الحوثي والإخوان والشمال.. تبادل الهزائم
الجمعه 24 مايو 2019 - الساعة 09:13 صباحاً
سعيد عبدالله
مقالات للكاتب
لماذا فشل علي محسن والإخوان في الشمال وعجزوا عن إحداث أي اختراق للمجتمع الذي حكموه عشرات السنين وكانوا هم قياداته، قبلية ودينية وعسكرية وأمنية؟
الأسباب متعددة، لكن أهمها هو غياب المشروع المختلف والمضاد لمشروع الحوثيين..
مشروع الحوثي هو مشروع إيران، إذ يحكم المرشد على الحقيقة شكل الجمهورية والرئاسة المنتخبة للدولة.
جمهورية ورئيس وانتخابات ووزراء وجيش، لكن الحكم الحقيقي لرجال الدين من خلف هذا الستار الشكلي.
ولدى المرشد ورجال الدين قوات عسكرية هي الأهم والأقوى تتمثل بالحرس الثوري، كما أن سلطتهم كاملة على الهياكل الرسمية للقوات العسكرية المتمثلة في الجيش الإيراني..
هذا المشروع السياسي الديني هو نفسه مشروع جبهة علي محسن وتنظيم الإخوان وليس جديداً فهو شكل الحكم منذ عشرات السنين في الشمال.
كل الناس في الشمال تعرف هذه الحقيقة وتفهم سطوة وسيطرة علماء ودعاة الجماعة على معسكرات وقوات مسلحة وسيطرتهم على مفاصل مهمة في الدولة ونظامها التشريعي وزارات مهمة كالتربية والتعليم والأوقاف وقدرتهم الكبيرة على فرض ما يريدون تحليلاً وتحريماً..
لا جديد بين مضمون المشروعين، الحوثي والإخواني، فالمضمون السياسي الديني المسيطر على الدولة وأجهزتها والحياة العامة هو نفسه..
مع ملاحظة أن مشروع الحوثيين يمتلك قوة دينية سياسية أهم من مشروع الإخوان وهو العصبة الهاشمية وما تضفي عليها نصوص دينية قداسة دينية أهم من العصبة التنظيمية الحركية للإخوان والخطاب الديني السياسي للإخوان يقف مشلولاً أمام نصوص الدين السياسي الهاشمي..
وإما أن يتحول التنظيم من العصبة الحركية إلى الهاشمية السياسية، وينافس المشروع الحوثي القداسة السياسية، وهذا صعب حتى وإن كان للهاشميين مكانة مهمة في مضمون التنظيم.
وإما أن يتمسك بالعصبوية الحركية الدينية للجماعة، وبهذا يكون الاختيار للمجتمع الذي كان محكوماً بخطابه الديني هو الإسلام السياسي الهاشمي لأنه في الخطاب الديني أولى من العصبة الحركية للجماعة..
الفراغ في المشروع الدافع للمجتمع شمالاً للتحرك ضد مشروع الحوثي الأكثر قوة دينياً من أجل نفس المشروع في طرف الإخوان الأقل رتبة.. هو أساس الفشل الشعبي للإخوان شمالاً..
ثم يمكن إضافة أسباب أخرى مهمة، وهي في الأصل ليست عارضة وإنما مرتبطة بشكل ذاتي بالمشروع الديني السياسي للإخوان الذين كانوا هم السلطة التي سقطت وأصبحت ماضياً.
الفساد المالي والقبلي والاجتماعي والفشل في إقامة دولة مؤسسات وقانون حديث..
طيلة العقود الماضية ظلت قيادات ودعاة الجماعة وعلماؤها تعيش كطبقة حكم وسلطة منعمة بأموالها ونفوذها ومزاياها وتمتلك الشركات والمنازل الفخمة والمخصصات والكشوف..
ومن الأسباب المهمة ارتباط الجماعة بالقبيلة السياسية الفاسدة ذات النفوذ التي حولت الدولة ومواردها لغنيمة فيد
وبتشريع وتغطية علمائية إخوانية جعلت البلاد في ذيل قائمة الدول في كل اتجاه ومجال..
لا يمكن أن ينتصر مشروع مرشد قديم في سلوكه ورموزه، وأقل قداسة دينية على مشروع مرشد جديد أكثر قداسة وبوجوه جديدة وشكل جديد..
الشمال يحتاج مشروعاً وطنياً جديداً جذرياً ليندفع الناس نحوه أملاً في حياة جديدة ورموز جديدة، وهذا المشروع لن يكون جديداً إلا إذا أعلن الحرب على حكم المرشد هاشمياً كان أو حركياً..