الثلاثون من نوفمبر يشعل التاريخ ..
الاربعاء 30 نوفمبر 2022 - الساعة 01:09 صباحاً
أمين محمد شرف الخرساني
مقالات للكاتب
يمثل الثلاثون من نوفمبر 1967م علامة فارقة من علامات الإنتصار للأمة العربية حين تتوحد إرادتها على العدوان الذي تعرضت له في الخامس من يونيو حزيران 1967م بواسطة إسرائيل .
ففي الوقت الذي كانت فيه الدول الغربية تحتفل بهزيمة جمال عبد الناصر في الخامس من يونيو حزيران 1967م , كان ثوار الجبهة القومية يحاصرون المدن ويسقطونها تحت ضربات إستراتيجية حرب التحرير الشعبية وهو ما أجبر بريطانيا العظمى التي لاتغيب عنها الشمس على حمل عصاها والرحيل من جنوب الوطن في الثلاثين من نوفمبر 1967م وهو ما اعتبره المراقبون ردا على هزيمة 5 يونيو حزيران 1967م التي لحقت بالعرب من جراء الغزو الإسرائيلي لأراضي ثلاث دول عربية هي مصر وسوريا والأردن بتشجيع ودعم من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا .
وتأتي الذكرى ال55 لاستقلال جنوب الوطن هذا العام متزامنة مع الهجمة الإستعمارية الجديدة التي أغرقت الوطن العربي بالحروب الأهلية بهدف إعادة تقاسم المنطقة العربية من جديد على غرار اتفاقية سايكس بيكو , إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن , فقد فضحت الحرب في أوكرانيا الغرب الإستعماري ومخططاته الجديدة في إعادة تقاسم المنطقة العربية من جديد على غرار اتفاقية سايكس بيكو السيئة الصيت التي فضحتها ثورة البلاشفة عام 1917 في روسيا القيصرية .
وهكذا يدور الزمن ليكشف لنا الوجه الإستعماري القبيح للدول الغربية التي هزمت في الحروب الصليبية في أبواب القدس على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي , فالعداء التاريخي من جانب الغرب الإستعماري للمنطقة العربية الإسلامية ليس جديدا , فهو متأصل في عمق التاريخ ولكن الأنظمة العربية تصاب أحيانا بفقدان الذاكرة محاباة للغرب وتنقاد لمخططاته الإجرامية ضد شعوبنا في ظل غسيل الثقافة الغربية وتخديرها لعقول الحكام العرب وشراء البعض منهم.
ولذلك فإننا بحاجة إلى العودة إلى تاريخ المقاومة العربية في التاريخ الحديث التي أرساها القوميون العرب والزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر والتي تمثل إمتدادا للعصور المشرقة للحضارة العربية الإسلامية , حيث كان للناصر صلاح الدين الأيوبي دورا كبيرا في وضع أبجدياتها عندما غزت أوروبا الصليبية الشرق العربي الإسلامي , بما في ذلك قيم ثقافة التسامح العظيمة التي أشاعها صلاح الدين بين المذاهب والأديان في الشرق العربي الإسلامي وعلى رأسها شعاره العظيم " الدين لله والوطن للجميع " والإبتعاد عن الصراعات المذهبية والدينية والجهوية والمناطقية، فهي ثقافة إستعمارية تنطلق من سياسة " فرق تسد " وهدفها إعادة العرب إلى عصور الإنحطاط وإلى حضن الإستعمار لإبقاءنا عبيدا له , فالإستعمار والعبودية وجهان لعملة واحدة .
وكذلك الأنظمة الفاسدة و المستبدة , فهي لا تختلف عن الأنظمة الإستعمارية ' بل هي إستعمار داخلي أو وطني كما قال البردوني في قصيدة الغزو من الداخل " فمن مستعمر باد إلى مستعمر وطني " .
وفي كل الأحوال , فإن مثل هذه المناسبات الوطنية العظيمة كمناسبة الخامسة والخمسين لإستقلال جنوب الوطن تعطينا العبرة وتزودنا بالفكرة لإعادة قراءة التاريخ قراءة صحيحة ولمعرفة أين نضع رؤوسنا وأقدامنا .