جحيم أخر في مواجهة المجتمع
الخميس 13 ديسمبر 2018 - الساعة 05:30 صباحاً
عبدالحليم صبر
مقالات للكاتب
سأغرد اليوم في منحى الفول المدمس والفاصولية والبر والشاهي والسكر والرز، لعل هذا المنحى يعيد لنا ترتيب أولويات تبدو اكثر مشقة على المواطن وهي الحياة المعيشية، و يفتح باب الرقابة على السلع الغذائية الأساسية ومراقبة الحركة الشرائية، لعل هذا الصوت الباعث من تحت ركام البارود، سيشكل صوتاً في رفض الفوضى التي يقودها الوجوه صلف التجار ضد المواطنين.
في مطلع أكتوبر الفائت أرتفع الدولار مقابل الريال اليمني بشكل لم يسبق ان وصل إلى هذا المستوى في تاريخ اليمن. يتزامن هذا الهبوط للعملة المحلية مع استمرار الحرب الدائرة في اليمن منذ 2014م، بالأضافة إلى ما تشكله الشرعية من خذلان وافر لهذا المجتمع، يصل حيناً إلى الخيانة عندما يتعلق الأمر بأوضاع تعز، وحيناً أخر يصل إلى المراوغة والكذب والتدليس عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية اتجاه متطلبات الناس.
التجار في هذه الحالة يتحولون إلى مسعورين، لمجرد ان تحركت حاسة الشم عندهم، حول ارتفاع الدولار الامريكي، دون أدنى مسؤولية عن القواعد الجديدة التي تحدد سعر السلع وجودتها.
انخفض سعر الدولار بنسبة 35% على ما كان عليه قبل سنة، فيما سعار التجار ما يزال منتشر عبر فيروس الجشع بين الجملة و التجزئة، وهذه نتيجة حتمية لأنعدام الاخلاق لدى الكثير ممن أستبدلوا وجوههم بعلب الببسي الفارغة.
السفرة اليمنية اليوم باتت يتيمة، لدرجة ان المائدة في أغلب البيوت اليمنية لم تُزين بقيمة غذائية منذ بداية الحرب، وأذا حصل ان وجد اضافةً ما لبعض السلع عند قِلة من البيوت، فهي تخلو من أي رقابة في السلامة الغذائية وبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري وتداعياتها على سلامة الانسان وصحته العامة.
شكل غياب المؤسسات المدنية مثل جمعية حماية المستهلك فوضى أخلاقية غير مسبوقة، لا تقل عن الفوضى التي يسببها غياب الضمير عند التجار، وكلى الأمرين نتيجة لسلوك وثقافة منحطة يرى أنصارها انها اللحظة المناسبة لجلب الاموال.
الحديث لا يقف عند الرقابة على السلامة الغذائية لسلعة الموجودة بالسوق، بل أيضاً دخول أصناف متعددة و مجهولة المصدر إلى الأسواق . فمثلا علبة الماء الشملان، استنسخوا منه مياة شمسان وعيبان وريان، بنفس الهوية وشكل المنتج، وبنفس السعر، مع ان الجميع يعرف ان هذه الأصناف الجديدة لا تخضع لأي معاير ولا مقايس وبدون رقابة، ومع ذلك يقابل الأمر بالصمت من قبل المجتمع، بقبول شراء السلعة، وبالتالي فأننا نكون قد شاركنا في تصاعد ونمو شبكة الفساد بقصد او بدون قصد.
اضع بين ايديكم نموذج واحد بين آلاف الاصناف دخلت السوق وهي اما تالفة او مجهولة المصدر، و لنا ان نفهم ان التخلص من كل هذه الوجوه البلاستكية، و التخفيف من هذه الفوضى على الأقل يبدأ بفرض الرقابة المجتمعية ونزول حملات تفتيش من خلال اطقم متعلمة من شباب طوعين والعاملين في المجتمع المدني وطلاب من الجامعات لضبط العملية بما يهذب قواعد البيع والشراء بالطرق الصحيحة.