها من على طاولته إلى الوراء الى عصر ما قبل السلطة وقبل الدولة ( عصر الإمارة والأمير) وذلك بخلق مكونات مسلحة قويه وجيوب عسكرية تعد بحد ذاتها ممانعة لوجود سلطة الدولة .
هذا يعني ان الحديث عن مشروع القتال في تعز يجب ان يكون هو مشروع الدولة ، في مواجهة مشروع الانقلاب على الدولة فقط ، الامر الذي يتوجب معه اولاً اختفاء مصطلحات " الروافض والجماعة ، والسنة والشيعة ، والتكفير بكل اشكاله " من خطاب المقاومة وقادتها ، ومن ادبياتها السياسية والفكرية ، كما ان المدخل في إستعادة دور الدولة ، يجب ان ينطلق من الحالة السياسية المفقودة ، والذي يعني تحرير مرافق الدولة وحمايتها ، واصدار قرارات رئاسية تفعل مؤسسات الدولة ، بشكل واقعي ، وفي مقدمة ذلك استعادة دور القضاء والامن ، كما يجب ان يتزامن ذلك مع تفعيل الوعي المجتمعي بالمؤسسية ، وتحويل ذلك إلى رأي عام فعال وضاغط في اتجاه استعادة دور الدولة ، وذلك مسؤولية يتحملها المثقفون في تعز ، والحالة السياسية عمودياً ، وحالة الوعي المجتمعي افقياً نحو استعادة مفهوم الدولة ودورها ، يجب ان تمارس بشكل جدي ضمن محددات تشريعية وقانونية مرجعية ، وهي هنا مخرجات الحوار الوطني ، ومسودة دستور الدولة الاتحادية ،
فــهــل كــل الــمــكــونــات فــي تــعــز تــعــي ذلــك ومــع ذلــك ؟؟؟؟؟
يتبع الحديث…
............................................