إيش بعد آي لاف يو..؟

السبت 02 سبتمبر 2023 - الساعة 08:20 مساءً

سنة 1988 سكنت في حارتنا بالجحملية ؛ عائلة إنجليزية راقية لأبوين ودودين وبنت وحيدة ؛ بنفس عمري.شقراء جميلة؛ ضحوكة ومرحة، رشيقة متوسطة الطول؛ قوامها مليح، وشعرها ناعم تربطه مثل ذيل الحصان ؛ إسمها " روبي".

 

تعيش مع والديها حياة مرفَّهة داخل بيت جميل مرتب على الطريقة الأوروبية.تخرج من بيتهم كل يوم الصبح بكامل أناقتها لابسة الزي المدرسي بنطلون رمادي مع شميز ابيض ناصع مثل وجهها المشرق ؛ حادفة الدفاتر والكتب على صدرها الهاضب ؛ وتوقف بانتظار باص " مدرسة محمد علي عثمان " في ركن الزقاق المؤدي من الحارة إلى الشارع ورائحة عطرها تضرب ملان الجو.

 

أمشي من جنبها كل يوم الصباح وقلبي ملكود بها ونفسي شتفلت عليها ؛ وأشتي أجلسها بأي طريقة لتكون حبيبتي ؛ واشتي اقولها انت حلوة أنت قمر ؛ وأي هدار من ذاك الذي يشتي يقوله أي مراهق لحبيبته اللي يشوفها كل يوم ؛ ولكن مقدرش اتكلم انجليزي وأحس في كل مرة بأني اعجم وبأن لساني مربوط إلى جذع لغة لا تفهمها روبي .

 

نتبادل النظرات والابتسامات ومشاعر الإستلطاف والإعجاب بصمت العجمان ولكن مافيش بيننا الأثنين أي لغة مشتركة .وهي إنجليزية من بيتهم ؛ وكلامها كله أنجليزي وتدرس في " محمد علي عثمان" منهج كله باللغة الإنجليزية .

 

وأنا طالب في صف أول إعدادي" سابع " ومادة اللغة الإنجليزية جديدة علينا وعادهم إلا بسم الله الرحمن بدأوا يعلمونا "إي بي سي دي" في حصتين بالأسبوع يدرسونا فيهن الحروف الصغيرة والحروف الكبيرة ؛ وكيف نرابط بينهن.

 

ولأن الحب يصنع المعجزات حفظت " إي بي سي دي " صم ؛ وشعرت بأني امتلكت وسيلة الكلام مع روبي باللغة الإنجليزية ونبعت اكرع لها الحروف من لساني  غيب ؛ من دون أي ترابط بينهن لإيجاد جملة مفيدة؛ ومكنتها كل يوم " إي بي سي دي " تماما كما لو أنني واقف أمامها في حصة تسميع . 

 

في أول الأمر شجعتني على الهدار معها بهاذيك الطريقة ؛وكانت تبتسم لي ؛ لكن شافتني زيدت بها ؛ وملت تماما من حصة التسميع المتكررة ؛ ومن أم A.B.C.D هذي اللي أدوشت رأسها بها، وضبحت مني في يوم وقالت لي بصوت ضجر : 

 

- أووووف.. أي بي سي دي.. أي بي سي دي.. أي بي سي دي.. واااات ؟.

 

حسيت ذيك الساع؛ من مخارج ألفاظها المتنرفزة ؛كأنها تقولي:

 "مله بس خلاص يكفي رِفَّاس.. أصْوَرتني أي بي سي دي كل يوم ؛ ماهو الذي بعده !".

 

شعرت بالإحراج منها يومذاك وانكمشت أمامها مثل دودة القز .

 

ونبعت اقلب صفحات كتاب مادة اللغة الإنجليزية حق صف اول إعدادي ؛ ادور فيه أي كلمتين حب يخارجين لساني المربوط ؛ ومالقيت غير "إي بي سي دي" من اول صفحة إلى آخر صفحة ؛ مع شوية دروس تعلمنا كيف نسابط بينها من شان تطلع لنا كلمة "سيارة ؛ باب ؛ قط ؛ كلب ؛ موزة ؛ تفاحة"

 

وقلت لنفسي وأنا أفكر بالكلام معها " مش معقول كلما أشوفها أجلس أقولها " كار ؛ دور ؛ كات ؛ بنانا ؛ آبل "واقتنعت تمامًا بأن منهج الصف الأول الإعدادي ما شيخارجني إلى طريق. 

 

ونَبَعت من بعد ذلك إلى صف ثاني إعدادي" ثامن" وحضرت كم حصة مع الطلبة في الفصل؛ ولقطت لي من كتاب اللغة الإنجليزية حقهم ؛ ومن بعض الأصحاب ؛ كلمات جديدة نبعت أجري بهن صلا روبي ؛ ومكنتها كل يوم " واتس يور نيم ؟ هاو أولد آر يو ؟ وآتس يور جوب ؟".

 

تجاوبت معي لأيام ثم ملت بسرعة من نفس الأسئلة اليومية المكررة ، وجالها سأم واضح من طريقة كلامها معي ؛ وهو شيء مضبِّح فعلًا لما كل يوم تشوف نفس جارتكم اللي تعرفها وتعرف اسمها أصلًا، وتعرف كم عمرها ومن أين هي، وأنت هذاك أنت؛ العاشق الأعجم؛ المرفِّس ابن المُرَفِّس؛ الذي أينما لقيتها تسألها :

-  أيش اسمك؟ وكم عمرك؟ ومن أين أنت؟

 

وحسيت لمرات وانا واقف أمامها بأن دمي ثقيل وبأن منهج صف ثاني إعدادي ما يكفيش لتلبية طموحي في إيجاد أرضية مناسبة للكلام معها، ونبعت من بعد ذلك إلى منهج صف ثالث إعدادي "تاسع". 

 

حضرت أسبوع مع الطلبة في الفصل وشفت أن دروس المنهج كلها قواعد وتربيطات فوق قدرتي على الاستيعاب. وشفت أن كل الصفحات حروف متحركة وحروف ساكنة، وكل الكلام في الحصص "هي.. شي.. ذات.. داز.. هير.. آي .. إن جي..! .

 

وشوية وإن قد في حروف معينة لو طرحتهن جنب حروف أخرى، يكون لهن نطق ثاني غير الذي أنت تعرفه!.

 

 ومافيش في الكتاب كله حق صف ثالث اعدادي حتى درس واحد يعلمني كلمتين على بعضهم في الحب ؛ وارتبشت للأمانة، وشفت أن الموضوع مطول، وان الدروس كلها كلمات متقاطعة ونبعت فوق كتاب اللغة الإنجليزية لطلبة الصف الأول الثانوي.

 

حضرت معاهم حصتين في الفصل وجيت وهم يدرسوا كيف يقدر الطالب يوصف لتائه في الطريق عنوان المكان الذي يشتي يروحه. وشفت الأستاذ داخل الفصل يعلم الطلبة جملًا طويلة مثل: "جو آلونج، ذيس ستريت، إن ذا تك، إن ذا لفت ؛ إن ذا كار، إن ذا دوج".

.

وما لقيت حتى درس واحد يعلمني كيف أمشي في الطريق إلى قلب روبي ؛ وشعرت بأن الموضوع مجرد مضيعة للوقت؛ ونبعت فوق كتاب مادة اللغة الإنجليزية لطلبة صف ثاني ثانوي.

 

حضرت حصتين في الفصل وجيت وإن الأستاذ يدرسهم الضمائر المتصلة والضمائر المنفصلة ؛ وما قدرت أستوعب أيش علاقة الضمائر برغبتي في الحصول على هدار يخليني أرْطِن مع روبي كلمتين على بعضهم إنجليزي؟! ومليت بسرعة من ضمائر المنهج، وقلت لنفسي يومها وأنا أغادر من داخل صف ثاني ثانوي:

 

- لو كان معاهم ضمير في إدارة المناهج المدرسية، كان شيعلمونا هذي الحاجات من صف ثاني ابتدائي، مش يوصلوا بنا وقد الواحد شنبه أخضر في وجهه، وهم بسم الله الرحمن عادهم بادئين يعلموه إي بي سي دي ومشتقاتها . 

 

وحسيت أن مافيش فائدة ابدا من المنهج حق صف ثاني ثانوي، وشعرت بأن مستقبلي في رغبة الهُدار مع روبي؛ أصبح في خطر وشيك، وأنه يتعين عليَّ أن أطور من مهارتي اللغوية لإيجاد مجال مريح في فتح المواضيع معها؛ قبل أن يضمر استلطافها المعتاد لي، وأخسر بذلك متعة اللحظات العاطفية التي أغتنمها منها في كل لقاء عابر يجمعني بها في ركن الشارع؛ ونبعت فوق منهج صف ثالث ثانوي.

 

حضرت كم حصة في الفصل وشفت الأستاذ واقف جنب السبورة يرْطِن مع الطلبة هُدار كله إنجليزي ، وما ينطق ولا حتى كلمة واحدة عربي، يعني زيه زي روبي بالضبط، والفرق بينهم الأثنين ؛  أن روبي عادها تبتسم لي وهي ترْطِن إنجليزي، على عكس الأستاذ؛ طول الحصة غضبان ومعطف حواجبه، وكأنه خصم للطلبة، وما يشتيك تسأله بالعربي خالص!.

 

شعرت حينذاك بالسأم وبالإحباط  من منهج مدرسي ما قدر يعلمني حتى كلمتين حب على بعضهن أسَخْسِخ بهن مشاعر حبيبة أجنبية من الواضح جدا أنها تشتي لها هدار من خارج المنهج. وقررت أن أفجر في حضرتها جملة حب انتحارية بالاعتماد على أشهر عبارة معروفة ومتداولة في العالم كله.

 

 ووقفت أمامها صباح يوم ذاك بينما كانت واقفة كعادتها بانتظار باص المدرسة؛ ومن أول نظرة إلى عيونها الساحرة قلت لها بمنتهى الجرأة:

- آي لاف يو روبي.

وتوقعت أن يكون ردها:

- آي لاف يو فكري.

تمامًا كما هو حال رد حبيبة البطل في كل الأفلام الهندية. ولكن روبي سكتت شوية، وشافت إلى عيوني بنظرات مربكة ربشتني للأمانة وحسيت منها بأني لا أحظى بالقبول الذي أتوقعه، وشعرت بالسخف الشديد وأنا واقف أمامها مثل الأهبل ؛ وقلت في نفسي ندمان:

- من قال لأمي أقولها آي لاف يو؟

 

قبل أن تتبسم لي بشفتين ذابلتين، وتدحرج من لسانها عبارة غير مألوفة بالنسبة لي، وقالت بصوت ناعم مغناج:

 

- مييي توووو.

 

قالتها لي وهي تمُطّ الكلمتين الغريبتين الخارجتين من فمها، وطلعت تجري فوق الباص، وتركتني واقف في ركن الشارع وأنا مرتبك ومربوش، ومش عارف أيش هي "مييي توووو" هذه، ولا أنا داري أيش قصدها من مَطّ العبارة في جملة عمر أمي ما قد سمعتها من قبل في أي فيلم . ولا افتهم لي حتى أيش هو رد فعلها من اعترافي أمامها بالحب.. ولا دريت هل هي موافقة أكون حبيبها وتكون حبيبتي؛ أو مش هي موافقة؛ ولا ظهر لي أيش هي طبيعة مشاعرها تجاهي بالضبط!.

 

وسهرت طول الليل أقلب عبارة "مييي توووو" في رأسي وأنا مُطَنِّن ومحتار أسأل نفسي:

 

- ذلحين هي تحبني أو لا؟.

 

وأعيد تكرار نفس العبارة ؛ بنفس طريقتها في النطق وفي المَطَّة؛ أدور لها في خيالي عن معنى مفهوم وفق قياسي الشخصي، وكل شوية أردد في خلدي:

- ميييي تووو.. يعني؛ سيييير العب بعيد!

- ميييي توووو.. يعني؛ عييييب استحي!

- مييي توووو.. يعني؛ طيييير من قدامي!

 

في صباح اليوم الثاني تحينت الفرصة المناسبة أثناء وقوفها بانتظار باص المدرسة؛ ونبعت أقولها من جديد:

- آي لاف يو روبي.

ابتسمت لي نفس الابتسامة الساحرة، وردت عليَّ باقتضاب وهي ماشية باتجاه باص المدرسة :

- مي تو.

 

قالتها قَطْبَة؛ من دون مَطَّة في هذه المرة، وركبت فوق الباص، وتركتني في حيرة أخرى؛ واقف بمكاني؛ أضرب أخماس في أسداس، أشتي أعرف أيش سر القَطْبَة في الرد؟ 

 

واشتي أعرف أيش هي مي تو هذه؟ وليش ماعدفيش مَطَّة في الموضوع؟.

 

وسهرت الليل يومذاك وانا محتار أقلب المعنى الغامض في رأسي، وأدوِّر في خيالي أيش معناها عن طريق القياس لوقع الكلمة وهي طالعة من لسانها بلا مطة، وكل شوية أقول لنفسي:

- مي تو.. يعني.. بطل هبالة!

- مي تو.. يعني.. بلا رِفّاس!

- مي تو.. يعني.. هجعنا ياخي!

- مي تو.. يعني.. شا أكلم أبي!

 

في اليوم الثالث وقفت بانتظارها بنفس المكان اليومي المعتاد وأنا عازم على معرفة معنى "مي تو" هذه اللي ربشتني، ومصمم برأسي الف سيف أشتي أفهم أيش الفرق بين "ميييي تووو" الممطوطة، و"مي تو" المقطوبة. ومجرد ما أن شفتها نبعت أقولها للمرة الثالثة:

- آي لاف يو روبي.

لكن روبي سمعتني في هذه المرة، ولم تبتسم لي كما العادة، ولا قالت لي "مي تو" لا بمطة ولا من غير مطة!

 ولا شافت لعيوني حتى بنظرة واحدة؛ وكأنها لا تعرفني من قبل ؛ وطلعت فوق الباص من دون أن تجاوبني؛ ومن دون حتى أن تلتفت إلى وجهي! 

وارتبك حالي لحظتها من فتور اللقاء الأخير، وحسيت بأني عاشق غير مرغوب فيه .  وسرت أمشي في طريقي إلى المدرسة يومذاك وأنا ضايق من هذا الحب اللي مقيد لساني ومخلِّيها طول الوقت مجرد لحمية مربوطة في فم عاشق مراهق مش عارف ايش هو الكلام الذي يجي بعد" آي لاف يو" .

وحلفت يمين الله يومذاك أن ماعد أزيد أمشي من جنبها ولا أوَرِّيها وجهي خالص إلا بعد أن أعرف تمامًا أيش معنى "مي تو" هذي الذي اربكتني بلفظتيها الممطوطة والمقطوبة.

 

سألت واحد صاحبي يدرس في صف ثاني ثانوي، وهذا قدو أذكى طالب يتكلم إنجليزي في المدرسة؛ ويعتبر من المرجعيات اللغوية بين الطلبة؛ وقلت له وأنا في حيرة كبيرة:

- أيش معنات مي تو يا فلان؟

طَنَّن شوية وهو يدوِّر معناها في رأسه، وصعَّب عليَّ الأمر، وعقَّده فوق ما قده معقد أصلًا، وقال لي:

- ما لك يا أهبل؟ هذي من الكلمات الذي ما أحد يقدر يترجمها أو يعرف معناتها إلا وقدوه في الجامعة!

أحبطني رده لحظتها، وطَعْفَر لي بمعنوياتي كلها ملان ساحة المدرسة، وحسيت أني واقع في حَنْبة حب يشتي له هُدار إنجليزي من حق الجامعة؛ ولم أيأس من البحث عن معنى "مي تو".

 

وقفت باليوم الثاني في طابور الصباح بساحة المدرسة، وعيني مركزة تمامًا على أشهر أستاذ للغة الإنجليزية بين جميع المدرسين؛ وكنت  أشوفه من وسط الطابور وأنا أتحين الفرصة المناسبة ؛ وشاسير أسأله أيش معنى "مي تو" يا أستاذ؟

 وما دريت إلا وهو ؛ يطلع إلى منصة تحية العلم، ومعه طالب واقف جنبه؛ شكله خازي من نفسه؛ بينما كان الأستاذ غضبان منه وعامل له زفة إهانة معتبرة عبر مايكروفون الإذاعة المدرسية؛ وأخذ يشَرْشِح به أمام الطلبة في الطابور؛ ويقول إنه أمسك به يوم أمس وهو متلبس برسالة غرامية لقيها في جيب شنطته!

ساخت نفسي ذيك الساع من الفجيعة، وارتعبت من أي مصير مماثل قد يحدث لي لو سألت نفس الأستاذ أيش معنى "مي تو"، وخفت لو تطلع من كلام الحب المحرم لا سمح الله! أو لو يطلع معناها مش مليح مثلًا؛ وأتحمل لي غراب ميت من أستاذ شيدخلني في سين وجيم؟ وكيف وليش؟ ومن هذه البنت الذي قالت لك "مي تو"؟ ومن أين تعرفها؟ وما تشتي منها؟ وألقى نفسي في اليوم الثاني ضيف الشرشحة أمام الطلبة في طابور المدرسة على ذمة حب مش موجود في المنهج من أصله!

وألغيت الفكرة من رأسي تمامًا؛ ومرت أسابيع من بعد ذلك، وأنا مستمر في العزوف عن المرور من أمام روبي؛ عشان ما أشوفها وجهًا لوجه، وتتبلطح مشاعري، ويجرفني إليها الحنين، وتتكرر معي مشاعر الخيبة التي ضربت قلبي من فتور آخر لقاء.

 

وخلال فترة غيابي عنها؛ لم يكن هناك ما يشعرني بالغيرة وبالخوف على مستقبل غرامي المكنون بروبي، أكثر من لما أشوف أي واحد في نفس سني؛ وأسمعه يتكلم ويرطن إنجليزي.. أغبطه وأتسعَّده من كل قلبي؛ وأحس بأنه رائد فضاء وصل إلى سطح القمر، وبأنه سيخطف قلب روبي مني بكلمتين إنجليزي شيقولهن لها على الطاير، وشيقرح غرامي بها جو.

قبل أن أهتدي عبر أحد الأصحاب، إلى كتاب "كيف تتعلم اللغة الإنجليزية في خمسة أيام"، لأشعر من بعد ذلك بالاطمئنان كأي عاشق أعجم عثر على كنزه المفقود في كتاب سيكون هو وسيلته المثالية للهدار مع محبوبة إنجليزية طال غيابه عنها لأكثر من شهر  ؛ وقلت اكلم نفسي: 

- كلها خمسة أيام فقط واعرف ايش هي مي تو وايش هو الهدار الذي يجي بعد آي لاف يو ؛ وارطن معاها هدار كله أنجليزي دون أي خوف من اي ملل محتمل قد يضرب روح روبي.

 لكن الذي حدث في اليوم التالي مباشرة؛ كان أمر خارج كل حساباتي العاطفية، وخارج خطة الهدار الذي عادنا شتعلمه من أجلها ؛ وما هو؟ وكيف؟ وأيش الذي حصل؟

 

هكذا مفاجأة؛ ومن دون أي إشعار مسبق؛ صحيت من نومي في صباح ذلك اليوم؛ وخرجت من البيت مسرعًا والكتاب في يدي؛ ووقفت أنتظرها بنفس المكان المعتاد في ركن الشارع؛ وأنا متلهف لرؤيتها وقلبي مشتاق لها بشدة؛ ولم أجدها، ولم يمر لها باص المدرسة!

استغربت وقلقت عليها

وسرت أمشي من زقاق الحارة إلى عند باب بيتهم؛ أشتي أطمَّن وأشوف ما لها ما خرجت اليوم إلى المدرسة! ووجدت باب البيت مقفل من الخارج؛ ومغلاقه مطروق بقُفل أسود كبير ؛ سد لي نفسي من صباح الصبح. 

وعرفت يومها من كلام الجيران أن العائلة الإنجليزية الراقية غادرت من الحارة قبل طلوع الشمس؛ وأن روبي سافرت معهم من غير وداع إلى بلادها التي لا تغيب عنها الشمس. وضاقت بي الدنيا في هاذيك اللحظات الصعبة، وأظلمت الحارة في عيوني؛ ورجمت بكتاب كيف تتعلم الإنجليزية في خمسة أيام، من يدي، إلى حوش بيتهم الفاضي؛ وأنا كاره نفسي تمامًا؛ وكاره أم المنهج المدرسي الذي لم يسعفني بأساسيات الهُدار معها من بدري.

 

وفي غياب روبي المفاجئ والحزين؛ فقدت الرغبة تمامًا في تعلم اللغة الإنجليزية. ولم أعد أهتم على الإطلاق بمعرفة أيش هي "مي تو"، ولا أيش هو الكلام الذي يفترض يجي بعد "آي لاف يو".

وسارت أيام.. 

وجت أيام أخرى من بعد ذلك

وعرفت بمرور الوقت أن "مي تو" تعني "وأنا أحبك أيضًا"، ولكن ما الفائدة! وبعد أيش؟ بعدما سارت روبي ! 

..............

من كتاب الحنبات

111111111111111111111

سلطان

2023-September-04

قصة حلوه ورائعه وشيقه ونتيجة الجهل الانسان بخسر احب مالديه ثانيا مستوى التعليم في اليمن صفر ويفترض تعليم اللغة الانجليزيه منذ المرحلة الاولى هي والعربي بنفس الوقت

سلطان

2023-September-04

قصة حلوه ورائعه وشيقه ونتيجة الجهل الانسان بخسر احب مالديه ثانيا مستوى التعليم في اليمن صفر ويفترض تعليم اللغة الانجليزيه منذ المرحلة الاولى هي والعربي بنفس الوقت


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس