المبالغة طغت على التاريخ
الاحد 25 سبتمبر 2022 - الساعة 11:15 مساءً
عبدالحليم صبر
مقالات للكاتب
من كسر شخصية المقاومة من الداخل بأغتيال قادتها واستباحة سيادتها ببندقية مشحونة بفكر ديني وهابي أرهابي متطرفة حتى أفقدها صبغتها وهويتها الوطنية، لا يحق له الحديث ولا الأحتفاء بـسبتمبر. فالحديث هنا، يتطلب التمتع بالقيم الوطنية والمبادئ المتجذرة بالرفض للمشروع الأمامي .
كان يمكن للمقاومة أن تقود مشروع أستعادة الدولة في سبيل أستعادة الجمهورية ــ او هكذا كانت التصورات والطموح والاحلام ــ لكن للأسف ، لم يحدث شيء من هذا، فالشمال مازال ملكياً، ليس بقوة البندقية المجنونة التي حولت الناس فيه لمجرد آلات حرب شبة مجمدة تخضع لما يقرره أمير الكهف، بل لجرائم جماعة الإخوان المسلمين و حماقاتهم في سياسة الأكاذيب والمراوغة التي انتهجتها الجماعة خلال السيطرة على القرار السياسي والعسكري داخل مكون الشرعية والاستحواذ على ميزانية حرب ثمان سنوات. بينما أكتفى الجنوب بترتيب بيته الداخلي بعد ان حرر اراضيه من العصابات الانقلابية .. مع التعهد الذي جاء على لسان عيدروس بمواصلة المعركة الوطنية لتحرير صنعاء في حال وجد الحليف الوطني في الشمال و صدق مع نفسه لمحاربة الانقلابيين..
الاحتفالات والشعارات والاهازيج والاغاني الوطنية مهمة جداً عندما يكون مصدرها الشعب، ثم عندما يكون هناك بوادر نصر هذه المناسبة بين يديك ولو بقدر الأمان والاستقرار الذي كان يحتفل عهد علي صالح اما بأفتتح جامعة او شق طريق او بناء مدرسة . أما يتصدرها اليوم كل من تآمر واغتال القادة الوطنيين وكان سبباً في كل هزائم اليمن الجمهوري.. فهذه هي ما سميت بلعنة الثوارات .. ولعنة الجهل ولعنة التاريخ.
والحقيقة لم يعد للمغالطة سوق ولا محلات لبيع المجاملة ، فالتاريخ يحتفظ بسوداوية 21 سبتمبر كيوم كارثي على الوطن، لكننا في أمّس الحاجة للأعتراف بأن هذه الكارثة المتمثلة بعودة الامامة للحكم والسيطرة على كل الشمال هي مُحصلة لجملة من الجرائم التي ارُتكبت بحق الشعب من قبل المعارضة المتمثلة باللقاء المشترك والنظام السياسي الحاكم حينها، ابتدءاً باليد التي أمتدت للحوثي وهي يد المعارضة بحجة تعزيز حضور ثورة 11 فبراير، مع غياب / تجاهل الفهم لتقديرات نوايا الحركة الحوثية، ثم بالطريق التي مهدت لهم الوصول وهي طريق علي عبدالله صالح، وأنتهاءاً بسقوط الدولة حتى سقط الجميع بما فيه ذلك الاخلاق والقيم..
وامام هذا.. لا المغالطة ولا الكذب والتدليس ولا تبني مشاريع الإرهاب و لا الدموع والتباكي على منصات الاعلام ولا الفرح ولا الشعارات سيعد لنا الدولة ومؤسساتها . فقط بحاجة لاسقاط كل قادة الهزيمة ومحاكمتهم واعادة بناء مؤسسة الجيش بما يحقق حضور دولة اليمن كون هذه المؤسسة احد اركان الدولة، والتحرك لاستعادة الجمهورية بالسلم او بالحرب.