حديث في السياسة .. وجهة نظر !! ( 2 / 2 )

الخميس 09 يونيو 2022 - الساعة 01:29 صباحاً

إن العقلية الشمولية بطبعها ترفض الآخر وتقصيه وتقمعه، وكذلك السلطة الشمولية تمارس الاستبدادية والقمع والاقصائية، و تؤسس بمشروعها ذاك لحقبة استبدادية قادمة ، و كل المؤشرات تقول بذلك، وما علمت أن الناس لم تعد على دين ملوكها فكيف بمن هم دونها !!!

 

وأن المجتمعات والشعوب لا يمكن أن توضع في صندوق ثلج .. كما يقول ( اكليمان ) .

 

لأن وضع البيت الشرعي متصَدِّعٌ وضعيفٌ، وبُحَتْ أصواتُ قوى الوطنيةِ للتنبيه من مآلاتِ هذا التراخي وذاك الضعف الذي يجعلنا في البيت الشرعي الحلقة الأضعف، وتُظْهِرُنَا أمام المجتمع الدولي في تراجعٍ وانحسارٍ وتآكلٍ  يُرثى له أمام عصاباتٍ انقلبت على الشرعية واختطفت دولتها .

 

تَظْهَرُ الشرعية وقواها الداعمة لها في مشاهد متعددةٍ  بأنهم جميعاً وبدون استثناء لم يستوعبوا قواعد اللعبة على مدى سنوات ثمان هي عمر الانقلاب والحرب معاً ، ولهذا شهدنا المراوحات والتراخي والضعف ، ولم نُحدِث حسماً ، ولم نُظْهِر حزماً ، وازدادت أوضاع الشرعية سوءاً ، بينما قوى الانقلاب الحوثية تزداد قوةً، وتتمدد في الجغرافيا فارضةً أمرها الواقع ؛  ولندخل معها في مفاوضاتٍ ومشاوراتٍ، فتراوغُ وتماطلُ وتستنزفُ الوقت، والشرعية تقدمُ التنازلات تلو التنازلات، وقوى الانقلاب تستغل ضعف الشرعية وتراخيها وصراع قواها البينية لتعقيد المشهد .

 

ولأننا في الشرعية لم نفقه قواعد اللعبة وكيف يمكن أن تدار معارك استعادة الدولة ، وإعادة بناءها، لذلك تخسر الشرعية وتكسب قوى الانقلاب الحوثية ، نكابر ونغالي كشرعية، ونتأخر اشواطاً ، وننسحبُ خطواتٍ إلى الخلف على حساب الشرعية والمشروعية، وعلى حساب القضية الوطنية والدولة المخطوفة، وعلى حساب مواطن هذا البلد ومعاناته الذي تتهدده أشباح الموت والمجاعة والفوضويات القاتلة .

 

 وبمرورالأيَّام يتعقد وضع الشرعية أكثر وأكثر، ويزيدها التصدُّع البيني في الداخل الشرعي أكثر عقداً وتعقيداً ، لتجد  المشاريع الضيقة والأجندات الخاصة بيئةً خصبةً للنمو والأزهار .

 

هذه هي الحقيقة المرة  الذي تحاول الشرعية تجاوزها بتواطؤها وتماهيها مع هذا الطرف أو ذاك .

 

ضعف الشرعية هو من فرض خيارات الضرورة المنقذة على هذا النحو الذي تمخض عن ولادة مجلس القيادة الرئاسي الذي مهما كانت قناعتنا به أو تحفظاتنا عليه أو مخاوف البعض منه ؛ فإنه كان خياراً محلياً لابد منه وفق الواقع الذي فرضته وهيئت له الشرعية الدستورية ذاتها بحكم الجغرافيا المتشظية والقوى المتشكلة على أراضيها وتراخي مستويات أداءها وانقلابها على التوافقية التشاركية .

 

كان هذا التشكيل  خياراً أنتجته الظروف الذي قادت إليه شرعية هادي المتآكلة وأدواته المهترئة في مناطق الشرعية ، والتي إليها يعزى كل ما وصل إليه أسفاً واقع جغرافيا الشرعية التي غابت في جميعها نماذج الجذب في شكل الدولة وتفعيل المؤسسات، وراحت تنتج  عوضاً عن ذلك نماذج هويَّاتية طاردة صغيرة وضيقة لكل قيمة ، ومجرفة لكل مثال .

 

وعلينا مع كل ذلك أن نتفاءل ، وعلينا أن نوحِدَّ الصَّف، ونرتقي لمستوى المسؤوليات الوطنية والتاريخية، ونصحح أخطاء وخطايا الماضي، ولانعيد إنتاجه مرة أخرى قيماً وسلوكاً وفوضويات ومشاريع صغيرة، وعلى مجلس القيادة ورئيسها ألآ يكرر سياسة هادي فقد كانت كارثية بكل المقاييس ، وألَّا يختزل التوافقية في جماعةٍ أو أشخاصٍ او مجموعةِ محاسيبٍ، فليس بعد خياراتِ الضرورةِ إلآ أن يكونوا في مستوى التحدي ، وفي مستوى ثقة الناس وتفائلهم وآمالهم ؛ وإلآ فإنهم سيحكمون على أنفسهم حكم هادي على نفسه خياراً وقراراً ونهاياتٍ غير مشرفةٍ .

 

نحن معكم وعلينا التفاؤل ولن نُفْرِطَ فيه أو نُفَرِّطَ به، وعليكم أن تبرهنوا بأنكم رجالُ دولةٍ  و أصحابُ المرحلةِ وخيارات الضرورة .

 

طريقكم صعبٌ ووعرٌ وشائكٌ، والتحدياتُ جِدُ جسيمةٌ، وعليكم عُقِدَ الرهان، وعليكم تُعَوَّلُ الآمالُ، وليس أمامكم إلآ أن تنتصروا لخيارات الوطنية والدولة ، ويفترض والتحديات كذلك الَّا يكون للفشل مكاناً بينكم ، ويكون النجاح ولا شيء سواه ماترجونه وتعملون له. 

 

البعض يصرُّ على عدم تجاوز حالات الصراع ، ويصرُّ على توتير الأجواء و تغذية الصراع والوصول بها إلى مرحلة الانفجار ، ويتعمدُ إفشال كل اتفاقٍ تم ، وما أكثرها على المستوى الوطني العام ، وحتَّى على المستويات المحلية في مناطق الشرعية ونفوذها؛ لأنها تدرك أن مشاريعها الصغيرة أول من سيتضرر من أي وفاقٍ او اتفاقٍ نحو تصويب مسارات الشرعية  وتصحيحها ، وتفعيل مؤسسات الدولة، وخلق النماذج الجاذبة والواجبة .

 

كما أنها لا تجيد غير الفوضي وتصدير العبثيات القاتلة، تتاجر بكل  شيءٍ وبكل مسمى وبدون تحفظاتٍ بالوطنية أو بالدين أو بالجرحى أو بالتضحيات أو بالسيادة، وتزايد بكل شيء، وتمارس التقية وتضرب في العمق وتحت الحزام .

 

فهل تنحو قيادة المجلس الرئاسي في سياستها منحى الرئيس السابق / هادي ، وتكرر أخطاءه، والتي لن تكون سوى خطايا، ولتوصم بقيادات الفشل الممتدة جينياً إما بانحيازاتها لأطراف او بغباءها المركب، وستلاحقهم  لعنات الناس والتاريخ، أو يكونوا للوطن مخلصين فينتصروا لشعبهم ، ولخيارات المستقبل والدولة الوطنية واليمن الكبير. 

 

لا نوايا حسنة في السياسة، وعلى كل الأحزاب والتنظيمات السياسية على مختلف ايديولوجيتها أن تُكَفِرَ عن ماضيها ، وتصحح أخطاءها، وتلتحم بالناس وتستشرف المستقبل .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس