يوم حزين جدا مر على أسرتنا بعد أن قرر الوالد التخلي عن عدد كبير من المجلات والدوريات، بعد عشرة عمر دامت لأكثر من 30 سنة.

المبكي في الأمر، ليس قرار التخلي عن جزء من مكتبتنا فقط، ولكن من المستوى الذي وصل إليه المجتمع في التعامل مع الكتاب والمجلة، ونظرة الناس للثقافة والمعرفة، باعتبارهما غير ذات اهمية، لأنها "لاتوكل عيش" كما يقول البعض، و"الناس ماعاد يقرأوش" بحسب رد مسؤول احدى المكتبات في جامعة صنعاء، اقترحنا عليه اهداء المجلات للمكتبة دون مقابل. وآخرين عرضنا عليهم الأمر نفسه، ولم نلق منهم اي استجابة.

ولان قرار التخلي كان خيارا اخيرا نتيجة لضيق الشقة وازدحامها بالكتب التي أخذت المساحة الأكبر.. وأصبحت تمثل هما كبيرا للنساء خصوصا.. لجاءنا لعرضها على أحد الباعة المفرشين في التحرير، وبعد مفاوضات معه قرر شرائها بسعر 30 ريال للكيلو الواحد!!!

كان هناك صاحب بسطة خضار قريب من المكان، يعرض بضاعته وبمكبر صوت "الكيلو الطماط، 600 ريال"!! 

يعني عشان تشتري كيلو طماط تحتاج الى بيع 20 كيلو من الكتب.

تركت المجلات لصاحب البسطة، دون ان انتظر معرفة وزن المجلات المسلمه له!! في الطريق الى البيت تسألت؛ ياترى كم كيلو طماط تساوي مكتبة والدي!!! بكيت ولا أزال حتى اللحظة ابكي حالنا وحال بلادنا.

فمن كان يتخيل أن نصل الى هذا المستوى من الإمتهان!!

  هذا هو واقع البلد اليوم، في ظل حكم المليشيات وسيطرتها وتحكمها.. واقع لم يكن لأحد يتخيل ان نصل إليه ونعيشه حقيقة، واقع أصبحت فيه المعرفة والثقافة تباع بالكيلو، وقيمة 40 كيلو من الكتب والمجلات العلمية والثقافية لا تساوي قيمة 2 كيلو طماط!! ومكتبتك بكل ما تحويه لا تساوي قيمة كيس قمح!!

لك الله ياوطن.