الهوية الوطنية مظلة لكل اليمنيين

الاحد 16 يوليو 2023 - الساعة 12:51 صباحاً

الهوية الوطنية الجامعة هي المظلة التي يستظل بها جميع المواطنين اليمنيين، وهي التي تجسدها الدولة الوطنية كمظلة النظام والقانون والدستور، وكل هذه هي مظاهر الهوية الوطنية الجامعة، كهوية قانونية تعاقدية يحتمي بها الجميع. 

 

وحين انهيار الدولة وسقوطها، تصاب الهوية الوطنية بالضعف، وتنهار الهوية الكبرى، ويعود الناس إلى هوياتهم الصغيرة، مذهبية أو قبلية أو جغرافية أو فئوية. 

 

وحينها فقط تطغي الهويات الصغيرة على بعضها بعض، ويحدث تشظي المجتمع وتحلله إلى هويات صغيرة وأصغر. 

 

عندما يشعر الناس أن الوطن في خطر، وأن من يحمي الوطن لم يعد قادرا على ذلك، حينها يرجع كل واحد إلى أصله وجماعته الأصغر، فيعود المذهبي لمذهبه، والقبيلي لقبيلته، والقروي لقريته، نتيجة لأن الهوية العامة المشتركة الجامعة تعيش حالة تمزق وانقسام وتهديد بالزوال والتلاشي. 

 

تتحمل النخب السياسية والأكاديمية والثقافية المسؤولية الكبرى عن هذا المآل الذي آلت إليه اليمن اليوم، فعلى امتداد أكثر من نصف قرن مضى حصل تراخي شديد وتقصير كبير من قبل كل الأحزاب السياسية اليمنية في الحفاظ على الهوية الوطنية، وتجسيدها ثقافة وواقعا وسلوكا.

 

فقد ذهبت كل هذه الأحزاب والنخب السياسية لصراعات أيديولوجية عقيمة، خاضتها تلك الأحزاب ضد بعضها البعض، ما سهل للمشاريع الصغيرة وما قبل الوطنية من إسقاط الدولة اليمنية من داخلها، وبتلك الطريقة التراجيدية التي رأيناها. 

 

إن غياب المشروع الوطني لتلك الأحزاب مكن المليشيات من التمدد وملأ الفراغ، وملأ الساحات .

 

كما تحولت الأحزاب السياسية من عملها كوسائل للعمل السياسي والتنوع الثقافي والفكري في البلاد إلى مشكلة وطنية تساهم في تغييب الهوية الوطنية وإضعافها بإضعاف حاملها الوطني ممثلة بالدولة التي كان يفترض أنها تبقى بعيدا عن ساحة الصراعات السياسية والتراشقات الأيديولوجية. 

 

ومكمن هذه الإشكالية التي وقعت فيها معظم الأحزاب السياسية، هو أنها عاشت صراعا خارج إطار الحفاظ على الهوية الوطنية. 

 

فالإسلاميون إنشغلوا كثيرا بالمفهوم العام للإسلام والخلافة الإسلامية، وشغلوا الناس بهذه المفاهيم الكبيرة وفرطوا بالهوية الوطنية، التي تعتبر مرتكزا من مرتكزات الدولة الحديثة اليوم، والتي كان يفترض أن تكون الرافعة نحو وحدة عربية شاملة كواقع وليس كخيالات وأوهام وشعارات مجردة. 

 

ومثلهم ضل اليساريون مشدودين تحت شعارات العالمية والقومية والوحدة العربية الشاملة، وعجزوا أن يحفاظوا على وحدة اليمن ونسيج مجتمعاته القابعة تحت ويلات الفقر والتخلف والهمجية .

 

فبينما كان اليمن يرزح تحت حكم استبدادي متخلف، كانت المشاريع الصغيرة تشتغل على تفكيكه وتفخيخ وتسميم المناهج الدراسية والثقافية، وكل شيء بعد ذلك. 

 

حينها كانت كل هذه الأحزاب القومية واليسارية بمنأى عن هذه المعركة، بل وساهمت بشكل كبير في اختراق المشروع الوطني والهوية الوطنية بمثل هذه المشاريع الصغيرة، وتسللت عبر هذه الاختلافات كل مشاريع ما قبل الدولة الوطنية التي تسود المشهد اليوم، إمامة في الشمال، وانفصالا في الجنوب، وذلك بعد نصف قرن من تضحيات الحركة الوطنية اليمنية، التي أعلنت من فكرة الدولة الجمهورية الديمقراطية الموحدة، والتي لم يبق منها اليوم سوى الأطلال.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس