قراءة في تقرير لجنة الخبراء 2022 ..

الخميس 03 فبراير 2022 - الساعة 10:22 مساءً

أولاً: ملاحظات عامة

_ التقرير انطباعي تجميعي يفتقر لأبسط آليات البحث والرصد والتدقيق كما هو سابق تقارير اللجنة في كل عام.

 

 وكان متوقعاً هذه المرة أن الأمر سيكون مختلفاً، بما أن هذا التقرير هو الأخير للجنة، وتقرير الوداع، كون اللجنة تم إنهاء عملها في اليمن بالتصويت منذ ثلاثة أشهر بسبب ما شاب عملها من لغط وشبهات فساد وتضليل في المعلومات.. كما اعترفت بعض تقاريرها المتأخرة بذلك.

 

 لذا كان متوقعاً أن يكون التقرير هذا نوعياً أو متميزاً ويأتي بلغة توصيات تجرم المليشيات وتوصي بتصنيفها إرهابية وتوصف الدور الحقيقي لإيران كونها منشئة لهذه الحرب ومستفيدة، منها.

 

 لكن ذلك لم يحدث وأخذ التقرير بطابع العموميات ونقد كل الأطراف بطريقة تساوي بين دول وشرعية وجماعة مارقة.

 

_ التقرير لم يأت بجديد أكثر مما هو معروف ومنشور في وسائل الإعلام ذات التوجهات المختلفة وحاول أن يستفيد منها جميعاً وينشر كل الأفكار المتشاكسة حتى الكيدية منها.

 

_ التقرير ساوى تماماً بين الشرعية بكافة مكوناتها ومليشيات الحوثي ونقل توصيف الصراع إلى نزاع داخلي لا غير.

 

_ التقرير فيه أحاجٍ وألغاز أو معلومات لقضايا غير مكتملة كتهريب السلاح الإيراني جعلها مسألة شك مثلها مثل دول أخرى يتم شراء سلاحها من قبل الحوثي عبر شبكات دولية معقدة.. وغير ذلك الكثير من الأحاجي الكثيرة، وقضايا قال إنها لا تزال محل متابعة وتأكد.

 

ثانياً: هل هناك جديد في التقرير 

 

باستثناء الإشارة إلى ميناء جاسك الإيراني في عملية تهريب السلاح ومقتل ألفي طفل جندهم الحوثي رغم أن الأرقام أكبر من ذلك، والإشارة إلى سلطنة عمان كممر تهريب ووجود شبكات دولية لهذا الغرض في أوروبا وآسيا، وكذلك قضية تزوير العملة في الخارج فئة 5000 ريال لصالح الحوثي تساعدها في تغطية السيولة وبعض المحاكمات أو التحقيقات في ألمانيا وأوروبا مع بعض الأفراد والأشخاص بخصوص كل ذلك، فإن التقرير لم يأت بجديد مهم ذي بال، وحجم الجهد فيه لا يوازي حجم الإمكانات والإنفاق عليه إطلاقاً.

 

وواضح أن هناك استرخاء كاملاً من قبل الفريق ومساعديه في الإعداد والاعتماد على ما ينشر صحفيا والاكتفاء به وبعض زيارات وجولات في الدول لوضع صبغة الجهد والتحرك ليس إلا.

 

ثالثاً: التوصيات تخلط الأوراق 

 

النقطة المركزية في أي تقرير هي توصياته. وبالنظر إلى توصيات التقرير، فإنها تصب جاماً من الغضب على الشرعية والتحالف والانتقالي بصورة تبرر للمليشيات أنهم أحد الأطراف المتنازعة وليسوا أس المشكلة اليمنية.

 

يبدو توصيف المشكلة اليمنية بهذا الشكل من هيئة أممية بهذا الحجم مجحفاً، حيث يخلط الأوراق ويضع مقدمات لحل قادم على أساس الأمر الواقع مهما كان مجحفاً للشعب اليمني الذي يقف في اصطفاف مقابل مليشيات صادرت حقه في الحياة والاستقرار وقوضت الدولة.

 

 وعبارة "قوضت" هذه استخدمتها اللجنة في تقرير سابق لها -وليس هذا التقرير- ضد التحالف الذي اتهمته أنه "قوض" الشرعية وأعطبها.

 

 هذه المرة وفي هذا التقرير تراجع أمر التقويض إلى توصيف آخر وهو عدم فهم الدور الإماراتي في اليمن.

 

 وقال التقرير نصاً: "إن الدور الإماراتي في اليمن يصعب فهمه" وهو لغز جديد وأحجية تضاف إلى كل ما ذكرناه من ألغاز سابقة.

 

لم يوص التقرير بأي عقوبات على إيران أو الحوثيين كأقل تقدير رغم سرده للدور الإيراني والعبث والفساد الحوثي وحجم الكارثة الإنسانية التي أرجع أسبابها لكل الأطراف.

 

واكتفى التقرير في بعض التوصيات التي تشمل الجانب الإنساني والاقتصادي بعضها موجه للحوثيين وبعضها للتحالف والشرعية والانتقالي، خاصة فيما يخص اتفاق الرياض الذي أوصى باتخاذ عقوبات قادمة على المعرقلين أو أوحى أنه سيتم ذلك.

 

رابعاً: إيجابيات التقرير

 

هناك إيجابيات التقرير نسبتها ضئيلة جدًا وهي بعض المعلومات عن الجرائم والتي شملت انتهاكات حقوق الإنسان وتجنيد الأطفال والتهريب والاتجار بالمشتقات النفطية والعنف الجنسي ومحاولة الحوثي فرض أيديولوجيته بالقوة وغيرها.

 

كذلك بعض المعلومات عن السلاح الحوثي وتصنيعه وطرق التهريب البرية والبحرية التي تقوم بها إيران لصالح المليشيات وإن لم يكن أمرا جديدا أو غائبا عن المتابعات المكرورة.

 

خامساً: تقرير حمال أوجه

 

التقرير في مجمله حمال أوجه يجد فيه الجميع نقداً للجميع ويمكن أن يُستخدم جزء منه للهجوم على الآخر، وهو بذلك يفقد الموضوعية والمصداقية للجنة مهمتها الرئيسية مساندة قضية دولة وشعب وكشف الطرف المغامر والعمل على توصيفه كجماعة إرهابية أو انقلابية على أقل تقدير.

 

ومما يزيد التأكيد أنه حمال أوجه التقارير السابقة التي على نفس الشاكلة حتى إن تقريرا سابقا كتبنا عنه حينها سمى "عبدالملك الحوثي" ب"قائد الثورة" في تقرير للجنة في سنوات ماضية وهو دليل إضافي على أن مثل هذه التقارير أصبحت تخدم المليشيات وتزيد من إضعاف أي خيارات للتعامل معها عسكريا أو سياسيا.

 

أخيراً: جدوى التقرير

 

إن تقريراً بهذه الشاكلة مفترض أنه أحد المصادر الهامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ أي قرارات بشأن اليمن، يضع أسئلة كبيرة، عن آليات عمل اللجنة التي تعتمد على مصادر محلية منحازة غالبا وليس هذا بجديد.

 

ففي العام قبل الماضي كشفت تقارير صحفية فضيحة جورج خوري مدير مكتب المنسق العام للشؤون الإنسانية في اليمن، ورويدا الحاج مديرة الفريق التنفيذي للجنة الخبراء في اليمن المقربين من "حزب الله" في إعداد تقارير للجنة الخبراء في العام 2018 وبتنسيق وتعاون مع طاهر بوجلال أحد المقربين من الاستخبارات القطرية!

 

وأضعف ما في التقرير والنقطة التي تخدم المليشيات هو استعراض التقرير لجرائم الحوثي أو بعضها وبالمقابل أخطاء التحالف والشرعية والانتقالي وتحويلها إلى خطايا وجرائم موازية لما تقوم به مليشيات الحوثي. وهو بذلك يسحب بساط الشرعية ومشروعية التحالف والانتقالي في الدفاع عن الدولة والشعب اليمني.

 

وبلغة الشارع كأنها مضرابة وصدام وكل واحد يصلح سيارته وليس هناك أحد أفضل من أحد.

 

وخلاصة الأمر.. ليس هناك توصية مفيدة أو معلومة جديدة أو فائدة للقضية اليمنية من هذا التقرير، وأعتقد أن طريقه قد تم شقه كما سبقه من تقارير إلى سلة المهملات.. كما أن اللجنة تم إنهاء عملها.

 

صحيح أننا نحتاج إلى لجنة خبراء وإلى تحقيق دولي ولكن ليس على هذا المنوال والشاكلة. ذلك أن أهم مبادئ العمل الإنساني وقوانين حقوق الإنسان والأمم المتحدة هي الحفاظ على مكتسبات الشعوب في الحرية والعيش الكريم واستقصاء من يقوم بقتلها ومعاقبته.

 

وما لم ترق كل أعمال الأمم المتحدة وتقاريرها إلى هذا النموذج فإنها تظل منظمة عالقة في شباك الصراعات والمصالح الدولية وتوازنات السياسة.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس