بمشهد متطابق ؛ شهدت العاصمة عدن ومدينة المكلا خلال الساعات الماضية احتجاجات شعبية على انهيار خدمة الكهرباء ؛ في ظل عجز تام من قبل مجلس القيادة الرئاسي وحكومته عن تقديم أي حلول لمعالجة الازمات المتصاعدة التي تشهدها المناطق المحررة.

وعكست ازمة الكهرباء التي تشهدها عدن والمناطق المحررة ، حجم هذا العجز ، في تأمين الوقود لمحطات التوليد ، حيث ترسو منذ أيام سفينة تابعة لأحد التجار في ميناء الزيت بعدن ، جراء رفض مالكها تفريغها قبل قيام الحكومة بتحويل قيمة الشحنة الديزل كاملة.

بل وصل العجز "الرئاسي" حد عدم القدرة على تأمين وقود نفط خام من حقول الإنتاج في شبوة او حضرموت لتشغيل اكبر محطات توليد الكهرباء بعدن "بترومسيلة" ، وما تم الكشف عنه مؤخراً من رفض محافظ حضرموت منح الحكومة كميات من النفط للمحطة من الـ 3 ملايين برميل مخزنة في منشآت الضبة، الا بعد اقتسام شحنة المازوت التي استوردتها الى عدن ، وهو ما تم بالأخير برضوخ الحكومة لمطالب المحافظ.

في حين ان الوضع يبدو كارثياً في محافظتي لحج وابين المجاورتين للعاصمة عدن ، بتوقف خدمة الكهرباء بشكل نهائي منذ أيام جراء عدم تزويد محطات التوليد العاملة بوقود الديزل بأي كميات وقود.

وبالتوازي مع ازمة الكهرباء ، تتصاعد بشكل صامت ازمة أخرى تتمثل في انهيار العملة المحلية امام العملات الصعبة ، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي مساء اليوم الأحد في العاصمة عدن حاجز الـ 1700 ريال ، وسط مخاوف من تزايد انهيارها خلال الأيام القادمة.

مشهد يُنذر بكارثة لا يحمد عقباها ، وباعتراف من داخل مجلس القيادة الرئاسي، ممثلاً بعضو المجلس اللواء / فرج البحسني في تصريح مصور له نشر "إرم نيوز" الأسبوع الماضي ، حذر فيه من إن "استمرار هذا الوضع الاقتصادي ستكون هناك كارثة، مالم يكن هناك تحرك سريع في أقل من ستة أشهر".

اعتراف غير مسبوق يصدر من داخل السلطة العليا للبلاد من كارثية استمرار الوضع في المناطق المحررة ، الا ان المثير للاستغراب والدهشة هو غياب أي تحرك من قبل هذه السلطة لتلافي هذا الوضع ، كما يظهر في تفاصيل الخبر الرسمي للاجتماع الذي عقده مجلس القيادة الرئاسي اليوم الأحد بالعاصمة عدن، بحضور كافة اعضاءه.

حيث اكتفى الخبر بتكرار ذات العبارات الانشائية، والحديث عن "ترشيد الانفاق .. تنمية الموارد .. الحد من عجز الموازنة العامة، واستمرار وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية، والمضي قدما في الاصلاحات الشاملة" ، دون أي ذكر لخطوة عملية واحدة يتم من خلالها حل أي من الأزمات والملفات.

ولعل اللافت في الخبر كان الحديث عن عرض رئيس الوزراء احمد عوض بن مبارك خلال الاجتماع "اطارا عاما لبرنامج عمل الحكومة والدعم الرئاسي المطلوب على مختلف المسارات".

تكشف هذه العبارة ، واحدة من مكامن الخلل في أداء مجلس القيادة الرئاسي وحكومته وانه أداء يأتي على خطى إدارة الرئاسي السابق عبدربه منصور هادي ومنظومة الاخوان ، التي صنعت مشهد الكارثة التي تعاني منها المناطق المحررة اليوم.

فالحديث عن تقديم بن مبارك بعد 3 أشهر من قرار تعيينه رئيساً للوزراء عن " اطارا عاما لبرنامج عمل الحكومة" وليس عن برنامج مكتمل كان يجب تقديمه في الشهر الأول كما هو المعتاد والواجب في الوضع الطبيعي عند تشكيل أي حكومة او مع دخول عام ميلادي جديد ، فضلا عن حالة حرب ووضع كارثي كما هو الحال اليوم.

وذات الامر ينطبق على الموازنة التي يتوجب على الحكومة في أي دولة بالعالم تقديمها كل عام بالوضع الطبيعي ، باعتبارها مع البرنامج العام اهم أداء لقياس نجاح او فشل الحكومة ، وهو مالم تقم به حكومات الشرعية منذ 2015م ، باستثناء عام 2022م حين قدمت حكومة معين عبدالملك السابقة موازنتها للبرلمان بمناسبة انعقاده في عدن عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.

حيث اقرت الحكومة في اجتماع لها أواخر ابريل الماضي "مشروع خطة الإنفاق للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024م" ، وهو السلوك الذي دأبت عليه حكومات الشرعية خلال السنوات الماضية بالعمل وفق خطة انفاق بدل إقرار موازنة عامة يمكن من خلال قياس أداء الحكومة ومستوى نجاحها وفشلها.

نماذج تكشف طريقة وسلوك مجلس القيادة وحكومته في إدارة الوضع بالمناطق المحررة على نهج إدارة هادي السابقة ، بعشوائية وتخبط دون أي برامج او خطط واضحة يتم من خلالها تحليل الأزمات والتحديات ووضع الحلول الممكنة للتعامل معها على مستوى زمني قصير ومتوسط وطويل الأمد.

ما يعكس حقيقة راسخة باستمرار هذه الازمات والتحديات وبقاء سكان المناطق المحررة تحت رحمتها باستمرار هذا الأداء والعبث والعجز من مجلس القيادة الرئاسي وحكومته ، وان الوضع سيظل مرشحاً لأي سيناريوهات بما فيها انفجاره شعبياً وعدم القدرة بالسيطرة عليه.