ما لم يعرفه البعض عن العميد عدنان الحمادي
الاحد 19 يناير 2020 - الساعة 01:12 صباحاً
عبدالحليم صبر
مقالات للكاتب
في كل جمعة كان لقاؤنا خاصاً، لقاء بعيد عن البندقية والبارود والنياشين والرتب، يتحدث عن الرواية والقصة والكتاب والفلسفة والأغنية والناي والموسيقى. وفي آخر لقائي به قبل يوم من اغتياله أهداني كتاباً في القانون الدولي، وقبله أهداني "عود" عراقي ـ مع أني لا أعرف أعزف العود ـ إيماناً منه بإحدى المقولات الشهيره لأحد الفلسفة "يموت بطيئًا من لم يسمع الموسيقى". وعند آخر زيارتي معه إلى مصر، اشترى لي روايات وثمانية كتب في الاجتماع والسياسة.. هذا عدنان بالنسبة لنا، ولم يكن بندقية ورتبا ومالا كما فهمه البعض.
لديه مكتبة خاصة، فيها الكتب الثقافية، الأدبية، السياسية، الفلسفية، الدينية، القانونية، العسكرية، الحضارات، وأيضاً، أرشيف يضم كل الاتفاقات والمعاهدات اليمنية...
يتحدث معك ويتذكر طه حسين، وماري غوستاف، وباتريك جيرار (ملحة قرطاجة)، و"الفرنسية" كزافيه (بائعة الخبز) وغابريل ماركيز (مائة عام، والحب في زمن الكوليرا، وخبر اختطاف)، وتشنوا أشيبي (كثبان النمل في السافانا).
تناقشه، ويؤكد بما قاله البردوني، ويستدل بعباس محمود العقاد، ويشير لك بما قاله نجيب محفوظ ونوال السعداوي والفضول والبردوني ودرويش وأحمد شوقي وادونيس.. وفي حين تعثرنا في طريق ما، قال: اسأل الأستاذ منصور السروري الذي اعتبرناه، وما زلنا، استاذاً قديراً.
يبدأ عدنان بشغف الحديث معك عن محمد عبدالوالي الحاج في مجموعة قصصه المشهورة "ريحانة" و"شيء اسمه الحنبن" في قصة المواطن "فارع علي سعيد" الذي تم استدعاؤه من قبل مسؤولي "الدائرة" بطريقة مُهينة، وعندما رفض المواطن "فارع علي سعيد" الوصول إلى الدائرة بحجة أنه مظلوم وما فيش بينه وبين أي حد خلاف أو مشاكل.. يتذكر هذه القصص التي حاكت واقع المجتمع اليمني سابقاً، كلما زاد صلف سلطة الأمر الواقع في صنعاء وتعز حالياً.
في كل صباح، وقبل أي موعد مع الآخرين، كان عدنان يصحو مبكراً، "يشقي ويحجن" بالمحفر بين أشجار البن إلى أن يدفئه عرق المسؤولية، ثم يذهب في عمله الآخر.
عدنان الإنسان والمثقف عرفه القليل فقط، عرفه من كان يبحث عن القائد الإنسان والمشروع الوطني، أما من كان يبحث عن السلاح والمال ــ وهم كثيرون ــ اكتفوا بمدحه في تلك اللحظات، ولمجرد انتهى هذا اللقاء تلاشت اللحظات والمواقف بين أفخاذ المصالح.