التربة و تاجر البندقية ‼️ ( 2 - 1 )
السبت 13 أكتوبر 2018 - الساعة 01:05 صباحاً
نديم الناصر
مقالات للكاتب
إذا كانت تعز حاملة لواء الثورة ، وايقونة التنوير والتغيير في كل البلاد بشهادة التاريخ والأرض والإنسان في كل العصور والحقب ، فإن مدينة التربة أو مايسمى بقضاء الحجرية هي الرئة التي تتنفس منها تعز منذ نشأة تاريخها الأول ، وإليها يعود الفضل الأكبر من بين مدن تعز الثانوية في صناعة هذا الزخم عبر التاريخ ، وأهمية هذه المدينة ( التربة ) لتعز كأهمية تعز لكل البلاد ، ولن نغالي بالقول إذأ قلنا بأن الحجرية بتاريخها الحافل والعريض هي من شكلت الوعي العام الجمعي ليس لتعز وحسب ؛ وإنما لكل البلاد ، سياسة " وثقافة " واقتصادا" و تعليما " و تاريخا " و نماذج نضال و تعايش و مدنية .
ولأن الإنسان هو صانع التاريخ ، وهو هو محور الأحداث ومادتها ، فإن انسان هذه المدينة ( تعز ) في امتداداتها الجغرافية الأوسع ، أو في هذه المدينة على المستوى الأخص التي نحن في معرض تناولها ( الحجرية ) و مخورها - أو عاصمتها المركزية التربة إذا صح التوصيف - قد شكل تاريخية هذه المدينة منذ نشأتها الأولى على الأقل ، في امتدادات تاريحية إلى مآ قبلها في تصاول وتواصل حضاريين جذورا " وبذورا " و ايناعا " و تسامقا " وامتدادات حضارية عبر الزمن فإنها مازالت تؤدي دورها الحضاري الخلاق وبوتيرة عالية في الانتصار لقيمها المتأصلة في جينات كل أجيال إنسانها المتعاقبة عبر التاريخ .
ولايخفى ما لهذه المدينة واتسانها قبلا" من تاريخ ضارب في الجذور ، أثر بفاعلية في تشكيل المستقبل ، و في صناعة إنسانه ايضا" ، و الذي يتكئ على خلفيات حضارية راسخة القدم .
مدينة التربة كرمزية لقضاء الحجرية ولتاريخها في صنع التحولات في طول البلاد وعرضها ، وربما تجاوزها إلى ما سواها في محاولات إنسانها الأول لاكتشاف المجهول في حلة وترحاله .
وتبقى مدينة التربة إيقونة التحولات ورائدة التنوير وحاملة المشروع الجامع .
كما أن لموقع الحجرية أو التربة أهميتها السياسية والجغرافية منذ القدم ؛ بحكم حدودها المشتركة مع ماكان يسمى سابقا " بدولة الجنوب أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .
وكل هذه الخصائص والسمات سحبت نفسها على حاضرها الراهن والمستقبلي ، وجعلها حاضرة وبقوة في حسابات الساسة ، ومشاريع التوازنات سلبا " وايجابا " ، والتي يفرضها منطق الجغرافيا القسري أحيانا " كثيرة ، ناهيك عن أحكامها في معادلات الفرز أو التشكيل أو الانحيازات أو في حسابات التموضع والتكتيك والسيطرة !!
في 24 مارس 2015 م انتفضت مدينة التربة ، وبعض عزل الشمايتين ، و المقاطرة بثورة سلمية كبيرة ضد ميليشيات الانقلاب وصالح المتواجدة في التربة واجبرتها على الرحيل ، وسقط العديد من الشهداء والعديد من الجرحى وحرروا منطقتهم بنضالهم السلمي قبل عواصف الحزم والعزم .
واليوم هناك محاولات و يا للأسف من الداخل اليمني الشرعي المحرر من لم يستوعب الدرس ، و يحاول أن يعاود الكرة مجربا " حظوظه هو هذه المرة ، في تفجير الوضع فيها وفرض هيمنته وسيطرته من خلالها على تعز كلها ، مستكملا " حلقات حصاره ، و فرض سلطته واملاءاته .
تحديات و أولويات .
احتياجات مدينة التربة التي أصبحت مركز جذب ، واستقطاب سكاني وعمراني ، بل و خط الإمداد الوحيد الذي يمد تعز بخط الحرية و الحياة و أسباب البقاء ، و جعلها درة المدن التعزية ، يقتضي تظافر كل الجهود للنهوض بها ، وتعزيز دورها وحضورها وخلق فكرة النموذج القدوة وتعميمه على كل المناطق المحررة .
التربة حاضرة تعز الأولى ، و الحاضنة لأكبر ثقل بشري فيها ( الحجرية ) ، والتي تمتد لثمان مديريات هي ( الشمايتين / المواسط / خيفان / المعافر / الصلو / سامع / دمنة خدير ) بالإضافة إلى (حبل حبشي ) وأجزاء من الوازعية ، ومديريتي القبيطة والمقاطرة التي فصلت إداريا " وسياسيا" لمحافظة لحج .
كما أن الحجرية بهذا الثقل الوازن بشرا " و جغرافيا تحد أيضا " أربع محافظات هي : تعز و اب و لحج و الضالع . كما أن الحجرية تقع على خطوط الإمداد الوحيدة مع عدن كشريان حياة لتعز كلها في معركة التحرير الراهنة ضد مليشيات الانقلاب الحوثي .
حروب التمكين بالوكالة ‼
وهو ما نجده اليوم ماثلا " وبقوة في خيارات بعض القوى الانتهازية المتغولة التي تحاول أن تتمدد بنفوذها العسكري تحت عباءة الشرعية ، و مسمى الجيش الوطني على كل الجغرافيا التعزية ، و إزاحة خصومها منها لفرض مشاريعها الخاصة والصغيرة ،"والتي لاتختلف عن مشاريع قوى الانقلاب والردة الحوفشية في المحافظات المحتلة !!
و لأن التاريخ يقرأ بالأحداث وبما يماثلها من ظروف وملابسات ونظائر ومغايرات عكسية أيضا " ؛ فإن سيناريو تعز القديمة أو مايعرف بمربع الكتائب التابعة لأبي العباس ( مثلا " ) مع قوى التغول العسكري أو كما يطلق عليه بعض المراقبين بالجناح العسكري لحزب الإصلاح الذي يسيطر على مفاصل القرار العسكري والأمني في تعز ، أو دوائر صناعة القرار في الحكومة أو مكتب رئاسة الجمهورية ، هو السيناريو الأقرب والمحتمل الحدوث أو الذي يراد له أن يكون لمدينة التربة و استهداف اللواء ( 35 ) مدرع .
أو لسيناريو التمدد الحوثي باتجاهه لعمران ، ثم صنعاء في 2014م و انقلابه على الشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس هادي !! ذات السيناريو يعيد إنتاج نفسه في التربة .
فبعد إزاحة ابي العباس وتضييق الخناق عليه بتواطؤ من الحملة الأمنية والجيش او من لجنة التهدئة التي يقودها القائد الفعلي للجتاح العسكري الخاص والذي يتحكم في سيناريو التموضعات ورسم خارطة الانتشار والسيطرة الإخواني في معركة الانقلاب على الدولة ، والتي يجري التحضير لها عن كثب ؛ بتوغله في جسد الجيش والدولة أو بتوغله على كل المقدرات والجغرافيا !!
و ذات السيناريو الانقلابي الحوثي بدأ هكذا أيضا في تمدده في قضم وهضم الجغرافيا واختصار المسافات واختطاف الدولة !!!
وها هو السيناريو المرسوم اليوم و بدقة لمدينة التربة وللواء ( 35 ) ومسرح عملياته ، يتم و بتواطؤ وتسهيل من قيادة المحور الذي تحول لا الى جزء من المشكلة كما يرى متابعون بل إلى المشكلة ذاتها ؛ إذ تمرر كل القرارات والتجاوزات والمخالفات ناهيكم عن الاحتكاكات مع السلطة أو وحدات الجيش ، و إليه وحده يعزو كل هذا العبث و الفشل في إدارة معارك التحرير ، و إنجازه ، رغم توفير كل الإمكانات و المقدرات العسكرية واللوحستية ، وتفرغه التام لتمرير الأجندات الناعمة ، واعاقة مشاريع التحرير ، والهيكلة واستنزاف قوى التحالف والشرعية ، ولم يكن للمحور ذلك لولا توفر الغطاء الواقي له من داخل المؤسسة العسكرية العليا ممثلة بنائب رئيس الجمهورية علي محسن ، الذي يدير ملف تعز من أروقة إقامته بمأرب .
كل ذلك يؤكد اختزال القرار العسكري فيه لصالح تلك المليشيا ( الانقلابية ) الجديدة ، التي تسرح وتمرح بل وتعبث بالمشهد التحرري اليمني وليس التعزي فحسب ، و تعمل على إسقاط الدولة ومؤسساتها الشرعية من الداخل الشرعي بعباءة الشرعية ومسمى الجيش الوطني ، و بنعومة التمكين المتغلغل بالدولة العميقة ، و بتضييق الخناق والتطفيش ، أو بفرض خيارات المواجهة مع الخصوم ، وتحت مظلة الشرعية في حروب التمكين بالوكالة ، وبافتعال التحديات والعراقيل والصراعات الثانوية على حساب الأولويات الوطنية ( التحرير واستعادة المؤسسات وتفعيلها ) ، وأشغال الشارع والهاءه عن أولوياته تلك ، بل واستعداء قوى الداخل الشرعي والشرعية و قوى التحالف العربي الداعم لها . ........................ ( يتبع ) .